23 ديسمبر، 2024 4:03 ص

النخوة يسألون .. هل من منتخين

النخوة يسألون .. هل من منتخين

كنت ضابط ركن في رئاسة اركان الجيش يوم بدأ الإعداد لاستعراض الجيش الكبير ، وكنا مستغربون بالطريقة التي سيحظر فيها الرئيس صدام حسين الاستعراض ، كون اغتياله سيكون مؤكدا ان حظر وبطرق عدة منها الصواريخ الامريكية ، لذلك كان يتبع طرقا مبتكرة ومتجددة في كتمان اماكن تواجده والجهات التي يقصدها في حركته حتى على اقرب المقربين اليه ، ووصل الأمر الى ان حتى مقابلات المواطنين بحدود (200) مواطن اسبوعيا تجري في اماكن مختلفة ينتقل المواطنون بباصات مظللة تماما ، وقد يقابل الباص الأول في مكان ، والثاني في مكان آخر وغالبا ما تتم المقابلة فجرا .

كانت الممارسات جارية على قدم وساق دون علمنا بموعد الاستعراض ورغم الاستفسارات الرسمية عن موعد الاستعراض الا ان الاجابات التي ترد كانت غير دقيقة .. وفي يوم ما جاء توجيه ان تجري الممارسة غدا كأنها استعراض لأنها ستصور كاملة ويعرض التسجيل على الرئيس ليرى درجة الاستعداد ليقرر بضوئها موعد الاستعراض .

صباح اليوم التالي تبلغنا بوجود باص داخل الوزارة ينبغي ان نستقله بالأسماء ، صعدنا للباص المضلل وانزلونا في ساحة الاحتفالات في المكان المكتوب عليه (كبار الضباط) ووجدنا الرئيس حاضرا في المدرجات المخصصة له ، وبعد ان تكاملنا نحن والبعثات الدبلوماسية الاجنبية ، والنساء ،وغيرهم ، وكلهم عرفوا بالاستعراض بعد نزولهم .. تجول بين الجميع لألقاء التحية ، وبدأ الاستعراض ، وكانت الكراديس تمر امام المنصة ، وهنا مر كردوس يجعلك ترتجف حيث لا يوجد بينهم من عمره اقل من نصف قرن الا ان سيرهم وحماسهم كان مميزا .. انهم الضباط والمراتب المتقاعدين الذين تم دعوتهم لتدريب الشعب المعروف (دون مقابل) .. هنا نهض الرئيس وصفق لهم بحرارة وصفق الحضور بحرارة اشد .. وطبعا لم يكن هناك نقل حي بل تم عرض الاستعراض بعد ساعات ست على انتهائه

هؤلاء الشياب الاشاوس فيهم البعثي والمستقل لبوا النداء لتدريب الشعب بروح وطنية لا علاقة لها بالسياسة والاحزاب .. بعد ربع ساعة تم اعلان امر القائد العام من خلال مكبرات الصوت بإعادة (مدربي النخوة) الى الخدمة (دائرة مدربي النخوة) … هذه هي قصة النخوة الساخنة للذين ظلمتهم وزارتهم الدفاع ومعها المالية واعتدت على حقوقهم التقاعدية .

باختصار شديد اقول انهم عادوا الخدمة بقرار من مجلس قيادة الثورة وتمتعوا بكافة الحقوق التي تمتع بها اقرانهم في الخدمة واعيد احتساب رواتبهم ، والغيت هوياتهم التقاعدية وصرفت لهم هويات الخدمة وأضيفت لهم خدمة (5) سنوات فوق السن القانوني ، وأحيلوا الى القاعد بموجب الأمر الديواني في 28/12/2005 .. والأهم من كل ذلك ان صندوق التقاعد عاد ليستقطع منهم التوقيفات التقاعدية خلال السنين التي عادوا فيها الى الخدمة ، وهذا هو المعيار الدولي الاساس في استحقاق الحقوق التقاعدية حتى في قبائل الزولو ، وينص قانون التقاعد الموحد على ان ((الموظف كل شخص عهدت اليه وظيفة مدنية او عسكرية … وتستقطع منه التوقيفات التقاعدية )) وبالتالي هم كانوا موظفون قانونا .

اقول للأخوة المصرين على عدم تنفيذ القوانين دون وجل من الجبار المتكبر ولا من القانون .. ستدفعونها يوما مع المتراكم ونشكركم على توفيرها لأخوتكم من مدربي النخوة ، والشكر موصول للسيد رئيس هيئة التقاعد السابق وللسيدة رئيسة القسم القانوني للهيئة .. اتحدث بقوة القانون وليس بمزاجيات وهواجس وضغوطات وصفقات كما تفعلون .