7 أبريل، 2024 3:43 ص
Search
Close this search box.

النخلة العراقية بين عشق الامس وعقوق اليوم

Facebook
Twitter
LinkedIn

لاشك ان التاريخ والجغرافية العراقية على مر العصور ضلا ملازمين لصرح الاهي طبيعي وجده الإنسان العراقي على أرضه وقدم له كل عناصر الدعم ذالك عندما وجد ان الترابط بينه وبين هذا الصرح العملاق ترابط مصيري متلازم ووجد الإنسان العراقي ضالته الأولى عند هذا الصرح ومرا الإنسان وهذا الصرح بأفراح وأتراح الوطن فعند النكبات يمرا الاثنين بنفس الحزن والأسى لتلك النكبة وعند الأفراح يفرحا معا (انها النخلة العراقية الشماء التي وجدت على رسوم الإنسان العراقي القديم في أكثر من موقع وفي أكثر من حفرية من حفريات التنقيب عن التاريخ المضيء للإنسان والوطن العراقي.
حتى بات يعرف العراق بأنه بلد النخيل والنخلة وجدت كشعار له مثله مثل باقي دول العالم التي وضعت منتجاتها القومية والتي تتميز بها شعار لها على مسكوكاتها وعلى وثائقها الرسمية وطوابعها الحكومية لتلك الدولة .
ان الاجواء العراقية ونوعية التربة العراقية من أهم العناصر التي أدت الى نجاح وبقاء هذا النوع من الاشجار وتفوقها من حيث النوعية ومقاومتها للظروف الجوية على باقي دول العالم والتي يوجد فيها النخيل ولكن ليس بمستوى النوع والكم للنخيل في العراق.
وتميز بلد النهرين بعدد نخيله الذي يفوق رقميا على كل دول العالم المجاورة ولوقت قريب ووصل عدد نخيل العراق أكثر من (25)مليون نخلة ذات أنواع وأصناف متميزة حتى يصل عدد هذه الأصناف الى العشرات وهي ذات أنواع جيدة ومحترمة بمكوناتها الغذائية ودخولها في الكثير من المجالات الصناعية .
ولعل النخلة العراقية وتمورها المتميزة تعتبر أهم انواع الفواكه من حيث نوع العطاء وجودته ووصل أنتاج العراق من التمور الى حوالي (500)الف طن سنويا .
وأهم ميزات النخلة العراقية عطاءها الوفير مقابل خدمة متواضعة تقدم لها من الفلاح وهي كذالك كحاضن او غطاء لبعض بساتين الفواكه والتي تزرع تحت ضلال بساتين النخيل لحماية تلك الأشجار من الرياح الباردة او ارتفاع درجات الحرارة كما هو الحال لأشجار الحمضيات والفواكه الأخرى كأشجار العنب والتين والمشمش للنخلة العراقية ومنذ زمن بعيد فائدة كبيرة فهي عبارة عن كتلة من العطاء من سعفها الى جذرها ..والنخلة في حياة الإنسان البسيط صديق وفي ودائم له في كل ظروفه حيث تعطيه الغذاء والسكن والظل والمساومة ببيع ما تجود له هذه النخلة بأشياء يحتاجها في حياته اليومية البسيطة..
والنخلة شجرة مباركة جاء اسمها في القران الكريم عندما خاطب الباري مريم
( وهزي إليك بجذع النخلة تساقط عليك رطبا جنيا) صدق الله العلي العظيم
وقال رسول الله فيها (ما جاع بيت فيه نخلة) صدق رسول الله
بالإضافة الى ما تحدثنا عنه فهي تدخل وبجدارة عطاءها في الصناعات الشعبية للعائلة العراقية ومنذ مئات السنين من سلال ومفارش وأسرة وأواني ووقود للطبخ..وتعتبر اليوم من أهم وأرقى الأشجار العراقية وهي ايضا ذات خاصية منع التصحر بسبب تشابك جذورها وامتداد تلك الجذور الى أعماق بعيدة في الأرض تصل أحيانا الى عشرات الأمتار للنخلة الواحدة وهي ممتدة في مساحات تساعد على تماسك التربة وتحافظ هذه الجذور على رطوبة التربة في تلك الأعماق كون الجذور تمتص المياه والعناصر الغذائية من أعماق الأرض والنخلة الشجرة الوحيدة بين الأشجار التي تأخذ غذائها من التربة فقط وليس لها أوراق تصنع الغذاء كما هو معروف بطريقة التركيب الضوئي ..
وطريقة التكاثر لهذه النخلة فهي بسيطة جدا فالنخلة بمجرد ان ترتفع عن سطح الأرض وبعد مرور اقل من عام واحد تخرج مع الشجرة الام فسائل تحيط بالأم وتتجاوز الاثني عشر فسيله والتي يمكن غرسها وزراعتها لتعطي نفس صنف إلام من الثمر وهي ميزة قلما تجد شجرة لها نفس هذه الميزة .
لا تحتاج النخلة العراقية لجهد كبير لتعطي للفلاح الثمر فهي لا تريد الكثير من العناية وذالك لأنها تتميز بقوة المناعة لمواجهة الإمراض والظروف الجوية القاسية.
ما على الفلاح الا صعود النخلة مرة واحدة في موسم اللقاح وهذه المرة كفيلة بعدها بان تقدم للفلاح الثمر من التمور. وتنظيف النخلة مرة واحدة كل ثلاث سنوات يعطيها الشكل الجميل والصورة الشامخة لجذعها والنخلة العراقية معروفة بشموخها وعنفوانها ..
النخيل في العراق ثروة قومية كبيرة ومهمة جدا وهي ذات مردود مالي جيد خاصة اذا كان هناك اهتمام بمحصولها صناعيا .طور العراقيين ومنذ زمن بعيد الصناعة الخاصة بالتمور ووجدت المعامل في العراق لتعليب التمور العراقي وتصديرها الى الخارج يوم كان العالم يفتقر لهذه الثروة وكانت التمور العراقية تجد مكانها المتميز وذات السمعة الجيدة في الأسواق العالمية وحصدت التمور العراقية على الجوائز التكريمية عالميا في الكثير من المعارض التي أعدت لتطوير التمور ..ويصل الكيلو الواحد من التمور العراقية في بعض الأسواق الأجنبية إلى أكثر من (20)$ وتعرف التمور وتعرض في أرقى المحال العالمية.
اليوم نرى هذه النعمة العراقية والتي كانت في بعض الأزمان نصير للفقير والجوعان كونها متوفرة بكثرة وبأسعار زهيدة يستطيع الفقير شراءها ناهيك عن ان كل عائلة توجد في باحة دارها اشجار النخيل وهي كذالك داعية للطيور المهاجرة ,,,
اليوم وياللوعة أصبحت هي الفقير والمهاجرهة عن وطنها العراق بسبب عزوف الفلاح والابتعاد عنها وأعطائها ظهره لها وكذالك عدم تعويض النخيل التي مات بسبب عمره وعدم زراعة أشجار من النخيل مكانه وتعرض النخيل في العراق مثلما تعرض له المواطن العراقي من ماسي بسبب عبثية السياسات الحربية للحكومات العراقية وعدم الاهتمام بهذه الثروة القومية فالحرب بين العراق وإيران مات الإنسان العراقي واحتضن النخلة العراقية لتموت معه بسبب القصف المدفعي ودفنا في ارض واحدة ماتت الملايين من أشجار النخيل ذات الأصناف الجيدة في مدن العراق مثل البصرة وميسان وديالى والكوت نتيجة ذالك القصف المدفعي
وكذالك جرف النظام البائد الملايين من هذه الأشجار وأزالها من الوجود لمعاقبة المواطن الذي ثار بوجه النظام ايام الانتفاضة الشعبانية المباركة ,,
وللآفات الزراعية مأخذ وتأثير كبير على النخلة العراقية مثل افة الدوباس والحميرة وحشرة النخيل …
بساتين زاخرة تسر الناظر بنوعها وعطائها أزيلت من الوجود كما حصل ذالك في بابل وكربلاء وواسط والبصرة والناصرية…
واليوم أصبح الإنتاج العراقي من التمور قليل جدا وذات نوعية رديئة وليس هناك اهتمام بتعبئتها مما جعل بيعها وتصديرها بأسعار رخيصة مقارنة بأنواع التمور للدول المجاورة والتي تباع تمورها بأضعاف الأسعار التي تباع بها التمرة العراقية …وأحيانا ان هذه الدول المجاورة هي التي تستورد بعض من الأصناف العراقية الجيدة وتدخلها في معاملها التعليبية وتعيد تعبئتها وتسميها باسمها بعد ان تزيل اسم العراق منها وتباع بعد ذالك بأسعار عالية…
اليوم اصبحت النخلة العراقية الرمز..تعاني من الاهمال حالها حال الزراعة العراقية واصبحت دول عربية خليجية تتفوق على بلاد النخيل ونوعها مثل الامارات والسعودية ومصر والجزائر وغيرها من الدول الأخرى التي استوردت الفسائل من العراق وطورتها وحسنت اصنافها.. لماذا يجري كل هذا لخالتنا النخلة كما يسموها العراقيين تلك الشجرة واكبت الخير والشر السراء والضراء للمواطن العراقي تلك النخلة التي بكت مع العائلة عند رحيل احد ابنائها تلك الشجرة التي ترمى بحجر لتعطيك ما تريد وهي فرحة اختفت النخلة اليوم .من ضفاف الانهار وابتعدت عن اهلها الذين عافوها واصبحت البساتين مهجورة منها ومن راعيها ..
واصبحت قطعان الاغنام والبقر تنام تحت الشمس بعد ان ذهبت من يفيء لها ويقيها من حر الشمس وقت الاجترار ..
اليوم اصبح العراق يستورد التمور من ايران والسعودية ايعقل هذا ونحن اهل النخيل لابد من ان يوجد برنامج زراعي تشرف عليه الحكومة العراقية لانقاذ النخيل من الانقراض في العراق
مع العلم ان طريقة التكاثر الجديدة سهلة وبسيطة ولا تحتاج الى عناء كبير ومختبرات متطورة ..فقط يؤخذ قلب النخلة (الجمار) ويقشط منه جزء يسير ويحتضن في انية تحتوي على العناصر الغذائية المتكاملة تعطي لك شجرة صغيرة تحمل نفس مواصفات الام ..
انها النخلة يا سادة !!
انها رمز العراق!!
انها امثولة الوطن !!
الم تسر النخلة العراقي القادم من الخارج بمجرد ان تقع عينه عليها لابد وللأسف انكم لم تسروا يوما عندما لا تشاهدون هذا المخلوق ذو العطاء الثر ..
ارحموها تعطيكم الكثير!!
وتملا خزائنكم ذهبا !!
الم يكن التمر واللبن من اجمل العادات العراقية عندما تقدم للضيف بالآنية العراقية (الطاسة) ويكترع اللبن ويأكل التمر والضيف مسرور …
لماذا أختفى كل هذا ؟؟؟

yahoo.com

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب