23 ديسمبر، 2024 7:45 م

النخبة وظاهرة الازدواجية !

النخبة وظاهرة الازدواجية !

روى لي صديقي الحكاية التاليه : ( في سبعينيات القرن الماضي ‘ كنا طلاب في كلية الأداب ‘ قسم الأدب الكردي ‘ وكان لنا أستاذ  ذي فكر ماركسي حتى النخاع كما يقولون  ‘ ذهبنا معه في سفرة جامعية إلى بحيرة الحبانية ‘ وفي عصر ذلك اليوم ركبنا معه في قارب بجولة في البحيرة ‘ ونحن في عرض البحيرة ‘ روى أحدهم نكتة ‘ذات مضمون يعتبر في العرف الإجتماعي بنوع من (الكفر!) ‘اكمل النكتة وضحك الجميع ‘ وفي هذه الاثناء أستدار القارب بشكل مفاجئ وسريع بحيث كاد ان يسقط البعض منا ‘ فما كان من الاستاذ الماركسي بعد أن أعتدل وضعنا إلا أن وبخ بجد وبعصبية واضحة الطالب الذي روى النكتة ذات المضمون قائلاً : (شفت الكفر مالك شسوه بينا …؟ هم زين ألله سترنا …!!)  ‘ أتذكر هذه الحكاية كلما أرى أو أسمع عن ظاهرة إزدواجية نخبنا المتلبسة بثوب (علماني على يساري على ليبرالي ) وعندما يواجهون أي إنعطافة حادة ‘ عامة أو خاصة تراهم يعودون وبسرعة غريبة إلى إنسجام مع عمق الجهل في التأريخ دون أساس أو منقطع عن  النور في نفس التأريخ !! وإذا بحثت في صفحات الانشطة الجارية الأن في مسارات التغييرات الجارية في : العراق ‘ مصر ‘ تونس ‘ ليبيا ..ألخ ترى العجب من هذه النماذج (إزدواجية ) لليساريين و علمانيين وليبراليين حتى لو كان في أشكال متباينة (حيث هم يختارون تصرفهم حسب تيار الغالب في مجتمعاتهم ومدى إرتباطهم بنخب خارج الارادة الوطنية !!) ‘ ولكن في النتيجة تؤدي تصرفاتهم إلى تقوية شوكة الجهل وتعثر عجلة التغيير ‘ فمثلاً في العراق وألان ترى كثير من الخبراء العلمانيين ومن شيب رأسه في خدمة اليسار من لينين المسكين إلى جيفارا الضحية ولكن الأن له صولات في إعطاء إستشارات (أكيد غير مجانية) للتيارات الدينية رغم أن هذا التيار يكفر كل خطوة تؤدي إلى أرساء أسس المدنية في المجتمع ‘ ولكن ترى نفس النخبة في مصر تدعو وبالعنف لـ (تعري) كل شيء لتستفز كل خطوات من متدينين حتى لو لم يتصرف بمنع حريات المجتمع في إختياراتهم اليومية على الأقل ! وبذلكَ (ومن حيث يعلمون !! ) أن الطرفين يقوون التطرف الديني وبذلكَ يغلقون الباب أمام فرصة بناء مجتمع إعتدال يكون همه البناء وليس صراع طرفين فيه يحكمهم التعصب بحيث لايرون وبوضوح  أن تخلف الخطاب الديني، هو الوجه البغيض لتخلف الخطاب السياسي، كذلك فإن الاستبداد السياسي يوازيه الاستبداد في الفكر الديني ،
معروف ان الوعي في أي مجتمع يتناسب طرديا مع الخصائص الايجابيه الموجوده في ذلك المجتمع وعكسيا مع الخصائص  السلبيه ‘ ولأنه وكما نؤكد في كثير من المناسبات المتعلقة بوضعنا لإجتماعي في جانب الوعي أن نخب في مجتمعنا تهمه مصلحته قبل اي خطوة للتقدم الإجتماعي يتصر ف بشكل مزدوج بإنتضار ظهور بوادر مدى إنسجام أي تغيير مع مصلحته النخبوية (أن كان ذوتوجة ليبرالي او ديني )من هنا تراهم لا يهتمون بأي توجه يؤدي الى زيادة الوعي الإيجابي ‘ لعلمهم ان المجتمع الواعي  يتجه لبناء نظام سياسي متحضر يتناسب مع وعيه ، وبذلك يبدء مسيرته نحو تحقيق الرؤى والامل في التطور ‘ لذلكَ ترى أن المزدوجين يستطيعون وبسهوله غريبة الانسجام مع نتائج كل إنعطافات مهما تكون حادَة وتبقي مجتمعاتنا هي الضحية في كل الحالات ( السكون !) و (الفوران ) ….!