23 ديسمبر، 2024 10:14 ص

الجمود والتعصب والتكلس ،مظاهر تهبط بالشخصية الى منحدر سحيق .
اننا اليوم – في الألفية الثالثة – وفي عالمٍ يمور بالحراك الشعبي، الذي يرفض رفضاً قاطعاً ، كل اشكال الاستئثار بالسلطة ، واعتبارها مغنما خاصاً لجهة سياسية بعينها ،على حساب باقي المواطنين بكل تلاوينهم وانتماءاتهم المختلفة .
ويبدو أنَّ القشرية بلغت حدها الأعلى عند الشيخ (يوسف القرضاوي) فأغمض عينيْه ، وأصم أذنيْه عن مارددته الملايين الغاضبة من الشعب المصري بحق الرئيس المعزول (محمد مرسي) بعد أن طفح الكيل، وضاقت بانحيازه الشديد الى حزبه، فأصدر فتواه المغموسة بتأييد (مرسي) واعتبار انتخابه (بيعة شرعية) لايجوز نقضُها ….
ان المصريين لم ينتخبوا (مرسي) ليُهمشهم ويُقصيهم من دائرة اهتماماته، التي انحصرت بحزبه وأنصاره ، وأهملت الآخرين .
انهم انتخبوه ليكون رئيساً لمصر كلها وليس لفريق معيّن منهم .
وحين خالف (مرسي) ماهو المطلوب منه ، لم يكن ثمة مناص عند المصريين من عزله واجراء انتخابات جديدة ..
ان الانحياز (لمرسي)، وضرب الارادة المليونية المصرية عَرْضَ الجدار ، انما يكشف عن عقلية، لم تستطع ان تفهم حقائق الموقف، وما يجري على الساحة بشكل صائب سليم .
ربما كانت تلك الفتوى العجيبة ، بدايةَ الخَرَفِ ، فقد ناهز القرضاوي السابعة والثمانين ..
وربما كانت اضافةً الى ذلك ، انبطاحاً أمام رغبات الأسياد ..!!
وعلى كل حال ، فان الفتوى الباردة لم يعبأ بها أحد ، لأنها استندت الى الهوى وابتعدت عن تحكيم الموازين الشرعية والسياسية والحضارية …
وقد انطفأ الوهج الذي كان محيطاً بالقرضاوي ، على غير استحقاق، ردحاً طويلاً من الزمن .
وهكذا اقترب من النهاية البائسة
والمهم :
ان (القرضاوي) لم يستطع اقناع أقرب الناس اليه بفتواه المذكورة.
اسمعْ وَلَدَهُ عبد الرحمن ماذا قال له ، في رسالته التي بعثها له بعد اصداره فتواه :
(( صدقني يا أبي الكريم الحليم (…)
لو طبقنا ما كتبتَهُ في كتُبِكَ عن الأمة والدولة ، وعن فقه الأولويات وفقه الواقع ، وفقه المقاصد ، وعن الحرية التي هي قبل الشريعة ، كما علمتنا ، لكنتَ أول الداعين للثورة على مَنْ ظَلَم ،وخان العهود والمواثيق ، وأفشى أسرار الدولة ، وزجّ بمخالفيه في السجن بتهمة اهانته ،ولم يترك لهم من الحرية الاّ ما كان يتركه لهم مبارك :
قولوا ما شئهم ، وسأفعل ما أريد “
واذا كان الشيخ عاجزاً عن اقناع ابنه بفتواه ، فكيف يقنع الآخرين؟!!
ان الفارق بين الولد والأب هو الفارق بين من يعيش عصره ، -بكل مافيه من سلب وايجاب ، وأخذ ورد ، ومتغيرات ومعطيات – ….
وبين من يعيش في عالمه الخاص مسكوناً بتصوراته الخاصة محفوفة بالأوهام .
 ولامكان بعد اليوم لتلك الفتاوى الداكنة والعقول الآسنة .
 
[email protected]