النجاح وكلام الناس

النجاح وكلام الناس

كثيرون هم الذين، حين تقع أعينهم على شابٍ متألق، أو مشروعٍ متقن، أو إنجازٍ لافتٍ يستوقف الأبصار، لا يتريّثون في إصدار الحكم السهل، المريح نفسياً، القاتل للهمّة:
“أكيد عنده واسطة!”
“لابد أن هناك من يسنده!”
“نجاحه ما جاء من تعبه!”
لكن مثل هذا الكلام – في جوهره – ليس سوى وسيلة دفاعٍ نفسيّ، نداوي بها شعورنا بالعجز، ونُخدّر بها وخزات التقصير.
فنحن – حين نُعلّق نجاح الآخرين على شماعة الظروف – نُعفي أنفسنا من عناء السعي، ونُبرّر استسلامنا للكسل والخمول.
وإني، من واقع التجربة والتأمل، أقولها بصدق:
النجاح لا يهبط صدفة،
ولا يزهر في أرض الخمول، بل هو ثمرة تعبٍ مستمر، واستعدادٍ جاد، وتعلّمٍ لا يعرف التوقف.
صحيح أنه من السهل أن نُردّد:
“الدنيا تمشي بالواسطة!”
لكن الأصعب – وهو الصدق بعينه – أن نسأل ذواتنا بجرأة:
“ما الذي فعله هذا الناجح ولم أفعله أنا؟”
“وأيّ مهارةٍ أتقنها ولم أسعَ لتعلّمها؟”
نحن اليوم نعيش في زمنٍ وفير الفرص، شحيح الأعذار.
زمنٍ لا يُنتظر فيه النجاح أن يطرق الباب، بل يُصنع صنعاً، ولا تُطلب فيه الوظيفة فحسب، بل يُبنى فيه الطريق مِترًا مِترًا،فليس عيباً أن تُحرم الفرص، ولكن العيب أن تأتيك الفرصة وأنت غير مستعدّ لها.
إنّ النجاح يبدأ من الأعماق، من الإيمان بالذات، من الاستعداد للكدّ والسعي.
فلا تجعل من انتقاد الناجحين سبباً لعجزك، بل اجعل من تألقهم شرارةً تُشعل عزيمتك، وتوقظ فيك الطموح.
وختاماً،
إذا رأيت ناجحاً، فقل:
“بارك الله له، وسأجتهد
كما اجتهد.”
فلعلّ حكايته أعمق من ظنونك، وكدّه أشقُّ مما تتصور، وأمله أوسع من تفسيرك الضيّق.

أحدث المقالات

أحدث المقالات