18 ديسمبر، 2024 4:44 م

النبي محمد {ص} والغدير والخلقة التكوينية

النبي محمد {ص} والغدير والخلقة التكوينية

يقول علماء الاجتماع: عرف عن الانسان انه مدني الطبع لا تنتظم حياته الا بوجوده ضمن مجتمع يعيش فيه . وهذا النسق المجتمعي لا بد ان يوجد فيه تفاوت في المزاج والتفكير والقوة,  من هنا الرابطة الانسانية التي يعلنها الاسلام بكل صراحة ويطبقها في كل تشريعاته ، تميزه عن بقية الاديان والعقائد في الاهتمام بكرامة الانسان واشباع حاجاته الاساسية ، فيصرح القرآن في قوله:( يا ايها الناس انا خلقناكم من ذكر وانثى وجعلناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا ان اكرمكم عند الله اتقاكم ) . فالتفاضل الالهي بين الافراد يستند ـ في الاصل ـ على الجهد البشري في العمل الاجتماعي والصفاء الروحي والشخصي للفرد ، وهو حق الطاعة للخالق تعالى .

والحكمة تقتضي وجود من يحكم بينهم بالعدل, يرجعون اليه عند اختلافهم ,يقضي بينهم بالحق ويعلمهم ما يجهلونه ليثبت النظام والسلم الاجتماعي . وقد بين الامام امير المؤمنين {ع} نموذج الترابط الاجتماعي من خلال وصيته الى مالك الاشتر [رض] يقول الإمام[ع]: «النّاسُ صِنْفانِ إمّا أَخٌ لَكَ في الدِّيْنِ، أو نَظِيرٌ لَكَ في الخَلْقِ». وتلك حكمة غاية في احترام الذات الانسانية وهي اصل نظرة من يتولى قيادة الناس لتنظيم امورهم . ولولا هذا الرئيس بينهم لاختل النظام الاجتماعي.

وتصبح الدنيا  يحكمها القوي والجاهل, وهذا يؤدي الى العبث . والعبث لا يصدر من الله الحكيم , فاقتضت الحكمة الإلهية إرسال الأنبياء للناس لما في ذلك من مصلحة العباد:فوجود  النبي ووجود الامام المعصوم الذي رتبه الله لاقامة عدله هو منتهى الحكمة واللطف.لما في ذلك حاجة الناس إلى العدل: قال تعالى: ﴿لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمْ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ ) وانفرد احد المفسرين ان المراد في الآية ان القسط في المعاملات،في حين ذهب سائر المفسرين أنّ المراد مطلق العدالة الاجتماعية، وفي كافة الأصعدة والمجالات،حتى العدالة الاقتصادية. كذلك تعليم الناس: يقول تعالى: ﴿كمَا أَرْسَلْنَا فِيكُمْ رَسُولاً مِنْكُمْ يَتْلُو عَلَيْكُمْ آيَاتِنَا وَيُزَكِّيكُمْ وَيُعَلِّمُكُمْ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُعَلِّمُكُمْ مَا لَمْ تَكُونُوا تَعْلَمُون﴾.وانتهت الشرائع برسالة محمد{ص} الذي كمل الدين بتنصيب امير المؤمنين {ع} يوم غدير خم بقوله تعالى:{ الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا} ونزب قوله تعالى:( يَأَيهَا الرّسولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْك مِن رّبِّك وَإِن لّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلّغْت رِسالَتَهُ وَاللّهُ يَعْصِمُك مِنَ النّاسِ إِنّ اللّهَ لا يهْدِى الْقَوْمَ الْكَفِرِينَ)..

فكان وجود الامام لطف من الله . وتصرفه لطف .. وعدمه منا . لاننا نحن من حدد تصرف الامام من خلال عدة تصرفات ضده. فم ارسله الله للناس اوجب على الناس طاعته. ومن نصبه الله اماما وخليفة ليحكم بين الناس وامرنا بطاعته . انما تلك الطاعة هي عين الطاعة لله. عن الإمام علي ( ع) : قال رسول الله ( ص) : شركائي الذين قرنهم الله بنفسه وبي وأنزل فيهم : * ( يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول ) * ، فإن خفتم تنازعا في أمر فأرجعوه إلى الله والرسول وأولي الأمر ، قلت : يا نبي الله ، من هم ؟ قال : أنت أو لهم . والحمد لله رب العالمين .