كلكامش العظيم، والذي آمن بالخلود ليس لشخصه، ولكنه اراد ان يبعث رسالة الى لاحقيه عبر السنين، ان العشبة هي الاصالة، وان من سرقها اعتمد منطق القوة والدهاء، وان المكان المناسب، قد نسي كرامته، وتنازل عن شخصه المناسب.
رحلة كلكامش التي غاص بها بحور الجمال، ربما لم تكن بعيدةً عنه، ولا تحتاج لسفر او متاع، فالخلود لا يوجد الا في اسرار الجمال، واللوحات المنقطعة النظير من الاماكن الساحرة، والتي تخطف الابصار والافئدة، ف أين تقع يا ترى؟.
اول حرف في التاريخ، اول قانون للبشرية، اول مجلس حكم عادل، اول نظام ديمقراطي، اول حزمة اصلاحات لتحقيق طموحات الشعوب، اول مدرسة، واول مكتبة، اول شعر، واول مسيقى لترانيم عاشق، اول المحكمات، واول العاشقين والعاشقات، ماذا اعد؟، وكيف احصي ما تعجز عنه المفردات، انها حضارة وادي الرافدين اور، اريدوا، و الوركاء، واهوارها.
منبع التراث والاصالة، لشيء عجاب ان يتم التصويت عليه! لا بل تأخر كل هذا الوقت عن التراث العالمي، اي تراث هذا، واور رمز للحضارات والاديان، والعمق الحضاري الذي تعجز البشرية ان تمتلك مثله.
اليونسكو انما الاهوار لجنان الله على ارضه صرح الكتاب المقدس ام لا، وذلك الطير الفريد شاهد في سمائه، وقصبه شاهد على تدوين حقبه وازمنته، وذلك الرجل الجنوبي، هو الوحيد الذي يحل احجيته، وتراب اور هو مداد العصور، للتطور على مدى الازمنة والدهور، وسلم زقورته يخفي تجاعيد شعوب لا تعرفها امم لا تملك قلنسوة حضارة.
فاليعانق الناي ترانيم عشتار، وحروف گوديا، وصلابة كلكامش، ويطلق انفاس الحب، والخلود، من بين القصب والبردي، وتراب حجارته، ويلامس تعرجات ماءه، من بين خطى ”مشحوفه” وهو يمد راحته الى راحتي نساء الهور، ورجال البردي، ليرسم الجمال على كهل السنين، صبي الروح، أور، الوركاء، أريدوا، واهوار جنوب العراق، التراث العالمي هو لك، وقلادة تشرفينها بأنظمامك له.