هُوَ : محمد مهدي مبارك ، ناقد و كاتب مفكر . ولد عام 1939 في مدينة الحلة بمحافظة بابل . يحمل شهادة بكالوريوس في الأدب الانكليزي . تقلد مسؤليات اعلامية عديدة في الاذاعة والسينما والمسرح . ويُعد واحداً من خبراء الثقافة في القطر . إختار نقد الشعر ، لأنه – كما يرى متابعوه – وجد موضوع النقد أقرب إليه . وتقول المصادر ذات الصلة : بدأ مبارك ، عام 1960 ، بالكتابة في موضوعات الشعر وعلم الجمال و الفلسفة ولاسيما (الفلسفة العربية والاسلامية) . و اصدر أكثرَ من عشرة كتب ، منها : (دراسة عن الكندي ، فيلسوف العقل) و(دراسات نقدية ) و(نظرات في التراث ) ، ساهم بتأسيس إتحاد الأدباء ، واشتركَ بدراسات في اكثر مؤتمرات اتحاد الأدباء العرب .
لقاءٌ في الامارات
كلانا لم يؤسس لعلاقة مباشرة ، رغم عملنا تحت خيمة الاعلام والثقافة منذ نهاية ستينات القرن الماضي . وفي أوراقي قرأتُ :
صيف عام 1980 ، كنتُ في زيارة عمل لدولة الامارات العربية المتحدة . ربما كان ذلك في شهر تموز من ذلك العام . كانت إقامتي في مدينة أبو ظبي . وَكان باستقبالي هناك رجل الأعمال العراقي ، صاحب شركة لتوزيع المطبوعات الاستاذ عدنان راسم . كنت قد تعرفتُ على هذه الشخصية من خلال تعاقده مع (دار الثورة ) العراقية لتوزيع جريدة الثورة . وذات مرة طرح الاستاذ راسم أن نحضر فعّالية ثقافية تُقام في المركز الثقافي هناك . ومع المقترح نصحني بأن أنزع رباط العنق و السترة والبس السفاري . و اذا لبستُ (الصندل المشبك) بدل الحذاء (يكون احسن ) برأي راسم . ونفذتُ مقترحاته .
الشاعرة الموهوبة
في المركز الثقافي (وعلى ما أتذكر كان يحمل اسم السوداني لأنه عائد للجالية السودانية بالامارات) كنت والسيد عدنان راسم ، أمام هذا المشهد : على منصة الالقاء كان المتحدث ومدير الأمسية الأديب محمد مبارك مدير الثقافة في أبوظبي .
وتدفقت الكلمات من فم الأديب محمد مبارك أخّاذة موسيقية ، وتضمنت تعريفاً بالسيدة التي ستتحدث في هذه الأمسية . ختمها بالقول : والآن أترككم مع الشاعرة العراقية الموهوبة .
حينها صعدتْ الى منصة الحديث ، سيدة أنيقة ، جميلة القوام ، محملة بالجاذبية ، ترتدي (الهاشمي) العراقي . وكانت تلك السيدة الشاعرة لميعة عباس عمارة . وتجولت الشاعرة مصطحبة جمهورها في حدائق شعرها ، تقطفُ لهم من حديقة الشعر العربي الفصيح والعامي ، الكثير من الزهور العطرة . أسمعتْهم قصيدة : بغداد قيثارتي البابلية ، وأرسلت مشاعر حب الى نهر دجلة عبر قصيدتها : رَدِّيْتلَكْ يا نهر .. وقالت في قصيدة لها :
أنا بنتُ هذا الشعب
من أفراحه أفراحي
ومن أحزانه أحزاني
وصديقي الجائع والحافي
وكانت الأمسية مناسبة لأقامة صلة مباشرة ، مع : الناقد الأديب (الحلي) محمد مبارك والشاعرة لميعة عباس عمارة .
في اليوم التالي ، زرتهُ في مكتبه حيث يعمل في وزارة الثقافة الأماراتية . وكان عطر الأمسية يعبق في فضاء المكتب . سلمني الأديب محمد (كاسيت) ، شريط مسجل للأمسية ، وودعته شاكراً . وكان سماع الشريط تكراراً قد مكنني تقريباً – من حفظ وقائع الأمسية .
ويبدو أن محمد مبارك قد عاد للعراق ، اذ كنا نلتقي – من حين لآخر – في شارع المتنبي ببغداد .
عام 2007 ، إنتقل الأديب الحلي : محمد مهدي مبارك الى جوار ربه . رحمه الله .