حينما لا تستطيع الدولة احتكار العنف ، وتطبيق القانون ، يعني ذلك اننا في غابة يأكلالقوي منا الضعيف . وحينما يكون السلاح هو الحكم بيننا يعني ذلك اننا لم نَعد اخوة ولم تجمعنا المشتركات الانسانية او الوطنية ولم تظللنا خيمة الوطن ، فقد وقع السيف بيننا فاصبحنا. مِلل واقوام .
وما دامت السيادة تتحكم بها البندقية المنفلته فلا يمكن ان نطلق مصطلح الدولة على بلدنا ، فنحن في مساحة اللادولة مهما تمشدقنا بالوطنية ورفعنا اعلام وطننا اوانشدنا موطني …. موطني الجلال والجمال والسناء والبهاء في رباك في رباك …. .
فلا جلال ولا جمال وسناء ولا بهاء ورائحة الدم تفوح من ساحات مدننا ، ولا حياة ولانجاة مادامت العصابات والمافيات تتحكم في حياة شبابنا ليسقطوا واحداً تلو الاخر بأيدٍ آثمة.
ولا حديث عن المواطنة وقواتنا الامنية عاجزة عن ايقاف الخارجين عن القانون ، المحتمين بعباءة الزيف .
فالمواطنة تعني العضوية الكاملة في مؤسسة الوطن ، فليس هناك مواطن درجة اولى ومواطن درجة ثانية.
لكن للاسف ما نراه في وطننا هو تعريف مغاير للمواطن ، فالمواطن الذي من حقه ان يتمتع بكامل حقوق المواطنة هو ابن المليشيا القوية او الحزب المتنفذ او العشيرة المغواره.
هذه مقومات المواطنة في بلاد الرافدين
بلاد اللادولة .
تَقتُل بدم بارد دون حساب ما دمت عضواً في مليشيا الموت وستمنح اوسمة الزعيم ، فقد اعدت هيبة الدولة برصاصاتك التي اطلقتها لتقتل عراقيا ، ستبقى أنه تسفح دموعها على قبره في وادي الموت في النجف الذي كان يسمى وادي السلام سابقاً .
الذين يتحدثون عن عودة هيبة الدولة عليهم ان يفهموا ان هيبة الدولة لا تكمن بالقتل في الساحات العامة ، وان هيبة الدولة لا تعيدها المجاميع المنفلتة الخارجة عن القانون ،هيبة الدولة من مختصات قواتها الامنية وجيشها البطل ، وحشدها الحقيقي ، جيشهاالذي طرد الارهابيين ، وانتفض لسمعته وتاريخه .
لا يحق لمجموعة او لفرد ان يحدد شكل الدولة او مسار عودة هيبتها او طريقة تنظيفها .
فقبل ان ننظف الدولة علينا تنظيف انفسنا من ادران امراض العظمة والكِبر ، وعلينا ان نجادل الاخرين بالحسنى وان يكون الحوار هو جسر التواصل العقلاني .
وان لا نقفز الى مساحة اللادولة.
فالمعركة بين ابتاء الوطن لا تعيد هيبة الدولة، وهي معركة خاسرة بكل المقاييس ، حتىالمنتصر فيها خاسر، لان من يسقطون من الطرفين هم ابناء هذا الوطن و فلذات كبده .
ما شهدته الناصرية بالامس من كل الاطراف مشهد من مشاهد اللادولة ومشهد منمشاهد التعدي على الوطن بكل افراده .
حينما تكون الفوضى سيدة الموقف والدم هو لون المدن فذلك يعني ان مستقبلنا اصبح رهن الكراهية والحقد وثقافة الثأر ، وان مستقبل اجيالنا سيكون قلقاً ، فبأس الارث الذي نورثه لاجيالنا القادمة وبأس التاريخ الذي نكتبه بأيدينا وسوف يخجل ابنائنا في قادم الازمان من افعالنا . فشتان بيننا وبين حمورابي ونبوخذنصر وگلگامش وبين بابل وسومر ان كنا حقاً ننتمي لهم او ندعي الوصل اليها .
قال الإمام علي ( ع) ( من أراد أن ينصف الناس من نفسه ، فليحب لهم ما يحب لنفسه ) .