13 أبريل، 2024 1:18 م
Search
Close this search box.

الناصرية المحافظة هل هي محافظة المحمدية أم الإبراهيمية أم “الوركاء؟؟؟

Facebook
Twitter
LinkedIn

“مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ ۚ هُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ مِن قَبْلُ وَفِي هَٰذَا لِيَكُونَ الرَّسُولُ شَهِيدًا عَلَيْكُمْ وَتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاس”.
“الناصرية” كمدينة وهي مركز بما تسمى ب”محافظة ذي قار” الرقعة الجغرافية والادارية التي تحوي الاقضية والنواحي والقرى والقصبات التابعة لها والتي تقع داخل حدودها الادارية، بما كان بما يسمى “لواء الناصرية في العهد الجمهوري”- وهي محافظة منكوبة في عهد النظام البائد، وتقع مدينة الناصرية -مركز المحافظة- في جنوب العراق على بعد 370 كم جنوب العاصمة بغداد، وتطل على نهر الفرات الذي يشطرها إلى صوبين، “صوب الشامية وصوب الجزيرة”، ويرفد الفرات أهوارها الأزلية بماءه الشحيح هذه الأيام، فأصبح ماؤها غورا.

وتعد الناصرية رابع أكبر محافظة في العراق من ناحية التعداد السكاني بعد بغداد والبصرة والموصل، وحسب التقديرات الأخيرة يتوقع ان يربو عدد سكان المحافظة إلى مليوني نسمة، وأهم مدنها: “الشطرة، والرفاعي، وسوق الشيوخ، والجبايش، والدواية، والغراف والاصلاح، والفجر، وقلعة سكر، والنصر، والبطحاء، والكرمة، والعكيكة، والفهود، والحمار، والطار”.

“تعتبر المحافظة حاضرة فكر ودين وعقيدة وسياسة وحضارة، ولها اجواء وتقاليد ثقافية وعرفية خاصة بها تميزها عن غيرها، فضلا عن انها قاعدة فن وعلم وشعر وادب وكرم وشجاعة، وقد برز فيها المئات من ابنائها المشاهير في عالم السياسة والفن والأدب والشعر والرياضة، ولا نبالغ إذا قيل أنه لايخلو كل طرف من أطراف المحافظة من رحل دين أو سياسي او شاعر او كاتب أو أديب أو فنان أو رياضي، فهي محافظة إن صح التعبير تتنفس الايمان والتوحيد والعلم، والسياسة والأدب والشعر والفن والرياضة، ويرتكز مجتمع المحافظة على أربعة ركائز اجتماعية قد اجتمعت فيها فتحولت إلى ثقافة تعمل بالعقل الفردي المستقل أحيانا، وأحيانا كثيرة بالعقل الجمعي، هن: الدين، والتراث، والأعراف، والترابط العشائري والمدني، فساعدت تلك الثقافة على جعل المدينة صامدة فكريا ومقاومة سياسيا وحصينة اخلاقيا”.

وهي سلة العراق الغذائية الزراعية والاقتصادية، من ناحية تأمين الغلال الزراعية والتمور والخضار والفواكه و الثروة الحيوانية و السمكية ومادتي القصب والبردي، إذا استثمرت تلك السلة بشكل صحيح من خلال إستعمال المكننة الحديثة بتهيئة آليات الزراعة ومستلزماتها المتطورة وتوفير الإمكانيات المتاحة المتواجدة في معظم دول العالم المتقدمة في هذا المجال، ذلك لأن المنطقة تقع ضمن جغرافية السهل الرسوبي العراقي الذي يعده الخبراء من أخصب بقاع العالم زراعيا، فضلا عن توفر الموارد الطبيعة الاخرى الخاصة بالصناعة مع وفرة متميزة في الأيدي العاملة والعقول العلمية والكوادر الأكاديمية.

وسميت الناصرية بهذا الاسم نسبة لمؤسسها الأمير العراقي ناصر الأشكر باشا السعدون “أمير قبائل امارة المنتفق”، عندما بنيت عام1870 ميلادية على ضفتي نهر الفرات، وهكذا فهي سميت على اسمه، كما وكان على سبيل المثال مركز المدينة يسمى ب”عكد الهوى”، والمسمى حاليا ب”شارع الحبوبي”.

وبعد تأسيس حلف “المنتفك” العشائري لصد هجمات الوهابية على جنوب العراق والأماكن المقدسة في النجف وكربلاء، تغير اسم لواء ” الناصرية” إلى لواء “المنتفك” وكان هذا في العهد العثماني.

عانت محافظة الناصرية الكثير من المآسي والويلات في عهد النظام البائد، وأبرز ماعانته في تلك الأيام المظلمة: “التسلط، والقسوة، والتنكيل، والتمييز، والحرمان، والخراب، والأمتهان، والظلم، والتهجير، والقتل، والمقابر الجماعية، والاعتقال، وتكميم الأفواه، ومصادرة الحريات، و الخواء، والخراب، والخوف والرعب، وممارسة ارهاب الدولة على أهلها، والأسترخاص، والبخس، والاستعداء، والانتهاك والاهمال المتعمد”، وبهذا عدت المحافظة من المحافظات المجاهدة والصابرة، لأنها جادت بأبناها قسرا لأن يقتلوا في المعارك العبثية أو يقتلوا على أيدي النظام بشكل جماعي بسابقة لم يكن لها مثيلا في التاريخ إلا في أيام الحجاج، لذلك قام أهل المحافظة بشبابها الابطال بتأريق النظام وهز كيانه من خلال العميات البطولية التي نفذتها المقاومة آنذاك وقتلت مجموعات كبيرة من أزلامه، ونفذوا الكثير من العمليات البطولية النوعية الباسلة مما لايسعنا ذكره في هذا المجال، ونكتفي بالقول: ان المحافظة قامت بتنفيذ عدة إنتفاضات وعمليات مقاومة بطولية ضد النظام وعلى أوسع النطق، وأخيرا شهدت جميع مدنها وقراها الانتفاضة الشعبانية المباركة عام 1991، على اعقاب انتهاء عمليات احتلال الكويت، والتي قمعت بالحديد والنار وخلفت مئات بل آلاف الشهداء والضحايا ومجموعة كبيرة من المقابر الجماعية. أعقبتها انتفاضة كانون الثاني 1999 عندما حاولت القوات الحكومية منع صلاة الجمعة وتم تفريق المظاهرة التي قام بها المصلين بالقوة وأطلقت قوات النظام عليهم النار وقتلت 5 أشخاص وجرح 11 أخرىن واعتقل ما لا يقل عن 300 متظاهر، أعقبتها من نفس العام وفي شهر شباط انتفاضة أخرى بسبب استشهاد السيد الجليل أية الله محمد صادق الصدر وولديه (قدس سرهم الشريف) في النجف حيث قامت الحكومة يتدبير تلك الجناية.

يمتد عمق الناصرية التاريخي إلى 7000 سنة قبل الميلاد، والتي اقيمت على أرضها أول مدينة في التاريخ وهي مدينة “أريدو” عاصمة الحضارة السومرية بمملكاتها “اور، ولكش، واوروك-الوركاء-“.

كما وتشرفت الناصرية بولادة أبي الأنبياء، النبي إبراهيم الخليل (عليه السلام) على أرضها المعطاء عام 2000 ق.م.ونزلت عليه فيها الرسالة الحنفية، وفي امبراطورية “اور” حصرا، التي لا تزال آثارها قائمة لحد الآن في المحافظة، وتعتبر “زقورة أور وبيت النبي إبراهيم (ع) هي المعلم الابرز لهذه الامبراطورية التي يحج إليها الناس من مختلف بقاع العالم”، لأنها تمثل الرمز التاريخي الديني لجميع حضارات وادي الرافدين المتعاقبة والتي انبثقت منها بقية الأديان المنتشرة حول العالم السابق والمعاصر.

داولت المحافظة عبر تاريخها عدة اسماء، كان أولهن: بلاد “سومر” في العصور القديمة، و”واسط” أيام الدولة الأموية، ثم “البطائح” في العصر العباسي، ف”المنتفق” في العهد العثماني، ومن ثم “لواء الناصرية” نسبة إلى مؤسسها ” ناصر الاشكر” كما اسلفنا، وذلك في العهد الجمهوري، وبعد الانقلاب المسلح العارفي واخذ السلطة بعد قتل الزعيم عبد الكريم قاسم، أعقبه الإنقلاب العفلقي الذي قام به حزب البعث في سنة 1968، فما أن وضع يده على دكة الحكم قام في سنة 1969 بتغيير اسمها إلى”محافظة ذي قار”، الاسم الذي يحمل بين طياته طابع “إستفزاز الجيران الفرس المسلمين واخواننا في الدين في ايران”، و “التجني” و”النكاية” بسكانها ذات الطابع الشيعي، باتهامهم جميعا بالتبعية لايران الفارسية، مدعيا بتاريخية الاسم على أن معركة ذي فار معركة ذات بعد قومي حدثت في هذه المنطقة لينتصر فيها العرب على الفرس، متذرعون بحديث رسول الله (ص) على أنه قال (ص): “هذا يوم انتصفت فيه العرب من العجم، وبي نصروا”، معللون على أن وقعة ذي قار كانت بعد وقعة بدر بأشهر، ورسول الله بالمدينة، فلما بلغه الخبر بدعواهم أنه قال الحديث الآنف، ولم يؤكد أحد من المؤرخين ذلك حيث ان وقعة بدر كانت سنة 624 م وواقعة ذي قار كانت 609م أي قبلها ب15 عاما.

تغافل النظام الحقيقة عمدا، وهي حقيقة أن تلك المعركة هي من المعارك العبثية التي دارت بين مشركي العرب أهل الجاهلية من عبدة الاصنام ومشركي الفرس عبدة النار، ونحن كمسلمين تابعين ومعاصرين سواء عربا أم فرسا لاناقة لنا فيها ولاجمل، ولاعلاقة لنا بها، لا من بعيد ولا من قريب، ولاتمثلنا ولا تعبر عن تاريخنا ولا عن تراثنا ولا عن ثقافتنا، لأنها بالإضافة إلى انها عبثية فهي معركة طائفية وقعت بين المشركين والكفار، وأسباب قيامها تعود لأسباب شخصية بين الملوك، فهي بالنتيجة لا تعبر عن مبدأ أو عن دفاع عن وطن أو دين أو مصير، فضلا عن انها اخذت اسمها من المنطقة وليس العكس، نسبة لاحتوائها مجموعة عيون ماء عذبة تسمى ب “عيون ذي قار”.

وما دمنا بصدد معركة ذي قار التي أبتليت به المحافظة كأسم لها يميزها عن بقية المحافظات تيمنا بالحديث المنقول عن النبي (ص) “كذبا”: “هذا يوم انتصفت فيه العرب من العجم، وبي نصروا”، يقال ونقول: أن هذا الحديث ” ضعيف”، بل و” موضوع”، لأن راوي الحديث” سليمان بن داود المنقري رجل كذاب”، والحديث أخرجه أبو نعيم في معرفة الصحابة حديث رقم 1048 اقتطفنا منه: (أَخْبَرَنَاهُ خَيْثَمَةُ فِي كِتَابِهِ ، عَنْ أَبِي قِلابَةَ، عَنِ ابْنِ الأَخْرَمِ ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ : سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، يَقُولُ يَوْمَ ذِي قَارٍ : “الْيَوْمَ انْتَصَفَ فِيهِ الْعَرَبُ مِنَ الْعَجَمِ “، قال والقول هنا ل” الألباني” رواه ابن قانع في “ معجم الصحابة “ ( 12 / 2) عن سليمان بن داود المنقري أنه قال: و “هذا سند موضوع، سليمان هذا هو الشاذكوني كذاب”، و”كذبه في الحديث ابن معين وصالح جزرة”، و”قال يحيى بن يمان ضعيف”، و”شيخه أبو عبد الله التيمي قال: لم أعرفه”).

كما وقال الألباني قولا في راو آخر، إقتطفت منه مانصه: ” انه قال: الحافظ، ويوم ذي قار من أيام العرب المشهورة كان بين جيش كسرى و بين بكر بن وائل لأسباب يطول شرحها , قد ذكرها الأخباريون , وذكر ابن الكلبي أنها كانت بعد وقعة بدر بأشهر , قال : و أخبرني الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس قال : ذكرت وقعة ذي قار عند النبي صلى الله عليه وسلم فقال : ذاك أول يوم انتصف فيه العرب من العجم , و بي نصروا، قلتُ: وكلام الحافظ ابن حجر في الإصابة في معرفة الصحابة 1 / 316,قلتُ: هذا طريق موضوع “والكلبي هو محمد بن السائب الكلبي كذاب” كما في كتب التراجم.
أما ما نقله الحافظ ابن حجر بقوله: وذكر ابن الكلبي أنها كانت بعد وقعة بدر بأشهر إنتهى.
اقول: هذا واهٍ لا يصح، ابن الكلبي هو هشام بن محمد بن السائب الكلبي متروك وأبوه شر منه لأنه كذاب ومر الكلام فيه”.

فالناصرية “محافظة” وبعد توافر هذه المعطيات والحقائق هل تبقى متمسكة بأسم (ذي قار)؟، هذا الاسم الذي يذكر أهلها دوما بالنظام السابق وبمآسيه نحوهم، ويذكرهم بكل ماهو شائن من ويلات واحزان واستعداء وتجني وطائفية، وبأيام الحروب الطائشة والسجون والحديد والنار، ومثل اسمها كمثل اسم “محافظة الكوت” التي أسموها ب”محافظة واسط” نسبة إلى اسم مدينة “واسط” التي بناها “الناصبي الوالي الأموي الحجاج بن يوسف الثقفي”اعتى مجرمي التاريخ، و”قضاء تكريت” حول إلى”محافظة صلاح الدين” تيمنا بأسم الناصبي صلاح الدين الايوبي، وتشفيا بأهل بيت الرسول الأكرم (ص) وشماتة باتباعهم ومواليهم” .

أو تعود-أي “محافظة الناصرية”- لإسمها السابق الاصيل هذا معززة مكرمة، أو إذا اردنا ان نلبسها ثوبا جديدا من أجل التغيير، فما أكثر الأسماء التاريخية والدينية والمعاصرة، كأن نسميها: ب{“محافظة المحمدية”، أو “محافظة الإبراهيمية، أو” محافظة الوركاء”}.

وعندما نسميها ب”محافظة المحمدية” فهذا شرفا لها وتبركا باسم النبي محمد(ص) وكرامة ورفعة لها، لأن اصله(ص) عراقي النسب ولكنه مكي المولد، ونسبه يعود الى منطقة مسقط رأس أبيه النبي إبراهيم (ع)، ومايؤكد انتسابه (ص) كأبن للنبي إبراهيم (ع) بدليل رواية المحب الطبري في ذخائر العقبى عن واثلة ين الأسقع قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (إن الله اصطفى من ولد آدم “إبراهيم”، واتخذه خليلا، واصطفى من ولد إبراهيم “إسماعيل”، ثم اصطفى من ولد إسماعيل “نزارا” ، ثم اصطفى من ولد نزار “مضرا” ثم اصطفى من مضر “كنانة”، ثم اصطفى من كنانة “قريشا”، ثم اصطفى من قريش “بني هاشم”، ثم اصطفى من بني هاشم “عبد المطلب”، ثم “اصطفاني” من عبد المطلب).
وبمقتضى هذا الحديث فقد أثبت نسبه الطاهر إلى النبي العراقي إبراهيم الخليل على أنه أبوه ومن صلبه”صلوات الله عليهما وآلهما”، وما يعزز هذا الحديث للنسب الطيب، حديثا آخرا روي عنه (ص)، أَنَّ نَفَرًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ “صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآَََّله” قَالُوا : “يَا رَسُولَ اللَّهِ، أَخْبِرْنَا عَنْ نَفْسِكَ؟ قَالَ : (نَعَمْ، “أَنَا دَعْوَةُ أَبِي إِبْرَاهِيمَ”، وَبُشْرَى عِيسَى…..)، وإذا سميت المحافظة بهذا الاسم أي “محافظة المحمدية” فهو بكل تأكيد سيكون مجلبة للبركة والخير الوفير ومصدرا للسرور والفأل الحسن، وما أجمل واحلى اسم محمد(ص).

ولا بأس أن تسمى ب”محافظة الإبراهيمية” ولا ضير في ذلك، بل تشرفا بالنبي إبراهيم (ع) التي تعتبر مسقطا لرأسه، ووفاءا منا له(ع) من حيث أنه هو من سمانا ب” المسلمين”.
و”الإبراهيمية اصطلاحا” بحسب العالم العربي تعني”الأديان أو الشرائع السماوية، فالمصطلح يشير إلى “اليهودية” و”المسيحية” و”الإسلام” في الغالب، من حيث أن اليهود والمسيحيين والمسلمين وإن اختلفوا في تصنيف بعضهم البعض يجلون النبي إبراهيم(ع) ويعتبرونه أبو الأنبياء ومن هنا جاءت تسمية هذه الأديان الثلاث بالإبراهيمية، بالإضافة لأديان أخرى يصنفها البعض أحيانا كأديان إبراهيمية مثل”السامرية”و”الدروز”و”البابية”و”البهائية”و”المورمونية”و”
الراستافارية”, وأحيانا يضاف إليهم “المندائية”.

وهذا الاسم لو أقر فهو مجلبة للخير والرزق الكثير، ذلك لأن المنطقة ستكون قبلة لسياح وحجاج معظم ارجاء المعمورة، مما ينعش المنطقة اقتصاديا وثقافيا واجتماعيا وحضاريا، وستكون عاصمة للسلام والائتلاف العالميين، وقبلة للخير والمحبة والإطمئنان لجميع الناس.

وفي كلتا الحالتين-عندما يقع الاختيار على أحد الأسمين”محافظة المحمدية أو محافظة الإبراهيمية”-، ستعلو بوابات ومداخل وواجهات مدن المحافظة الحديث النبوي الشريف: “أَنَا دَعْوَةُ أَبِي إِبْرَاهِيمَ، وَبُشْرَى عِيسَى” بدلا من الحديث السابق المكذوب فيه على رسول الله (ص): “هذا يوم انتصفت فيه العرب من العجم، وبي نصروا”.

ولعل البعض من الناس يفضلون الاسم التاريخي على غيره من الاسماء، فلا ضير في ذلك ابدا، لكن الاختيار سيقع على الاسم المشهور والجميل، وإذا سميت المحافظة ب”محافظة الوركاء” فهذا سيعني انها ستخلع ثوب التشاؤم وتلبس ثوب التفاؤل، وسيكون للمحافظة حضور كبير في المحافل الدولية الحضارية والتاريخية والثقافية، لأن الوركاء مدينة سومرية وبابلية تقع على نهر الفرات قبل أن ينحرف مجراه، وأخترعت الكتابة في هذه المدينة، ومن هذه المدينة ظهر الحرف الأول في العالم وذلك في حدود 3100 ق.م و قد ظهرت الكتابة بشكلها الأول، وظهرت في هذه المدينة أيضا ملحمة گلگامش الشهيرة، والوركاء كانت مدينة دينية و مركز لعبادة الألهة عشتار ألهة الحب و الحرب، وللوركاء تمثال من أوروك في متحف اللوفر، أوروك -أي الوركاء- هي المدينة التي عاش بها گلگامش وكتب ملحمته تلك، كانت الوركاء أول مدينة متحضرة في تاريخ البشرية في حدود (4000 ق.م- 3200 ق.م) ،وكانت أوروك في ذلك الوقت تتمتع بقوة عسكرية واقتصادية، وكانت مملكة مستقلة، حيث كان نظام الحكم السائد أنذاك، إذ كانت كل مدينة عبارة عن مملكة مستقلة بحد ذاتها، وكانت حدودها تمتد من الخليج العربي شرقا إلى البحر الأبيض المتوسط غربا بعد ان استطاعت توحيد جميع دويلات الملك”لوكال”.

اذن ف”الناصرية” المسماة ب”محافظة ذي قار”، هل سينقلب اسمها إلى محافظة “المحمدية” أم “الإبراهيمية” أم “الوركاء” من أجل تغيير الواقع المكذوب الدال على البؤس والقنوط؟؟.

وعلى مجلس المحافظة الموقر والأحزاب المجاهدة والمنظمات الانسانية والثقافية والوجهاء أن يسعون لتحقيق هذا المطلب الذي لايحتاج الا إلى سوى”جرة قلم” لتعود الأمور إلى وضعها الطبيعي ونصابها الاعتيادي الصحيح، ولتأخذ هذه المحافظة نصيبها واستحقاقها الطبيعي بين مدن العالم، وإذا كان القرار على أن يكون الاسم تاريخيا فرجائنا الوحيد الابتعاد عن هذه الاسماء:”سومر، اريده، اكد، اور أنكيدو” لأنها صارت اسماء مستهلكة من الناحية التداولية والنفسية، استهلكها النظام السابق بقوة لإستغفال الدول والناس للتغطية على جرائمة وقسوته على شعبة، وسد النقص الحاصل بانسانيته.

وعلى الأصلاء الذين تصدوا لانزال الشعارات السابقة ومحوها من مداخل مدن المحافظة وواجهاتها كخطوة اولى، ومنها الحديث المكذوب فيه على رسول الله(ص): “هَذَا أَوَّلُ يَوْمٍ انْتَصَفَتِ الْعَرَبُ مِنَ الْعَجَمِ، وبي نصروا”، عليهم أن يكملوا الخطوة الثانية ويسعوا لتغيير اسم المحافظة وتعليق الشعارات الجديدة عالية خفاقة على مداخلها وواجهاتها وأهمها وأولها حديث الرسول الأكرم (ص): “أنا دعوة ابي إبراهيم وبشارة عيسى…والآية الكريمة”مِّلَّةَ أَبِيكُمْ إِبْرَاهِيمَ ۚهُوَ سَمَّاكُمُ الْمُسْلِمِينَ”، والله يحب المحسنين، والحمد لله رب العالميين.

“تِلْكَ إِذًا قِسْمَةٌ ضِيزَى، إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآَبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ إِنْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الْأَنْفُسُ وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنْ رَبِّهِمُ الْهُدَى”.

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب