للعام الثاني على التوالي تجري مناقشة الموازنة العامة للبلاد في وقت مبكر وستقدم الى مجلس النواب بموعدها، وهذا جهد يحسب لوزارة المالية اولا وللحكومة ثانيا. سيقلل ذلك من الهدر والضرر ويحسن الاداء وهي موازنة كبيرة لا تفرق كثيراً عن العام الماضي. بحسب ما صرح به لوسائل الاعلام ان العجز سيكون اكبر من العام الماضي انه سيكون بحدود 26 دولاراً وهو مبلغ سيستمر بالضغظ على حياة العراقيين واقتصادهم وتتوقف شدة الضغوط وحجمها على الفئات الاجتماعية والطبقات وعلى السياسات الحكومية، وتحديداً على أي من الناس ستفرض الضرائب ومن يتحمل وزر الازمة الاقتصادية بشكل اكبر؟ في الموازنة الحالية، التي تحملتها الطبقة الوسطى والفئات الفقيرة والفلاحين الذين الى الآن يطالبون بتسديد مستحقاتهم، والعمال العاملين بعقود والمطالبين بتثبيتهم على الملاك الدائم، فضلا عن ان الضرائب التي فرضت عليهم التي اثقلت كاهلهم والتهمت جزءاً لا يستهان به من مدخولاتهم. ان الامر كله منوط بالابواب التي ستسعى الحكومة الى توفير الموارد المالية فيها فهي اعتمدت سعراً متحفظاً للنفط باحتساب سعر البرميل بـ 35 دولاراً، وهي حسناً فعلت، ولكن عليها تفعيل الموارد غير النفطية وتحسين جباية الاموال من الضرائب على الفئات الميسورة من كبار موظفي الدولة وكبار التجار والمقاولين وما الى ذلك ممن تحتمل مدخولاتهم ذلك. وقبل ذلك الناس يزالون يشاهدون هدراً بالموارد الحكومية وانفاقاً غير مسوغ يمكن ان يكون مورداً مهماً يرفد الموارد المالية للحكومة، الى جانب الحد من الفساد الذي لايزال مستشرياً، والملاحقة لحيتانه ليست بالمستوى المطلوب، بل انها غير جدية والبرلمان اعطى مؤشراً مؤذياً حين لا يتعامل بعقلانية مع الاتهامات الموجهة الى بعض اعضائه وبغض النظر عما يشاع عن فساد يرتكبه بارزون فيه بتدخلاتهم في عمل السلطة التنفيذية ويغيرون مهماتهم من الرقابة والتشريع الى ابتزاز دوائر الدولة لتحقيق منافع من دون وجه حق وخلافا للقانون. صحيح ان الناس يلمسون تحسناً في الانتاج الزراعي والصناعي، ولكنه ليس بالقدر المطلوب والممكن الذي يزيد من اهميتها في تكوين الدخل الوطني وتقليص الاعتماد على الموارد النفطية بنسبة ملموسة تنعش هذين الرافدين بل حتى النفط المصدر الاساس لايزال يعتمد على تصدير الخام منه، وتصنيعه وتصفيته لايزال متخلفاً ولا يسد الحاجة ونستورد بمليارات الدولارات سنوياً يمكن ان توظف هذه المستوردات في الاقتصاد المحلي لتعظيم الموارد.
اذا كانت موازنة عام 2017 موازنة سلام فانها ينبغي ان تكون موازنة حرب على الغلاء الذي يستنزف مدخرات العراقيين وحماية مواردهم من هجمات الفاسدين وغزواتهم واعادة بعض القوة الشرائية التي فقدوها في العام الحالي جراء الاجراءات الحكومية. في هذا المعنى الحقيقي لموازنة تخدم عموم الناس وفي المقدمة منهم الشرائح المعوزة التي تعيش تحت خط الفقر الذين يقرب عددهم من ربع سكان البلاد بحسب الاحصاءات الرسمية. ان الكلام الذي قيل عن اعداد الموازنة جميل، ولاسيما ما يتعلق بالانفاق الاجتماعي بشقيه الخدمي الذي يقدم الاعانات ويستنهض نوعية الصحة والتعليم والتخفيف من معاناة النازحين نتمنى ان تخفف الضرائب والرسوم على الصحة العامة التي ادت الى عزوف المرضى عن مراجعة المؤسسات الصحية الحكومية بسببها على الرغم من تدني نوعية الخدمات المقدمة وفقدان انواع عديدة من الادوية التي كانت تقدم مجاناً فالناس يتطلعون الى دعم المشاريع الخاصة، بعد ان افتقدت الموازنة الى توفير فرص عمل في قطاع الدولة الذي هو متخم الى درجة يتطلب اجراء دراسة جدية لاعادة توزيع القوى العاملة فيه وتحسين ادائه المترهل. ان موازنة واضحة الاهداف في تنشيطها للاقتصاد الوطني والحد من الهدر والفساد فيها ومراعاة اوضاع الناس الاقتصادية وترميم مدخولاتهم بالتأكيد ستحضى بالتأييد والنجاح ودعم الاجراءات الحكومية.