الناس ولدوا أحرارا، ولا لأحد حق أن يتتدخل في شؤون حياتهم وأعمالهم اليومية، ولهم الحرية أن يعملوا ما شاءوا، فلا ضرر ولا نفع لأحد أو عليه منهم، وما على الزكي بقرب الرجس من ضرر،
ولكن نتحدث من باب تقبل العرف والمجتمع لتلك الظواهر والعوامل التي تحدث من قبل البعض، مقارنة مع المقايسات الإنسانية والفكرية والحضارية والإخلاقية التي تكون في البيئة والمجتمع الموجود فيه، فهناك أعمال يقبلها العرف والمجتمع، وتتكيف مع البيئة وتكون متأقلمه معها، وهناك عادات وتصرفات لا تقبلها مجتمعات مدنية ومتحضرة فكريا،
فكل نفس بما كسبت رهينة، ولكن هناك إرشادات وتوجيهات إخلاقية وأدبية، لصنع مجتمع مدني فكري وحضاري، يشعر بآلم الأخرين ويعيش ظروفهم ولا يميز بين أفراده على أسس عرقية وطائفية وعنصرية، ويكون ذلك المجتمع المدني بظروف معيشية تتناسب وتتعايش مع الحياة اليومية، ولعادات وتقاليد الذين يعيشون فيه،
فإن خرجت عراة أيها الفتى والفتاة فلا تضرون أحدا بذلك، وأن شربتم خمرا ونبيذا، فلا يترنح معكم أحدا غير أنفسكم أيها الشارب، وأن تركتم للصلاة فلا ضرر لأحد أو نفع له من ترككم لها،
ولكن لو خرجتم عراة ستكونون سخرية للمجتمع ومميزين بينهم وتلفتوا نظرهم إليكم، وأن شربتم خمرا، سيلعنكم المارة ويبتعدون عنكم، ويضربونكم مثلا للإنسان السيء المنبوذ في أي مجلس يجلسون فيه من جلساتهم الإجتماعية، لكون المجتمع الذي تعيشون فيه لا يتقبل تلك العادة، ويعدها من المشؤومات والسيئات إخلاقيا، خلاف المجتمعات الأخرى التي تعدها من الثقافات والحريات الشخصية،
فتلك من أدبيات وأخلاقيات المجتمع والبيئة، التي يلزم أن نتكيف معها، فنحن نرشد للصواب، ولا نلزم أحدا بأخذ ما نقول به،
فننوه على المنبوذات والمقززات والقبيحات من المجتمع في البيئة التي نعيش فيها، فلو كنا في بيئة تقبل التعري فلا نمنع منه، وكل دين يمنع صاحبه ومعتقده عن ما ينهى عنه، بأي بقعة كانت من الأرض، سواء المسيحية أو اليهودية أو البوذية،
فربما القبلة بين الزميل والزميلة في مجتمعات أخرى تعد من الثقافات، ولكن لو تمت ممارسة تلك الفعلة في مجتمعنا وبيئتنا لزجر وشتم صاحبها وشهر به بين القوم، في حين لا ضرر منه ومن فعله على الأخرين، لهم دين وله دين والشاهد هو الحاكم وأمره وأمرهم له الواحد القهار؟ ولكن ذلك الفعل يعد مرفوضا أخلاقيا ودينيا في مجتمعنا وبيئتنا، لذلك يمنع من ممارسته، في حين هو حرية شخصية تضر أو تنفع صاحبها لا غيره سواء أكان دينيا فعليهم الحرمة وأخلاقيا فعليهم السمعة، ما ضرر الأخرين مما يفعله الأخرين، لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي، فالتدين والألتزام بمقومات الدين هي علاقة بين الإنسان وربه خاصة ولا ضرر بها ولا نفع منها على الأخرين، وبينما الأخلاق وحسن التصرفات والمعاملة هي علاقة عامة بين الإنسان والناس والمجتمع، وبها نفع وضرر على الأخرين، والكلمة الطيبة صدقه.