تستعد الحكومة العراقية بعد اعلان النصر[على الأرض] على تنظيم داعش الإرهابي، العمل على اعادة النازحين الى مناطق سكانهم منذ نزوحهم عام 2014 بعدما قضوا ثلاث سنوات مشردين في مخيمات بائسة يواجهون البرد والحر والأمراض.
في الوقت الذي كشفت المتحدثة باسم المنظمة الدولية للهجرة (ساندرا بلاك)، أن حوالي 1.7 مليون نازح عراقي عادوا إلى ديارهم.
وبحسب دراسة للمنظمة، فإن عدد النازحين الذين مازالوا في المخيمات بات يقترب من عدد العائدين، ما يشير إلى أن أزمة النزوح ستشهد انفراجة قريبة.
وأكدت بلاك أن عودة النازحين ستشهد تسارعاً عقب استقرار الأوضاع خلال الفترة المقبلة. وأفادت المنظمة أن ما لا يقل عن 1.7 مليون نازح عادوا إلى ديارهم مقابل 2.8 مليون لا يزالون نازحين في مناطق مختلفة.
العودة الى المدن لا يعني انتهاء الازمة؛ فهناك تبعات كثيرة قد تلحق في الحياة المستقبلية التي سيبدؤها النازحون هناك.
عودة بلا خدمات
منذ عام ونيف تناشد الحكومات المحلية لمحافظة الانبار وديالى وصلاح الدين عن عودة الخدمات وعمار البنية التحتية التي دمرتها الحرب، وبين صرف المليارات وبين الفساد الذي غزا ملف النازحين لا زالت المدن لم تمتلك ادنى مقومات العيش.
فلا كهرباء ولا ماء، ولا طرق معبدة ولا مدارس مؤهلة لاستقبال الطلبة، ولا حتى دخل ثابت يمكن للمواطن ادارة احتياجاته اليومية من طعام ومستلزمات. فاذا كان الجنوب العراقي اكثر استقرارا من غربه ومازال يعاني الاهمال والخدمات فكيف بمدن عصفت بها الحروب المواجهات المتتالية؟
اندماج اجتماعي
التعصب الديني والفكر التكفيري الذي حول مدن النازحين الى تراب لم يمر سدى من قبل الاهالي، فهناك ازمة ستواجه العوائل في كيفية الاندماج الاجتماعي بين المقاتلين واهليهم وبين المدنيين الذي راحوا ضحية الارهاب.
كيف يعفي العائدون عن من سبب في تخريب المدن وانطلاق شرارة القتال؟ وخصوصا ان هناك ضحايا التبليغ في المحاكم الشرعية وتنفيذ احكام الاعدام بحق مدنيين رفضوا الانصياع لــ[الدولة الأسلامية].
ما يحتاجه النازحون الآن هو التخييّر بين الاتهام والقصاص والعفو وهي مسألة تتأرجح بين القضاء والحق العام والشخصي.
ورشة عمل لا تكفي
لم تقف المنظمات الانسانية مكتوفة الايدي في مجال التأهيل النفسي والاجتماعي للناوحين العائدين الى مناطقهم، فبين الحين والآخر تجري المنظمات ورشات عمل ودورات تدريبية لتهيئة الاشخاص في تقبل الوضع وإعادة بدء الحياة مجدداً.بينما تبقى هذه الورشات حلقة مفقودة بين الواقع والتدريب.
مدن فاضلة ام منكوبة؟
المؤمل من الحكومة العراقية الآن هو كيفية ترويض المدن التي عصف بها الاهاب والتكفير واعادة رشدها الطبيعي بعدما عاث بها [تنظيم داعش] سنوات عدة؟
ان كان [داعش] انتهى على الأرض لكن الفكر والأدبيات الجهادية السلفية قائمة في سلوكيات من اعتنقها او عاشها حتى. ففي عصر (الاجتياح الداعشي) كان القتل والسحل امام المدنيين ووصل الحال الى ركل الرؤوس المقطوعة من قبل الأطفال!
هذه المدن منكوبة بالفعل من قبل وحشية الارهاب والاهمال الحكومي، فكيف بنا ان نبني مدينة فاضلة وسط ركام الابنية ورائحة الدم؟