لا ادري لماذا يصر البعض على حشر العراق تحت عباءة إيران والزج به في خندقها عنوة وبلا هوادة؟. لا ينكر احد ان التحالف العراقي الإيراني بعد ٢٠٠٣ وصل الى درجة غير مسبوقة من الوَثاق والتداخل، بغض النظر عن موضوعية هذا التحالف وفيما اذا كنا معه أو ضده. الا ان ذلك لا يعني، بل يجب ان لا يعني، تماهي العراق مع إيران الى درجة الحلول والإتحاد بحيث يحذو حذوها شبرًا بشبرٍ، وذراعًا بذراعٍ، حتى لو دخلت إيران جحر ضب دخله.
لدينا مشتركات كثيرة مع إيران ومصالح، ولدينا مثلها مع غيرها من الجيران والأصدقاء، بل ربما كان للعراق وشائج تاريخية وواقعية مع محيطه العربي والإسلامي اكثر مما مع إيران لو استفاق المعنيون الى اصولهم وجذورهم.
إيران لديها استراتيجية ورسالة لا يمكن اسقاطها على العراق بكل تفاصيلها، على الأقل، لأن التنوع العرقي والطائفي في العراق لا يسمح بذلك. رسالة إيران واستراتيجيتها جعلتاها في صدام مباشر مع الآخرين.
إيران في العراق ليست هي إيران في اليمن أو في سوريا أو في لبنان ولهذا رأينا ان امريكا والعرب بل والعالم كله، عملوا جنبا الى جنب مع إيران في العراق ولكن اغلبهم يحاربونها في سوريا واليمن ويعارضونها في لبنان ويسعون الى اخراجها من سوريا الآن بعد هزيمة المعارضة، ولا استبعد ان يطلب الأسد مباشرة خروج إيران من سوريا اذا استتب له الأمر تماما.
قبل فترة، شهر أو اكثر بقليل، دعا باقر الزبيدي االى تأسيس جيش عقائدي تعداده لا يقل عن ثلاثة ملايين، مبررا ذلك بقوله ان ترامب بصدد إنشاء ناتو عربي يتألف من الدول الخليجية، مصر، والأردن وبتمويل سعودي- خليجي لمواجهة الشرْ القادم، ثم انه افترض ان العراق، وليس إيران، هو الشر القادم لأنه قال في بيانه ذاك “على العراق ومن هذه اللحظة أن يتهيأ بتوسيع وتأسيس جيش عقائدي”
عاد الزبيدي جبر اليوم ليقول ان “الاْردن اصبح جزءا من الناتو العربي (مع انه سبق وان عد الأردن جزءاً منه)، وإعلان السيسي الأخير بشأن ان الجيش المصري سيدافع عن دول الخليج والأمن القومي العربي بداية لمشروع صفقة القرن التي سيسعى محور السعودية- الإمارات – البحرين – مصر – الاْردن وجنوب اليمن لتهديد قطر والكويت ولاحقا العراق” ثم انه في الختام، مثل أي حكيم عارف ببواطن الأمور دعا الى الحذر كل الحذر.
فهل سمع احد غير الزبيدي ان ترامب والناتو العربي المزعوم وصفقة القرن تهديد مباشر لقطر والكويت والعراق وليس لإيران؟