اكثر من مئة نائب ونائبة اليوم معتصمين في البرلمان العراقي ولأول مرة تمردوا على دكتاتورية رؤساء كتلهم وغردوا ولأول مرة ايضا خارج سرب الطائفية والمحاصصة في خطوة كان العراقيون ينتظروها منذ عقد ونيف من الزمان لتعيد الى بلدهم المسلوب الارادة من هؤلاء السياسيين بعض من هيبته .. خليط لم يكن يوما متجانسا كما هو اليوم ليدخل العراقيون ليس مرغمين كشعب مترقب ومنتظر الى وضع جديد لم يعرفوا ما سيفضي له الامر بعد هذا التحول من قبل هؤلاء البرلمانيين اللذين قرروا أن ينوبوا ولاول مرة عن من أنتخبهم ويدغدغوا مشاعر الملايين الذين تمنوا ولو لفترة ان يعيشوا لحظات تبعدهم عن هذا الذي يسمى طائفية او قومية او اثنية خليط اليوم بدا متجانس وهم يصحوا من غفوة دامت كل هذه السنين ليعلنوا أنهم ضد كل تلك التي اوصلت العراق الى ماهو عليه ,,الشيعي والسني والتركماني والمسيحي والكردي وكل اطياف الشعب متمثلين بهؤلاء النواب اللذين اعتصموا ولم يغادروا البرلمان والأمر ربما يعتقده البعض عاديا او هينا لكن بالحقيقة هو نوع من الانتفاض على الداخل الروحي والتمرد واتخاذ القرار ضد رغبة النفس اللوامة قبل ان يكونوا قد انتفضوا ضد كتلهم التي بواسطتها اتوا الى البرلمان ..ربما أكثر الصور وضوحا وتجليا وشجاعة والتي يجب الوقوف عندها طويلا هي تلك الصورة التي رسمها النائبان الكرديان العراقيان الاصل النائبة تافكة احمد من كتلة التغيير والنائب عادل نوري من التحالف الاسلامي الكردي والذي لم ولن يعتقد أحد ان يكونا جزء من هذا التحول لظروف يعرفها جميع العراقيين تخص المكون الكردي والذي بانت حقائقة منذ اليوم الاول من سقوط حكومة صدام في العام 2003 فهؤلاء النواب جاءوا الى بغداد لأهداف ينتظرون تحقيقها ويرحلون ولايمكن أن يكون أحد من النواب الاكراد خارج هذه الارادة التي تجذرت في الشارع الكردي قبل تجذرها في الايدلوجية السياسية واعلنت صراحة في بغداد وما يقوم به الاكراد من دفاع مستميت لقوميتهم على حساب كل شيء بدون اي تردد ولا مواربة ..فالسيد البرزاني والسيد الطالباني والسيد نيشروان وقادة الكتل الكردية الاخرى ربما يختلفون في اربيل ويتصارعون ويتقاتلون هناك لكنهم يتوحدون في بغداد بوضوح وجميعهم ينادون بقوميتهم قبل عراقيتهم او انتمائهم المشوه الى العراق كدولة يعيشون بكنفها وخيراتها ويتقاضون رواتبهم وحماياتهم وموظفيهم وتموينيتهم من نفط البصرة وميسان وذي قار منذ اكثر من مئة عام لكن كل ذالك قد اصبح من الماضي ماداموا اليوم هم يعتقدون قادرين على بناء دولة لهم ويبتعدون عن العراق ..كل هؤلاء المعتصمين في كفة والنائبان الكرديان في الكفة الاخرى لانهم بالتأكيد يعرفان ما يفعلانه ويعرفان ايضا ما يتوقعانه ويعرفان ما ستؤول الامور المستقبلية بالنسبة لهما لكن مع كل ذالك اقدما على هذه الخطوة الجبارة وصدحا بصوتهما ضد كل ما بناه طغاة الاقليم اللذين أذهلتهم واصابتهم بمقتل خطوة هذين النائبين الغير متوقعة والذي لايمكن أن يفكر بها احد من هؤلاء الطغاة في اربيل والسليمانية وهم يرون نائبين يصطفان مع نواب العراق الاخرين ويقبلا العلم العراقي ويعتصمان حتى أن هؤلاء بدأوا بأتخاذ قرارات ضد تافكة وعادل لم تتخذ من قبل أعتى الطغاة على مستوى العالم كقرارات اقل مايقال ويطلق عليها انها مصابة بحمى الجور وهم اولا يمنعون هؤلاء النواب من دخول الاقليم وفصلهما وربما سحب جنسيتهما ومصادرة أموالهم المنقولة وغير المنقولة ومنع ابناءهم وذويهم من ممارسة اعمالهم اليومية وأطلقت بحقهم كل المفردات النابية التي تطلق على الخونة والجواسيس والقتلة وكأن هذان النائبان ارتكبا جرما لم يرتكبه أحد قبلهم ولا احد بعدهم وأصدر السيد مسعود رئيس الاقليم المنتهية ولايته والذي منع رئيس برلمان الاقليم من كتلة التغيير الكردية من دخول اربيل وطرده لمجرد أنه قال أن السيد مسعود قد أنتهت ولايته ولم يعد رئيسا للإقليم ناهيك عن الاصدارات لتي اصدرها رئيس المخابرات في الاقليم ابن السيد مسعود وما أتخذه السيد نيجرفان برزاني ابن اخت مسعود ورئيس البيش مركة صهر مسعود ورئيس الاسايش من ابناء عمومة مسعود وحتى السيد نيشروان رئيس حركة التغيير الذي يعتبر الند لمسعود والديمقراطي الصاعد أتخذ قرارات مجحفة ضد تافكة ورئيس الحزب الاسلامي ايضا أنتفض ضد عادل نوري الذي قدم استقالته قبل أي تحرك مبتعدا عن كتلته الاسلامية الكردية وأتخذ قرارت هو الاخر ربما تكفره وتجعله مرتدا امام الشعب الكردي ..ولو رجعنا الى الوراء وبالذات الى عهدا ليس بعيدا في العام 1996 عندما جاء السيد برزاني الى صدام طالبا منه ان يطرد غريمه السياسي ومنافسه جلال الطالباني من الاقليم بعد حربا اهلية اوشكت أن تنتهي بنهاية مسعود لولا خيانته العظمى بالطلب من الدكتاتور صدام لإنقاذه لا أعتقد ان هؤلاء النائبين فعلا فعلة شائنة كفعلة السيد مسعود يوم جاء الى صدام ومع كل هذا لم يطرد مسعود ولم يمنع من دخول الاقليم ونسى وتناسى الانفال وحلبجة وفضل مصلحته على مصلحة شعبه على العكس من تافكة وعادل النائبان اللذان لا يبغيان من تحولهما وتمسكهما بعراقيتهم من نيل منصب رئيسا للجمهورية أو نائبا للرئيس في البرلمان أو حتى وزيران في الحكومة القادمة بل أعلناها صراحة وبعد كل التنكيل الذي طالهما من النواب زملائهما الاكراد أنهم لم يطمعان بمنصب واستحقاق كردي في الحكومة المركزية وما قاما به هو بدافع ووازع من ضمير حي يعيش لحظات فخر وأعتزاز بعراقيتهما دون اي مساس بقوميتهما لكردية .اذن على الشعب العراقي اولا ان لا ينسى هذان الاسمان والى الابد وعلى الشعب قبل الحكومة والقانون والدستور ان يقفا بجانبا هذين النائبين والى المدى الابعد ويخرج لاجلهما ضد طغاة الاقليم ..وكذالك على رجال القانون العراقي والسياسيين والأدباء والمثقفين والكتاب الوقوف بجدية الى جانب السيدة تافكة أحمد والسيد عادل نوري العراقيان الاصيلان افضل من مئتا نائب هربا من اتخاذ موقف يشرف تاريخهم ويبيض صفحاتهم السوداء وانضموا الى الاصوات النشاز من رؤساء كتلهم وهم يتفرجون على زملائهم بغض النضر عما ستؤول له الامور والى اي وضع ستنتهي وايضا نهيب بالحكومة العراقية واعتقد أنها لاتقف معهما لكن الواجب القانوني والدستوري والشرعي والأخلاقي يحتم عليها ان تفسر الامور بوضوح وتقف بوجه كل التحركات التي قام بها الاكراد وتعيد لهؤلاء وضعهم الحقيقي الذي يستحقونه ويشكرون عليه بجدارة واعتقد ان ماقاما به النائبان الكرديان هي من الشجاعة بمكان لايمكن أن توصف بمجرد كلمات بسيطة وإشادة وإطراء .
[email protected]