23 ديسمبر، 2024 1:17 م

المیادین ! ساحاتٌ مُقاوِمَة

المیادین ! ساحاتٌ مُقاوِمَة

الحدیث عن المیادین القناة ، لیس کالحدیثِ عن أيِّ مشروعٍ اعلاميٍ عربيٍ آخر. فهي قدمت نموذجاً متقدماً ببحث قضایا الإنسان و مآلاته، و الغوص في فکره و عقیدته، و تناولت اهداف الأمَّة بآمالها و آلامها ، بتاریخها و حاضرها ومستقبلها.
أن تؤشِّر صوب الصحیح دون تردُّد و تشیر الی الخطأ بجرأة ولاتخاف في قول الحق لومة لائم، امرٌ شبهُ مستحیل في مثل هذه الأیام ، لکنه واقعٌ عاشته المیادین فجسَّدته و واجهت من اجله تحدیات هائلة.
رغم ذلك، وان خسرت في الظاهر، إلّا انها ربحت البواطن.
ربحت قلوباً و مشاعر.

منذ انطلاقتها -المیادین- لم تکن مُلکاً لأحد وماتزال، لم تتبع أيِّ بلد، لم تُنفِّذ سیاسات فهد و حمد او الأسد ، لم تروج لآل الصباح یوماً ولا لعبد الفتاح، وقفت علی مسافة واحدة من الجمیع کلَّما سمحت المهنیة و سمح الضمیرُ و الشرف.
من السلطان في عُمان الی جلالة الملك في عَمّان ؛ من اردوغان و سلمان ، الی ایران و لبنان . لکنها نعم -فَرَّقت- حینما اکتشفت بل کشفت زیف بعضهم و عَرَّت شناعة مخططاتهم و کارثیة اهدافهم.

جمیلاً عبَّر أحدهم أنَّ المیادین رایة المقاومة ، أقول لا بل هي المقاومة بعینها.
و الأجمل، انك بُتَّ تسمع انغام معزوفتها کل مکان ، تلك المستوحاة من سیمفونیة لیالي ساحات التحریر.
بلغة الموسیقی، هي انغامٌ طربیةٌ حزینةٌ ممزوجة بالأمل.. وبلغة الإعلام، هي صرخةٌ ظاهرها القوة و باطنها ألم .
ألمُ السیاسة و قاذوراتها !.

المیادین، ثورةٌ في معادلات العلاقة بین وسائل الإعلام و المتلقّي ، فتغییر الرأي العام لصالح فکرةٍ او مشروعٍ في العادة، یتطلب جهداً مُضنیاً و اموالاً طائلة توظفها عقول بشریة ذکیة، و یتطلَّب سنین لابَل اجیال حینا.
مسیرة قلَّصتها المیادین بشکلٍ مذهلٍ رغم تواضع حجم تمویلها مقارنة بقنوات البترودولار. اختصرتها بفترة قیاسیة لاتتجاوز الثلاثة اعوام لأنها صاحبة قضیة و ارادة و شرف.

المیادین الیوم ، رقمٌ صعبٌ تملکهُ الشعوب الثوریة الحرة ، تلك المتعطشة لقلب الطاولة علی رؤوس حکامها .

هي في العراق و سوریا، قلب الجمهور النابض، و للأکثریة في لبنان و فلسطین و الیمن و البحرین، لسانُ حالٍ ناطق.
هذه مکانة المیادین رغم کل الأحجار التي وُضعت أمامها ، رغم التهدید و الترغیب و الوعید . المیادین تسبحُ عکس التیار ، وربما هو السبب اصلاً في تمیُّزها !.

و تمیَّزت ایضاً لأنها واجهت مشروع التکفیر و التطرف ، و لأنها دعت للوحدة و لوضع حدٍّ للشرخ الحاصل وما افرز من مصائب و محن ، تمیَّزت لأنها غرَّدت خارج السرب العربي ومایحاك من فتن .

لکن ما اقلّ میادیننا العربیة وما احوجنا لمزیدٍ منها ؟!.