ما يميّز هذا الإلتهاب عن سواه من الإلتهابات , هو ما يبدو من قابلية سعة انتشاره وما قد يفرزه في حالة ديمومته المتدفقة , والمسألة هنا لا تقتصر على الأقطار العربية فقط , بل غدت المنطقة محاطة ببؤر التوتّر التي في تفاعلاتها قد تحوّل هذا الإلتهاب السياسي الى السِنةٍ من لهب , وتترآى اولى طلائعها عن كثب .!
لعلّ واحداً ” على الأقلّ ” من العوامل المسببة او المساعدة لما نشير له هو تعرّض السفينة الإسرائيلية لحادث تفجير في جنوب الخليج ” بالرغم من عدم اكتمال المعلومات الدقيقة للجهة او الدولة التي قامت بالتفجير ” , وإنَّ الغارات الأسرائيلية ليوم امس على اهدافٍ لميليشيات موالية لأيران في محيط مطار دمشق , لا تبدو اطلاقاً كأنها الردّ النهائي لما تعرّضت له السفينة , فالتحقيقات الفنية الأسرائيلية ما برحت مستمرة بهذا الشأن , وقد يترتّب ما يترتّب بعد الإنتهاء منها .!
وصول سفينتين حربيتين امريكيتين الى السودان وسبقها وصول سفينة حربية روسية الى ذات الميناء السوداني ” بورت سودان ” وخلال ايامٍ معدودة فيوحي وكأنه عملٌ استباقي لأحداثٍ ما قد تحدث جنوب البحر الأحمر , ثم انحرافاً الى شمال او يسار اليمن حيث منطقة امتداد النفوذ الحوثي البحرية , وما يمكن ان تتعرض له الملاحة هناك , وإنّ تكثيف وتصعيد القصف الصاروخي – الحوثي على السعودية ليس منفصلاً عن اسباب هذا الإلتهاب .
وإذ تبدو الأحداث وتوزيعها الجيوبوليتيك وكذلك تزامنها , فكأنها متصلة ببعضها بشكلٍ مباشر اكثر ممّا هو غير مباشر , فإنبثاق خلاف تركي – ايراني مفاجئ حول وجود قوات تركية في شمال العراق, والطلب الأيراني بمغادرة هذه القوات هو أمرٌ لافت للنظر في هذا التوقيت , بالرغم من استحالة ترك الأتراك لقواعدهم هناك , وبما يفوق مبررات او مسوّغات وجود ” حزب العمال الكردي – التركي ” المسلح في كردستان العراقية .
الى ذلك , فالمطالبة الساخنة للكاردينال بشارة – الراعي اللبناني لعقد مؤتمر دولي ” وليس عربي ! ” لتحييد لبنان عن عن النزاعات السياسية والتدخلات الأقليمية في الشأن السيادي اللبناني , وما افرزته هذه المطالبة بتنظيم مسيرة كبرى انضمّت لها قوىً سياسيةً مختلفة ” والأمر ما انفكّ في بدايته ” , فهذا مشهدٌ آخرٌ مما يسود المنطقة وما قد تتعرّض له .
الحدثُ الأحدث في هذه التطورات , فبعد الغارة الجوية الأمريكية على فصائلٍ مسلحة عراقية على الجانب الغربي من الحدود العراقية – السورية في ليل الخميس الماضي 25 شباط – فبراير , والتي اعقبها صمتٌ سياسيٌ شبه مطبق , اعلن ” تحالف الفتح ” يوم امس وبشكلٍ مفاجئ مطالبته لوزارة الخارجية العراقية بالإبراق الفوري الى مجلس الأمن لإلغاء ارسال بعثة الناتو الى العراق والتي جرى رفع عددها من 500 الى 4000 في الأيام الأخيرة الماضية , علماً أنّ ذلك تمّ بموافقة الحكومة العراقية لتدريب وتجهيز القوات العراقية وبتأييدٍ من مستشارية الأمن الوطني , فماذا سيترتّب عن هذا الأختلاف او ربما الخلاف , والذي من المتوقع ان ترفضه حكومة مصطفى الكاظمي .!
تصعيدُ التصعيد هو ما مرشّحٌ مفترض على هذا الصعيد , لكنه ليس بدرجةٍ قد يتّقدُ منها اللهب في هذا الإلتهاب في هذا الظرف الحالي , فالمسيرة بين ادارة الرئيس بايدن وطهران لازالت طويلة , وما فتئت في نقطة البداية .!