حدّثني والدي: يقولُ شاهدُ ألفيّةِ بنِ مالِك عن جاره الثمانيني شاعر الشَّارع سعدي يوسف.. ليتَ شباباً، بُوعَ، فاشترَيتُ!. مَرَّ، إذاً، ثمانيةٌ وخمسون عاماً، على الثورة التي لم يتبَقَّ منها سوى اسمٍ بلا مُسَمّى:
جمهوريّة العراقِ المعارِضِ بالصمتِ والأضرحةْ * العراقِ الذي جَمّلَ المذبحةْ * الذي دَوّنَ فوقَ بُرْدِيّةٍ * فوقَ سعفِ النخيلْ * في عراقٍ شفيفْ * ساكنٍ عتمةَ المقلتَينْ * في عراقٍ دائرٍ في دمي..
الحقَّ أقولُ إن ما وقعَ في الرابع عشر من تمّوز ذاك، كان ثورةً بالفعلِ، لا بالقول؛ لقد أُغلِقتْ القواعدُ العسكرية الأجنبيّة، وأُمِّمَ النفطُ، وطُبِّقَ إصلاحٌ زراعيٌّ جذريّ، وسُنّتْ تشريعاتٌ متقدمةٌ بينِها “قانون الأحوال الشخصيّة” الذي منحَ المرأةَ حقوقاً تليق بامرأة، وبدأتْ عمليةُ تطويرٍ مدروسةٌ. لكننا، نحن العراقيّين، عرباً وكرداً، لم نُحسِن التعاملَ مع الثورةِ وأهلِها. كما أن القوى العربية المؤثرة في الساحة القوميّة (تنظيمات القوميّين من ناصريّين وبعثيّين) وقفتْ بعنادٍ ضد ثورة تمّوز العراقيّة. اليسار العراقيّ حاولَ الاستيلاءَ على الشَّارع. والكردُ رفعوا السلاحَ. والقوميّون حاولوا اغتيال قائد الثورة، الضابط الوطني الشهم، عبدالكريم قاسم. كان العراق المستقل، الماضي في طريق التطوّر، خطَراً على الاستعمار، وقيادتِه الأميركيّة، وهكذا أصدرَ الرئيس الأميركي جون فتزجيرالد كنَدي، توجيهاً رئاسيّاً: أزِيلوه! Presidential directive Remove him. ونُفِّذَ انقلابُ شباط 1963، بدايةً دمويّةً، لأحداثٍ لم يشهد العراقُ مثيلاً لها في تاريخه الحديث. شُقَّ نهرُ الدمِ، وعُمِّقَ مجراه، مع الأعوام.
هكذا هو عليه حال المُعارضة العراقيّة عمومَاً الظاهرة الصَّوتيّة المُهللة المُتهلهلة العابرة للحدود مُنذ قيام حرب الخليج الأولى خريف 1980م المُعتمدة على الأجنبي المَعني، يُعنى بها؛ في مُعادلة الصَّيّاد والفريسة السَّـهلة الطَّريدة الشَّريدة شاردة الذهن في شتاءات الشَّتات، حتى خريف الغَضب 2016م، القلب مِنها بغداد «مَدينة السَّلام» عنوان سِفر الخطيب البغدادي (ت463هـ): «تاريخ مَدينة السَّلام». والضحيّة ساكن أكبر مَقبرة في العالم لدى مُنظمة اليونسكو في وادي الرافدين «وادي السَّلام» المسكون عقله الباطن باللاوعي، بالجلاد تجأر منه للجار في الجوار بمُر الشَّكوى مِن الجلاد وتقتدي به نهجاً وسلوكاً، في مَوضع ذاك الجناح المَريض المَهيض كسير القلب خاسيء البصر والباصرة يتلفت إلى تضاريس خارطة الوطن التاريخيّة الأشبه بالخافق المُعذب الجريح النَّازف عقول وقلوب بنيه الشَّتى في المنفى المنسى، بيادق وبنادق ارتهنت في الجوار للإيجار..
الكاتبُ الأديبُ الفرنسي Jean de La Bruyère، وًلد في باريس في مثل هذه الأيّام القائظة 16 آب 1645 (ت 1696م) قالَ:
“ما يُعدُّ حقيقةً أمامَ جبالِ البيرينه Pyrénées يُعدُّ خطأً وراءَها!”…
فـ«مِن مضحكات الدّهر» (قصيدة للرصافي): «وإن أبصرت عيناك يومَاً حقيقةً * تُخالف ما قد قلته فتُشككُ * وما النَّاسُ إلا خادع أدرك المُنى * وآخرُ مَخدوع لها غير مُدركِ» (الدِّيوان 1959). قال العباسيّون: «اعلموا أن هذا الأمر فينا ليس بخارج منَّا حتى نسلمه إلى عيسى بن مَريم» (الطَّبري، تاريخ الأُمَم والملوك) ما ننطيها بالعراقي الصريح!..
حتى المُنتظر لدى حتى أصل التشيع قبل مَدرسة الأُصول في الفقه؛ إخباريّة البصرة حتى البحرين حيث آل عصفور وحجتيّة إيران مُعارضة التقليد واجتهاد الولي الفقيه وشيخيّة الأحساء.. لكن لا يصح نسيان وجه آخر مِن تاريخ العراق، تاريخ مَن حرص على السِّلم والسَّلام، وفي أحلك الظّروف. كتب العزاوي (ت 1971م) عن السَّنة التي استباح فيها عباس الصَّفوي بغداد (1622م): «فرق بدفاتر (أسماء السُّنَّة) و(أسماء الشِّيعة)، ودونها وأودع مِن السُّنَّة مَن لا يحصون بيد الشِّيعة (مِن القادمين معه) فعذبوهم بأنواع العذاب، وقتلوا فيهم كثيراً ليضطروهم إلى بيان أموالهم وسائر ممتلكاتهم. وكان في نيّة الشَّاه أن يقضي عليهم جميعاً، لكن الكليدار (السَّادن) للإمام الحسين (رض) نقيب الأشراف في بغداد السَّيِّد دراج مِن رؤساء الشِّيعة، وله جاه عند الشَّاه استشفع بالكثيرين، إذ أنه أدخلهم في دفتره، وبَين أنهم مِن مُحبي أهل العبا فتمكن مِن إنقاذهم. العراق ابتلي ببلاء عظيم بين ناري حكومتين تتنازعان السُّلطة. العثمانيون راعوا عين الطَّريقة في القتل والطَّعن بنسل هؤلاء، أو الفتوى بقتلهم، أو حرق موتاهم بعد نبش قبورهم، ما عدا صفي (جدّ الصَّفويين)، وما ماثل مِن الفظائع. فلا يُعذر هؤلاء أيضاً، سواء كان بطريقة المقابلة بالمثل أو ابتداء. عمَل لم يمنع الوالي مِن الوقيعة به بعلةِ أنه كان شيعيّاً معروفاً بتشيّعه، فلم يتحمل شهرته ومكانته، فاتخذ ذلك وسيلة للقضاء عليه» (العراق بين احتلالين). الإمام أحمد بن حنبل (ت241هـ) سجنته السُّلطة بتهمة إخفاء علويين، وشدّة الأواصر بين الإمام محمد بن إدريس الشَّافعي (ت204هـ) والعلويين، وما قَدّم الإمام أبو حنيفة النُّعمان (ت150هـ) للعلويين!.
(المبعوثان!) بعنوان معارضة إلى طهران الإمام الغائب بشرائط ظهوره الشَّريف لنشر العدل في المُعذبين في الأرض بعد جور وفشل شروط الجدليّة الماديّة الشّيوعيّة في العصر السَّوفييتي:
شُكل المجلس (الأعلى!) مِن قبل الإمام الخميني، (السَّـيِّد!) علي الخامنئي يتابع تطورات المجلس، ممثلاً عن الإمام. الأستاذ هنردوست أحد مسؤولي لجنة إسناد/ تحقيق مَسائل العراق (كوميتيه بررسي مسائل عراق)، بعد مطالبة الأعضاء مقابلة الإمام الخميني لاكتساب المباركة بالشَّرعيّة الكاملة للمجلس قال: سنسعى بتحقيق زيارة الأعضاء لحضرة الإمام الخميني، هيأة الرئاسة مكونة من سماحة آية الله العظمى (السَّـيِّد!) محمود الهاشمي والنائب الأول سماحة آيه الله العظمى (السَّـيِّد!) كاظم الحائري والنائب الثاني سماحة العلامة المرحوم (السَّـيِّد!) عبدالعزيز الحكيم 7 آيات الله أعضاء المجلس (السَّـيِّد!) محمود الهاشمي و(السَّـيِّد!) كاظم الحائري والشَّيخ الآصفي رضوان الله عليه و(السَّـيِّد!) تقي المدرسي والشَّيخ مُحمّد باقر الناصري والمرحوم الشَّيخ حسن فرج الله رحمه الله و(السَّـيِّد!) حسين الصَّدر ابن (السَّـيِّد!) هادي الصَّدر والأكاديميين، المُهندس (السَّـيِّد!) علاء الجوادي والطَّبيب (السَّـيِّد!) إبراهيم الجعفري والأستاذ الجامعي (السَّـيِّد!) أكرم الحكيم.
عبيد الله أبناء العامة على شتى مشاربهم مِنْ أقصى اليمين حتى أهل الشَّمال الأعسر الأفشل؛ غائبون وأغبياء وفاشلون مُنذ مطلع عقد ثمانينات القرن الماضي حتى مطلع النصف الثاني للعقد الثاني للألفية الثالثة للميلاد المَجيد، على الحديدة!، على الحميد المَجيد!، والمحسوب في الحصاد المُر ومنجله في حساب البيدر مكسور وعصاه عصا موسى قَالَ هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا وَأَهُشُّ بِهَا عَلَىٰ غَنَمِي وَلِيَ فِيهَا مَآرِبُ أُخْرَىٰ.. لهفي عليه حميد مَجيد موسى أبُ داودوعلى فلوله وكؤوسه الأوفى في مساءات وإساءات (مُساءلاتهم العادلة!) مُنذ سلام عادل الرضي النجفي حتى التروتسكي البعثي الإسلامي عادل عبدالمهدي المُنتفجي صحبته السَّـلامة وسميته صحيفته (العدالة!)، يكتبون لبعضهم عَمَّ يَتَسَاءَلُونَ عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ الَّذِي هُمْ فِيهِ مُخْتَلِفُونَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ فِي تَسَاؤُلهمْ عَنْ يَوْم الْقِيَامَة إِنْكَارًا لِوُقُوعِهَا “عَمّ يَتَسَاءَلُونَ” أَيْ عَمَّ الأسبق البيضة أم الدّجاجة ياترى؟!، ويتفلسفون في زمَن الطَّاعون وقوة عَنت شبكة عَنترنت التي أتاحت لهم حريّة العريّ الانحلالي والدِّين الإلحادي المُتطرف فِي فخ المُغَفلين المُغَلفين باليسار وبموقع الحوار المُتمَدن! الإلكتروني الافتراضي الحائز جائزة فيلسوف العَقل والنقل المُسلم ابن رشد للفكر الحر المسؤول أُسوة بداعية (لا إقصاء!) التونسي الشَّيخ راشِد الغَنَّوشي الذي سائل رشِيد عَقراوي: أَلَيْسَ مِنكُمْ رَجُلٌ رَّشِيدٌ؟!.