23 ديسمبر، 2024 6:10 ص

-1-
هناك طريقان للتألق والصعود :
الأول : يعتمد المهارة والبراعة في فنّ من الفنون ،أو موضوع معيّن في حقل من الحقول ، وعلى ضوء التقدم المتميّز الذي يحرزه المتفوقون ، ونجاحاتهم الملحوظة تتوجه اليهم الأنظار ، ويكون لهم الاعتبار …
وهذا الطريق لاغبار عليه ، وهو النتيجة الطبيعية لذوي المواهب ، في البلدان التي ترعى الموهوبين وتعتز بهم …
الثاني :
إتقان فنّ الملق ، والتقرب الرخيص ، والبراعة في تمثيل مسرحيات الذوبان في حُبَّ (الحاكم)، والولاء السياسي المطلق له ، واظهار الاستعداد للموت من أجله …
وفرسان الملق لاتخلو منهم دواوين الملوك والرؤساء وكبار السلطويين …
انهم غالباً ما يلتصقون بأصحاب المراكز العليا ، ويزينون لهم ما يريدون ، ويحجبون عنهم ما لايريدون ..!!
-2-
ومن القصص المثيرة التي سيقت في هذا الخصوص، قصة ذلك المتملق الذي كان في مجلس (السفّاح) العباسي ، وقد أقبل على جلسائه وندمائه يحدثهم ويحدثونه إذْ سقطت شرفةٌ من القصر عليهم ففروا جميعاً ، الاّ هذا الرجل .
وكان قد أصابه حجرٌ فشجَّ رأسه وسالت الدماء على وجه ، فقال له ابو العباس السفّاح :
لِمَ لم تفر كما فَرَّ أصحابك ؟
قال متملقاً :
ياأمير المؤمنين :
اني مقبل عليك ومسرورٌ بحديثك ،
فلا يشغلني عنك شاغل ،
ولا يصرفني عنك صارف ،
فاستحسن السفّاح كلامه ، فأدناه وأكرمه وقربّه وزاد في عطائه ..!!
-3-
وقد يقول قائل :
واين نحن اليوم من تلك القصص القديمة ، والحكايا البالية ؟
اننا في الألفية الثالثة، وقد استجدّت أعراف جديدة ، ومواضعات لم تكن معروفة من قبل … فلم يعد هناك مكانٌ لمثل هذه الزعانف ..!!
والجواب :
إنّ آخر ما أفرزته التكنولوجيا ، يوّظف من قِبل العديد من المتملقين للسلطويين في عمليات تعميق أواصر الصلات بينهم وبين أسيادهم :
ألم تسمعوا بقصة ” الاستنساخ ” التي طرحها أحدهم في سياقتمسكه بأهداب الحاكم بأمره ؟!!
وينبري بعضهم لتقديم (تسجيل) صوتي للسلطان ، لما دار بين مجموعة من السياسيين الذين لايحبهم..!!
وهكذا تعدد الوسائل والعوامل ، التي تجعل التسابق الى قلوب كبار السلطويين محموماً للغاية ..!!
اننا لانريد ان نوصد الباب، أمام العلاقات والروابط القوية بين هؤلاء والسلطويين، شريطة ان تكون وفق الموازين الشرعية والاخلاقية، لا أنْ تكون مغموسة بالدجل والنفاق ، والشيطنة الرهيبة التي لاتطاق …
أين هم أصدقاء (القائد الضرورة) المقبور ..؟!
ان زمرة المتملقين الجدد سيؤول مصيرها الى مثل مصير من سبقهم ..!!
www.almnbair.com  
[email protected]