نحن في عالم جبان داعر متفرّج مكتف بلغة ميتة لتوصيف موتنا الكبير، وقلق باهت يشبه قلق العم البائد بان غي مون، وجشع قذر حقير مثل صاحب معمل لبيع غاز السارين والفسفور.
لم يعد موت أم ثمانينية فوق سرير مشفى بارد، مؤثرا وحالبا لسواخن الدمع، وقد يكون فاتحة لشقّ زيق أو لطم رأس وخد، كما كان الفعل من قبل. صار هذا الصنف من الموت طبيعيا ورحيما ويحمل معه كلّ هدايا المواساة والتسكين والطمأنينة الأرضية والسماوية، إذا ما قارنته بموت هذه الأيام السود السخماوات المتغولات القائمات.
في البيت أو المشفى تموت الوالدة الحنون، لكنها ستهديك قبل الشهقة الأخيرة بعض ابتسامة رضا وحب، لكنّ هذه الأم أو الأب أو الابن، سوف لن يمنحوك حتى أثر ابتسامة، وهم يستنشقون غاز السارين النذل في “خان شيخون” أو يلبطون مثل خراف العيد تحت سكاكين داعش وأخواتها بالرضاعة من نفس ثدي الشيطان الرجيم.
تموت الجدة الآن لكنها لا تترك وجعا، مثل الوجع والكدمات التي تنرسم على صفحة قلبك، وأنت تنظر إلى وجه طفلتك الحلوة أم الجدائل، التي ترفس وتكافح من أجل الاحتفاظ بآخر الأنفاس العزيزة. هي تحاول خداعك بأثر ابتسامة من وجهها النبويّ، وتقول لك ببقيا حروف ساعدني يا بابا، لكنّ بابا ليس تحت يمينه شيء سوى غسل ذلك الوجه الملائكيّ الغضّ، بدمع حار يكاد يصير دما من قوة الألم.
شاشات التلفزيونات الكثيرة ملطخة بالدم وبالنار وبالرماد وبالعويل. مانشيتات باردة تخبرك بواقعة حفل شواء معطّر برائحة اللحم البشريّ، أو برقصة موت جماعيّ صاخب انولد من غرق “تايتانيك الفقراء” ببحر الظلمات والمظلومين. كانت الناس في زمان النقاء والحبّ والبساطة تبكي على بطل الفلم الهندي أو المصري أو الأميركي، لأنه فقد حبيبته بحادث سرطان، لكنها اليوم تؤثث مائدة طعامها وتتمطّق وهي تزرع عيونها على شاشة إلكترونية عملاقة، يكاد الدم ينزل من حروفها اللئام.
نحن في عالم جبان داعر متفرّج مكتف بلغة ميتة لتوصيف موتنا الكبير، وقلق باهت يشبه قلق العم البائد بان غي مون، وجشع قذر حقير مثل صاحب معمل لبيع غاز السارين والفسفور، والمطر النووي القادم كما موت مؤجل حان حصاده الآن.
بعد واقعة خان شيخون، قال ترامب إنه بدّل موقفه تماما من مسألة بقاء بشار والخيارت كلها مفتوحة الآن. الأوروبيون والذيول قالوا بما قال ترامب ونائبه ومحفل ماسونيته الكبير. لا أحد من هؤلاء القتلة السفلة مشعلي الحرائق ببلداننا المريضة قد مسّ تنظيم القاعدة وابنته داعش وأخواتها بالرضاعة بأي كلمة سوء أو حتى إيحاء ببعض مسؤولية. إذن داعش بالنسبة لهم حلوة وطيبة ولا تستعمل الكيمياوي أبدا.
نقلا عن العرب