22 ديسمبر، 2024 8:28 م

الميجــــــــــــــــــــــر من أهل السادة

الميجــــــــــــــــــــــر من أهل السادة

السادة هيئة تحرير صحيفة ( كتابات ) المحترمين تحية طيبة تفضلكم بنشر مقالي المدوّن أدناه المتكون من خمسة اجزاء يحكي قصة حياة قرية من قرى محافظة ديالى في بداية خمسينيات القرن العشرين مع التقديرالميجــــــــــــــــــــــر من أهل السادةالجزء الثانيأسم الميجر متداول بشكل عام ومتّسع في القرية يمتلك ويدير مقهى مسماة بأسمهِ ( كهوة الميجر ) يعاونه في ادارة المقهى احّد ابناء القرية اسمه ” رْزوقي ” بتسكين الراء يداعبه الجميع يتفاخر بحملهِ خمسة عشر قدح شاي بصحونها في يد واحدة يداعبه الرواد بقولهم ” صفّك وننطيك درهم ” أي خمسون فلساً كان يضع سيكارة نوع لوكس في فمهِ ملتصقة بشفتهِ العليا يتكلّم وهي ملتصقة متفاخراً بذلك يرتدي ثوب طويل ” دشداشة ” يتمنطق بحزام عريض متهالك يضع فوق رأسهِ طاقية صفراء مخططة طويلة ” عَرقجين عصفوري ”  أيظاً يمازحونه بسؤالهم عن ” مكان الجيشيّه ” بندقية أنكليزية يستخدمها الجيش وتعد من ارقى البنادق في زمانها منتشرة بقلة بين الأهالي لأرتفاع ثمنها وممنوعيتها لا يملكها لكنه يَتَبجح بها .  لم يكن الصبيان يَعون او يفهموا الاسماء ومعانيها , كانَ هذا الرجل ( الميجَر) مثابراً في عملهِ يحترمهُ الجَميع مُشكلته المُستنقَع المُحاذي لبستانه عندَ ارتفاع مستوى ماء المُستنقَع يَغمِر جزء كبير من بستانهِ تراهُ في الشتاء البارد مغمور في الماء محاولا جمع اكبر كمية مِنَ الطين لغرض عمل وادامة سَد يَقي بستانه من الغرق دونَ جدوى بسبب طول المسافة , الصبيان يمازحونه مرددين أغنية معروفة مُحوّرِينها على اسمه ” عَلميمَر وَ علميمر خاف انفشّخ وَبلاك عَمي الميجَر ” معتادٌ على هذا يُقابلهم بأبتسامة خَفيفة فيها نوع من التهكم وعدم الرضا , غالباً ما تُسمى البساتين بأسماء معرّفة مثلَ بستان السَبتيّة وبُستان الميجَر والواقيّة , كانَ الصبيان يعرفون موعد انتهاء الرعي مِن خلال طول ضِلّهم على الارض يَقيسونَهُ بأقدامِهم , الساعة الثانية عشر ظهراً تُساوي طول اربَعة اقدام , يتسلّقون النَخيل لأكل التَمر وخاصة نوع ” التبرزل ” ويأكلون الرمان ويشربون الماء من النهر بطريقة مميزة غَرف الماء بيد واحدة بسرعة متعاقبة ’ ويسبحون فيه بعد انتهاء الرعي يسوقون الابقار بأتجاه منازلهم وينتظرون لفترة بعدها يتسابقون بالحمير للحاق بأبقارهم احياناً يسقطون من على ظُهورها ويتعرّضون للأذى . الابقار لها رِعايتها الخاصة علاوة على الرعي يقوم الرجال اوالنساء بقص الحشيش لأعطائهِ للأبقار في البيوت , عند ولادة البقرة تفرز حليب خاص لمدة اربعة ايام غاية في اللذة ومفيد جداً يستخدمه احياناً اهل القرية كَعلاج للمرضى يسمى بالفصحى ” اللّبأ ” وفي لهجتهم العاميّة ” الدوْله ” بتسكين الواو لونه لبني مصفر سائل كثيف وسميك عالي اللزوجة ويُعتَبر مُضاد حيوي ويوقِف الاسهال وعلاج للبالغين وخاصة القولون مدة حمل البقرة تسعة اشهر وهي نفس مدة الحمل عند الانسان أنتاجها للحليب يستمر لمدة 300 يوم تُحلب من 2 ــ 3 مرات يومياً كمية الحليب تختلف من بقرة لأخرى وحسب كمية ونوع غذائها , السكان عند شرائهم للبقرة يعرفون سِنين عمرها من خلال حساب اسنانها  أهلَ القرية لا يستخدمونَ سوى ” الدهن الحر ” المأخوذ من حليب الابقار يحوّلون الحليب الى لبن يُسمونهُ ” الخائر ” ويضعونه في حاوية من جلد خروف او ماعز مفتوحة من جانب الرقبة وأضافة قليل من الماء ويهزّونها بعد نفخها فَيتجمّع فيها الدهن ” الزبد ” وَيُجمَع . وهناك أكلة مميزة عبارة عن ثريد خبز منقوع بالحليب الحار يصب فوقه الدهن الحر تسمى ” خْميعه ”  في حال عدم توفر الدهن الحر يقومون بتذويب شحوم الغنم ” ألألية ” وشحوم الابقار ويسمونه ” دهن وِدج ” لا يستحسنونه ويطلقونه مثلاً على الانسان الغير جيد فيقولون عليه دهن ودج . في الربيع مهرجان خاص  رائحة  عطر القداح تملئ القرية ليل نهار , يقوم الاولاد والنساء في شهر نيسان بقطف وجمع ازهار الورد الجوري  لغرض تصنيع ماء الورد لأستخدامه في حاجاتهم المنزلية الغذائية بطريقة بدائية يوضع في حاوية لنقل الماء تُسمّى  ” المشُربه ” توضع على النار فوهتها مغلوقة بليف النخيل وَغمره بالطين مثقوبة من الجانب مربوطةٌ بها قصبة طويلة مثقوبة ملفوفة بقطع قماش يصبون الماء فوقها لغرض تبريد البخار وتكثيفه ويضعون تحت نهايتها حاوية لجمع قطرات الماء الخارجة منها ومن ثم يحفضونه في قناني زجاجية محكمة الأغلاق . النساء يحملن باقات سعف النخيل ونقلها من البساتين الى البيوت  ويقمن بطحن حبوب الحنطة والشعير بتكسيرها بعد وضعها بآلة خشبية غليضة محفورة من الوسط بطول نصف متر تسمى ” الجاون ” وتضرب بخشبة طول مترين على شكل حرف تي الأنكليزي تسمى ” الميجنا ” بعدها تنقل وتوضع على شكل دفعات في آلة حجرية على شكل قرصين مثقوب القرص العلوي وفيه خشبة تدار باليد تسمى ” الرحا ” ومن ثم وضع الناتج في منخل لعزل الطحين عن الشوائب بعدها يكون جاهز للخبز , غالباً ما تُحفض حبوب الشعير والحنطة في حاوية تسمى ” الكْواره ” مبنية من طين طولها متر ونصف بقطر 40 سنتمترأو اكثر مثقوبة من جانبها الاسفل ترتكز على ثلاثة أرجل , من الطريف لهم مثل يرددونه ” الخايف مضّمه كواره ” . كانت الحياة تعاون بين العائلة اطفال ونساء ورجال فيما بينهم ومع الآخرين حياة صعبة لكنها جميلة ومثيرة , المستوى المعاشي لأهل القرية يعتمد على جدية وفاعلية شخوصها الرجال  يرتادون المقاهي ليلاً يعملون وهم يتسامرون يقومون بصنع ما يحتاجونه من حبال وحاويات مثل ” الزنبيل والسابل والحصير ” والنساء الكبيرات في السن كن يتجمعن عند ” نشمية الجدة ” قابلة القرية و عند الحاجّة هدية ام احمد او عند الحاجّة ام حسين وبشكل دوري وايضاً كنَّ يعملنَ أثناء سمرهُنَّ يغزلن يشربن الشاي والمعجنات ” الكليجة بأنواعها ”  منازل القرية والقرى الأخرى المجاورة مبنية من الطين المخمر والمخلوط بالتبن سقوفها من جذوع النخيل وجريد السعف ونبات “الحلفة وتوضع فوقه طبقة متوسطة السُمك من الطين وهناك مختصين بالبناء اشهرهم ” أسماعيل الجبّار”  أحياناً تبنى بعض جدران بيوت القرية ” بالبِن ” عبارة عن طين مقطع بقوالب خشبية يجفف على اشعة الشمس ويبنى به والطريقة الاولى كانت تسمى البناء ” بالطُوف ” . لعدم وجود الكهرباء يعتمدون في انارة منازلهم واماكنهم على مصابيح مثل ” الفانوس واللالة واللوكس و اللمبة ” وارخصها واسهلها اللمبة عبارة عن زجاجة او علبة معدنية ضيقة الفوهة تضع فيها فتيلة من القطن مثبتة بتمرة منزوعة النواة توضع في فوهة العلبة وقودها النفط ضوئها خافت , في المقاهي يستخدمون اللوكس وقوده الكحول قوي الانارة . الاطفال يلعبون في الشارع قرب المقهى أحياناً تنتشر في هذا المكان ليلا نوع من حشرات التفاح تسمى “الطابوح ” ما بين اجنحتها وجسمها مادة فسفورية تضيء , حجمها بحجم الذبابة تطير على مستوى منخفض وتكون على شكل نشرة ضوئية تثير الدهشة والسعادة بين الاطفال , من شخوص القرية المشهورين بالصيد أحمد محمود العبدالله ابو كريّم و ” الكاشوتي ” كانوا يستخدمون بنادق الصيد القديمة يصنعون خراطيشها بأنفسهم بارود ورصاص مذاب على شكل كرات صغيرة يصيدون طيور الدرّاج وطيورالماء والارانب , الصياد ابو كريّم غالباً ما كان يستخدم كلب صيد نوع ” سلوكي او بوجي