بما أن راتب المعلم لا يكفي(يادوب يسد المصاريف الاعتيادية) قررت وأحد زملائي المعلمين أن نفتتح مكتب طباعة وأستنساخ وتصوير فوتوغرافي ومستلزمات مدرسية، قما بتأجير محل وترتيبهِ وبدأنا العمل، وكان الأقبال جيداً، حتى أن صاحب المحل ضاعف الإيجار بدون سابق إنذار!
إستمر العمل وفتح الله لنا باباً آخر، حيثُ حضرت صاحبة صالون حلاقة وتزيين العرسان عندنا، وطلبت منا تصوير وطباعة صور العرسان الذين يحضرون عندها مقابل نسبة من الارباح؛ تمت الموافقة وكان عملاً جيداً؛ لكن الطمع أفشل العمل فصاحب المحل كان جشعاً فأراد مضاعفة الايجار مرة أخرى، وبتصرفهِ هذا أعلن بأنه يريد مصادرة المشروع، وأخذ يختلق مشاكل مع زميلي أثناء تواجده في المحل، وبدأ بأتهامه بأمور قد تؤدي بزميلي إلى التهلكة، لذلك قررت إنهاء المشروع وخرجنا منهُ دون خسارة..
ما أثارني في تلك الفترة أن شابان كان لها أستوديو بالقرب منا، كانا يدفعان إيجاراً ضخماً(أحد أسباب مضاعفة الايجار علينا)، ويعمران المحل ويرتباه كل ثلاثة أشهر تقريباً، لكن ما يدخلهم من وارد لا يساوي ربع ما يدخلنا! فمن أين لهما كل هذا المال؟ فتحققت وعلمت أن هذا المحل لم يكن سوى واجهةٍ لغسيل أمولٍ تأتي من جهةٍ أُخرى..
اليوم ثمة تزاحم وتدافع مريب على إفتتاح مولٍ أو مطعمٍ، الواحد تلو الآخر في بغداد، حتى يبدو إن العاصمة ستضرب الرقم القياسي في موسوعة غينيس من حيث عدد المولات والمطاعم التي لا تنضب، فيتغير أسمها من مدينة السلام والعلم الى مدينة المطاعم والقضم! ألا يدعونا هذا الى التساؤل: لماذا؟ وهل حقاً أن مردود هذه المولات والمطاعم يسد مبالغ الايجار ورواتب العاملين؟! بالنسبةِ لي لا أعتقد ذلك أبداً؛ نعم ليس الكُل فثمة مولات ومطاعم لها روادها وهي تكاد لا تخلو من الزبائن أبداً، لكن كم نسبتها مقابل العدد الهائل الموجود الآن!؟ أعتقد أن الموضوع فيهِ غسيل أموال قطعاً..
بقي شئ…
أقترح أن تتوجه الأنظار والأفكار الإستثمارية(غسيل الاموال) في جوانب أُخرى مهمة و مربحة أيضاً، هي إفتتاح مستشفيات أهلية من طراز يضاهي المستشفيات العالمية بدل سفر المريض ومعاناته هو وعائلته، فوضع المستشفيات الحكومية بائس جداً، وهذه فرصة جيدة لـ(غسيل الاموال) ولكن بفائدة أكبر.