انشغلت وسائل الاعلام والاوساط السياسية في العراق بموضوع التقارير التي تشير الى (قانون منع زعزعة الاستقرار في العراق) وامتلئت المواقع الاليكترونية بتحليلات تخص الاثار الاقتصادية والسياسية لذلك القانون واصبح الحديث الشائع هو عن قوائم مرفقه باسماء كيانات واشخاص ستتم معاقبتهم بموجب ذلك القانون فما حقيقة الموقف القانوني لهذه التحليلات ؟
بداية في 15/1/2019 تم تقديم مقترح القانون من قبل النائب اذم كنزنجر وهو جمهوري مو ولاية الينوي ، وتم تأييد القانون من قبل كل من النواب توماس سوزي وهو ديمقراطي من ولاية نيويورك والنائب براد شيرمان الديمقراطي من ولاية كالفورنيا والنائب الجمهوري ماريو دياز بالارت من ولاية فلوريدا في نفس التاريخ كما دعمت النائبة الجمهورية من ولاية انديانا سوزان بروك مشروع القانون بتاريخ 24/7/2019 . تم احالة مشروع القانون الى لجنة العلاقات الخارجية والى اللجنة القضائية في مجلس النواب بتاريخ 15/1/2019 . بتاريخ 25/2/2019 قررت اللجنة القضائية احالة مسودة القانون الى اللجنة الفرعية الهجرة والجنسية في مجلس النواب الامريكي .
تم ادراج المسودة في مجلس النواب الامريكي برقم (571 ) . تنقسم المسودة الى اربعة اقسام ، القسم الاول يخص العنوان ، القسم الثاني يخص اجراءات فرض الحظر على الاشخاص والجهات التي تهدد السلام والاستقرار في العراق القسم الثالث يخص عملية تحديد الجهات والاشخاص المشمولين بالقانون اما القسم الرابع فهو الخاص بالجهات المعنية بمراقبة تنفيذ القانون .
العنوان الرسمي للقانون هو ( هو فرض الحظر فيما يتعلق بالجهات والاشخاص الايرانيين الذين يشكلون تهديدا للسلام اوالاستقرار في العراق اوالحكومة العراقية ) ويتم اختصاره الى (قانون منع زعزعة الاستقرار في العراق لعام 2019 ).
في الفقرة الاولى من القسم الثانيه يشير الكونغرس الى ضرورة الاستمرار في تطبيق الامر التنفيذي (13438 (50 U.S.C. 1701) والخاص بحجز ممتلكات وارصدة بعض الاشخاص المتهمين بتهديد الاستقرار في العراق وتخول الفقرة الثانية من نفس القسم رئيس الادارة الامريكية بفرض عقوبات على الاشخاص الذين يهددون الاستقرار في العراق والحكومة العراقية والذين يهددون العملية الديمقراطية في العراق وكذلك يهددون جهود الاصلاح الاقتصادي والسياسي في العراق وكذلك يهددون جهود المساعدات الانسانية في العراق .
تشمل العقوبات حجز الممتلكات والارصدة الخاصة بالاشخاص المشمولين بالقانون وفقا للقانون (the International Emergency Economic Powers Act (50 4 U.S.C. 1701 et seq.) ) والذي تم تشريعه عام 1977 والذي خول الرئيس الامريكي عند وجود تهديد غير طبيعي للامن الوطني الامريكي والاقتصاد الامريكي والسياسة الخارجية الامريكية حتى وان كانت وقعت خارج الولايات المتحدة الامريكية بتجميد وحجز الارصدة والممتلكات العائدة للدول او المجموعات او الاشخاص الذين ساعدوا في تهديد مصالح الولايات المتحدة الامريكية .
كذلك يمنع الاشخاص المشمولين بالعقوبات من الحصول على سمة دخول الى الولايات المتحدة والغاء اية تاشيرات سبق لهم الحصول عليها ويشمل ذلك حق الاقامة الدائمة ولكن يستثنى من ذلك الدخول الخاص بمعاهدة دولة المقر لمنظمة الامم المتحدة وكذلك يمكن لرئيس الولايات المتحدة منح استثناءات خاصة لافراد وحسب كل قضية على انفراد .
بالنسبة للقسم الثالث فيختص بالاشخاص والجهات المشمولة بالعقوبات حيث يطالب القانون من وزير الخارجية الامريكية وخلال فترة 90 يوم من تشريع القانون ان يحدد مبررات شمول بعض الجهات ذكر القانون على سبيل المثال عصائب اهل الحق وحزب الله النجباء ولواء فاطميون ولواء زينبيون واية جهة اجنبية واية عضو او شخص مرتبط مع تلك المنظمات او الجهات والتي تم اعتبارها ارهابية وفقا لقانون الجنسية والهجرة رقم (Act (8 U.S.C. 1189 ) والجهات المشمولة بالامر التنفيذي (13224 (50 U.S.C. 1701 ) كما ذكرت مسودة القانون اسماء سبعة اشخاص على سبيل المثال .
بعد استعراض مسودة القانون يجب ان نوضح ان المسودة مازالت مقترح في مجلس النواب الامريكي وحتى تاريخ 27/ تموز /2019 فهي لم يتم التصويت عليها ولم يتم تمريرها واخر اجراء تم بخصوصها هو تبنيها من قبل النائبة سوزان بروك بتاريخ 24 / تموز /2019 . اي انها لم تتجاوز مجلس النواب واذا تم تمريرها يجب التصويت عليها من قبل مجلس الشيوخ قبل ارسالها الى الرئيس الامريكي لتوقيعها قبل ان تصبح قانون . لذلك فكل ماقيل عن هذا القانون هو مجرد محاولات للضغط على الوضع السياسي في العراق بنشر معلومات مغلوطة مستغلة انقطاع الاتصال والاطلاع على التطورات العالمية .
ثانيا هل تمتلك الولايات المتحدة الامريكية القدرة على تنفيذ العقوبات الجواب هو نعم بسبب الهيمنة والسيطرة الامريكية على النظام المصرفي العالمي فنتيجة للإجراءات المذكورة في مسودة القانون يوم، يتمّ الحجز على جميع ممتلكات الكيانات والجهات والاشخاص أو التي لها مصالح فيها والموجودة في الولايات المتحدة أو في حوزة أو تحت سيطرة على أشخاص في الولايات المتحدة، ويجب الإبلاغ عن هذه الممتلكات إلى مكتب مراقبة الأصول الأجنبية. وتحظر لوائح مكتب الإشراف على الممتلكات الأجنبية عمومًا جميع تعاملات الأشخاص الأمريكيين أو من في حكهم أو المقيمين داخل الولايات المتحدة أو العابرين فيها التي تنطوي على أي ممتلكات أو مصالح في ممتلكات الأشخاص المحظورين أو المصنَّفين . وبالإضافة إلى ذلك، فإن الأشخاص الذين يشاركون في معاملات معينة مع الأفراد والكيانات المصنفين قد يتعرضون أنفسهم للعقوبات. وعلاوة على ذلك، فإن أي مؤسسة مالية أجنبية تقوم بتسهيل عن عمد إجراء صفقة كبيرة أو تقدم خدمات مالية كبيرة لأي من الكيانات أو الأشخاص المدرجين وفقًا للقانون يمكن أن يخضعوا لمعاملة أمريكية مماثلة.
فحالما يُدرَج الأفراد على القوائم الخاضعه لهذا القانون ، سيجدون أنه من الصعب جدّاً فتح الحسابات المصرفية أو امتلاكها، أو تحويل الأموال، أو إجراء معاملات خاصة بالملكية خارج العراق. ويرجع ذلك إلى أنظمة المسح الآلي المستخدَمة في معظم المصارف الدولية، والتي غالباً ما تمارس سياسات امتثال صارمة لضمان عدم تغريمها أو عزلها عن أسواق رأس المال والعملة الأمريكية. وبالمثل، يميل المستثمرون الأجانب إلى التخلي عن الأفراد الخاضعين للعقوبات وشركاتهم، مما يؤدّي غالباً إلى انهيار الأعمال التجارية.
قد يؤدّي تطبيق العقوبات إلى العزل الدبلوماسي وشلّ المسيرة السياسية للأفراد. فمن الطبيعي ألّا يلتقي أي مسؤول في هيئة أمريكية، بما في ذلك المسؤولين الحكوميين ووكالات الإغاثة، بالأشخاص المدرَجين على قائمة هذا القانون وبالإضافة إلى ذلك يتم منعهم من الدخول إلى الولايات المتحدة، وتُعقّد عملية إصدار تأشيرات الدخول إلى البلدان الأخرى، وقد تتعرف عليها أنظمة المسح الآلي في الخطوط الجوية. ولتجنب التحديات القانونية ضد العقوبات المتقلبة، تتبع وزارة العدل الأمريكية شروطاً صارمة جدّاً متعلقة بالأدلّة بالنسبة إلى الإدراجات على لائحة العقوبات؛ وبناءً على ذلك، ترى العديد من الدول أن قائمة “الرعايا الخاضعين لإدراج خاص” تشكّل سبباً كافياً لوقف التعاطي مع أحد الأفراد والحدّ منه.
ان اثر العقوبات يمكن ان تصل الى المستوى المحلي فلايمكن لاي مصرف يعمل بنظام جمعية الاتصالات العالمية بين البنوك (The Society for Worldwide Interbank Financial Telecommunications) ومقرها الرئيسي في بلجيكا (سويفت) وعدد الدول المشتركة أكثر من 209 دولة من بينها معظم الدول العربية ويزيد عدد المؤسسات المالية المشتركة على 9000 مؤسسة. ان التعامل مع نظام سويفت يعني ببساطة ان يودي التعامل بالدولار تلقائياً إلى فسح المجال لتطبيق العقوبات الامريكية وحيث ان جميع المصارف العراقية وبضمنها البنك المركزي العراقي تتعامل بهذا النظام فهي ملزمة قانونا بتطبيق تلك العقوبات
ان التعامل مع هذا الموضوع لايجب ان يعتمد على الشعارات والكلمات الطنانة بل في فهم اليات عمل القوانين التي تحكم العالم وبالفعل، عند فرض العقوبات المستقبلية في حالة اقرار القانون يجب ان نعرف ان نفس القانون يوفر اليات للاعتراض على العقوبات وامكانية رفع الاسماء من قائمة العقوبات .