بعد استعادة حيي المأمون والطيران وقبلهما معسكر الغزلاني ومطار الموصل تكون القوات العراقية قد وضعت القدم الأولى الراسخة في الساحل الأيمن من الموصل، خصوصاً إذا علمنا الأهمية الاستراتجية لمطار المدينة الذي كان يعد قاعدة مهمة لتنظيم داعش في هذا الجانب.
منذ إعلان رئيس الوزراء انطلاق معركة الساحل الأيمن في 19 من الشهر الجاري اندفعت القوات الأمنية بقوة نحو تلك الأهداف وتم تحريرها بسرعة ملفتة وهو لاقى تفاؤل المحللين والمراقبين لكن تلك السرعة متوقعة منذ انطلاقة المعركة حيث تتسم تلك المناطق والأحياء التي تمت استعادتها باتساع مساحاتها الشاسعة الفارغة وعدم وجود بنايات ومواقع ومنازل للمدنيين بتلك الكثرة التي تتسم بها أغلب أحياء الساحل الأيمن، وحتى الساحل الأيسر لما بدأت معركة الموصل سارعت القوات باستعادة مناطق شاسعة خلال أول يومين من المعركة، لكن لما وصلت القوات إلى داخل المدن المكتظة بالسكان وتحديداً من حي كوكجلي والأحياء المجاورة له، بدأت مهام القوات المشتركة تزداد صعوبة.
ولم يخطئ الجنرال ستيفند تاوسند عندما وصف المعركة بأنها الأصعب في العالم، والسبب أن القوات المحررِة أمام تحدٍ كبير هو الحفاظ على أرواح المدنيين، وما عاظم تلك المهمة هو أن المقابل وهو تنظيم داعش لا يكترث كثيراً بالمدنيين بل على العكس هو من يتخذهم دروعاً بشرية، كما حدث في الفلوجة والانبار والساحل الأيسر من الموصل.
معركة الساحل الأيمن هي واحدة من ثلاث جبهات فُتحت ضد داعش مؤخراً، أما الجبهات الأخرى فتتمثل في التوغل التركي داخل الأراضي السورية لمحاربة التنظيم في مدينة الباب وما حولها وقد حققت تلك القوات تقدماً ملحوظاً في الآونة الأخيرة، وبدأ السباق نحو الرقة السورية معقل داعش التي تُعد الهدف للأتراك، في حين تأتي الجبهة الثالثة وهي محمومة بالصدامات وهي للجانب الكردي والفصائل الموالية له، وهو أيضاً يسعى نحو معقل التنظيم مدينة الرقة، وبدعم أميركي.
لكن السؤال الأهم هل تعني تلك الجبهات الثلاث التي فُتحت ضد داعش أن نهاية التنظيم باتت قريبة؟ في بادئ الأمر نتفق أنها لحظة صعبة جداً على التنظيم المتشدد أنه يخوض ثلاث معارك في ثلاث جهات مختلفة في العراق وسوريا، في الوقت الذي يؤكد فيه مختصون تراجع قدرة التنظيم على تجنيد عناصر جديدة من الدول الأوربية وحتى العربية، بسبب الحصار الذي فرض عليه من كافة الجهات في العراق وسوريا، فضلاً عن جفاف الموارد الاقتصادية بعد إنفاق التنظيم الأموال الطائلة على تجنيد العناصر الغربيين” المهاجرين” والبذخ الكبير الذي عاشه عناصر داعش في أيامهم الأولى من إعلان الخلافة، وعلى ما يبدو أنهم لم يسمعوا بمقولة ” القرش الأبيض لليوم الأسود”.