يتفق الجميع ،أن الموصل مابعد معركة الموصل ،والقضاء على تنظيم داعش فيها، ستواجه المرحلة الاخطر على مستقبل العراق عموما ،والموصل خاصة ،وهذا الخطر يتجسد في كيفية ادارة المحافظة، وضمان حقوق الاقليات والمكونات فيها ،ومواجهة فكر تنظيم داعش، الذي سيبقى لفترة طويلة متداولا بين الشباب ، ناهيك عن الاثارالاجتماعية والعشائرية والسياسية، والمشاكل الكبيرة التي خلفها التنظيم الارهابي المتطرف، إبان سنوات سيطرته واحتلاله للمدينة ،وماهو دور التواجد الامريكي في قاعدة القيارة العسكرية،وانعكاس تواجدها على الاطماع المستقبلية ،لمرحلة ما بعد داعش ،لأطراف اقليمية ودولية وداخلية ،هذه الاسئلة وغيرها ،تؤرق الشارع العراقي وتزيد من توتره ،وربما تؤجج مشاعر العداء بين مكوناته ، لاستئثار البعض من الاحزاب الحاكمة، في التفرد والهيمنة على مستقبل المدينة بإدارتها ، لاهداف سياسية ودينية ،وتنفيذ اجندات اقليمية واضحة لإيران وتركيا ،تنظيم داعش الان اصبح في حكم الماضي ،ودولة خلافته سقطت في الموصل الى الابد ، ومن أسقطها هو أهل الموصل لاغيرهم ، ومن قاومهم هم أبناء الموصل لاغيرهم، ولا فضل لاحد على إنهاء وجود داعش في الموصل، الا أهل الموصل أنفسهم ، إذ لولا رفض ومقاومة ابناء المدينة لداعش، لما استطاعت امريكا ولا طيران تحالفها ،ولا الجيش العراقي رغم دورهم التنفيذي العسكري المهم ، لما تمكنوا من القضاء على أخطر تنظيم اسلامي متطرف واجرامي ،والذي كان يهدد العالم بأسره بإجرامه وإرهابه ، وعندما نقول أن خلافة تنظيم داعش اللاسلامية سقطت في الموصل ،فإننا نستند الى جملة معطيات على الارض ،ومنها وأهمها الحاضنة، التي رفضتهم من اول يوم اعلنوا فيها خلافتهم المزعومة، ولم يحضر خطبة البغدادي أيا من رجال الدين وأهل الموصل ،عندما اعلنها من قلب الموصل ومن الجامع النوري الكبير، وهذا اول مؤشر حقيقي على عدم شرعية خلافتهم المزعومة، لانها لم تحظ بمبايعة اهل الموصل ورجال دينها وأعيانها ، فولدت ميتة بفضل أهل الموصل ،وبهذا تكون الموصل وأهل الموصل لهم الفضل في أسقاط (دولة الخلافة الاسلامية في العراق والشام)،في وقت تدعي النفوس الطائفية المريضة حاملة الاجندة الفارسية ومشروعها الكوني التوسعي ،أن اهل الموصل هم من رحب بداعش وسهل لدخولهم للمدينة ، إذن داعش انتهت كدولة ورقية فرضت نفسها بالقتل والذبح والتهجير والسبي المقيت لكل من يرفضهم ويخالفهم دينيا ومذهبيا وسياسيا وأيدلوجيا ،فهم يرفعون نفس شعار المجرم بوش الابن ،من ليس يبايعنا فهو ضدنا ومرتد وكافر ، اليوم تهزم داعش وتندحر على ارض الانبياء والاولياء والصديقين ،بعد أن أوغلت في سفك الدماء،وذبح شباب ورجال المدينة ونسائها ، ورميهم في حفرة (الخفسة) المشهورة ،وعلينا وضع الخطط والمقترحات والمعالجات الجذرية لازالة اثار هذا التنظيم الاجرامي الوحشي، وأولى هذه المقترحات الملحة ،هي التوقيع على عقد اجتماعي وعشائري وديني،تشترك فيه جميع مكونات نينوى الدينية والعشائرية والسياسية والمذهبية والثقافية والعلمية ، والتفاهم على جميع مخلفات داعش وخطورة اثارها على الجميع ، والعمل على ضرورة محو اثارها بسرعة ، والتوجه فورا لإعادة بناء الانسان اولا في المدينة ،ومن ثم بناء المدينة وإعمارها باسرع وقت ممكن ،وفي مقدمة البناء اعادة فتح المدارس والمهاد والجامعات فيها ،وتفعيل دور القضاء ، وضمان حقوق كل المتضررين ،وليكن القانون والقضاء ،هو الفيصل الاول والاخير في اعادة حقوق من تضرر من داعش واجرامه، وان يكون فاعل الجرم هو المستهدف وليست عائلته ، لكي نحافظ على لحمة البناء الاجتماعي ولا ناخذ احد بجريرة المتهم ويدفع ثمنها البريء الرافض لداعش،وبهذا نعيد لكل حق حقه،ونعبر الى بر الامان ،وفي الجانب السياسي، نرى ان مرحلة ما بعد معركة الموصل ،ستكون مرحلة توافقية استرضائية مهمة ، نقترح فيها ان يلغى مجلس المحافظة ومنصب المحافظ ،ونهييء لانتخابات عامة لايجاد حكومة محلية جديدة يشترك فيها جميع ابناء نينوى ،بعد اعادتهم من النزوح والتهجير القسري وضمان استقرارهم امنيا وحياتيا ، وتقيم ضمانات حقيقية وواقعية لهم ممارسة حياتهم وشعائرهم بحرية كاملة ، عندها سيكون الوضع مناسبا لاختيار حكومة محلية ومجلس محافظة حقيقي بعيدا عن الاقصاء والتهميس،وتكون حكومة خدمية لااكثر ،ومن المفضل ان يكون هناك حاكما عسكريا لفترة محددة ،قبل الانتخابات ،وبعد الانتهاء من معركة الموصل مباشرة ، نحن نرى ان الاوضاع السياسية التي ستعقب هزيمة داعش،ستكون اكثر تفهما واقل نزوعا لاثارة المشكل والمناكفات وسياسية تركيع الاخر وانتهاج سياسة لي الاذرع والادعاء بالمظلومية وفرض قرارات بالقوة،بل نؤكد ان الجميع (فهم الدرس ووعاه جيدا)، لهذا سنترك كل شيء لرأي الشعب في الموصل ،وكيفية ادارة المدينة وتقرير مصير كل قرية وناحية وقضاء ، يعود لاهلها حصريا ، عندها ستكون هناك فرصة للتعايش والتلاحم، ومواجهة اثار داعش، وتبديد مخاوف عودته ، أعتقد معركة الموصل أزاحت اللثام عن وجوه كالحة، كانت تريد تقسيم نينوى وابتلاع نينوى، وتسييس نينوى وخطف نينوى إرضاءا لاجندات اقليمية ، وهذا ما فشله اهل نينوى ،وبهذا افشلت نينوى وستفشل لاحقا، كل اباطيل المغرضين والحاقدين والطائفين، بائعي الشرف الوطني، ممن يهن عليه بيع العراق وخيانته ، الموصل اليوم تسجل نصرا تاريخيا ،في معركة تاريخية فاصلة ، تلقي بظلالها على العالم أجمع ،هذه المعركة التي ستكون اولى نتائجها ،إنهاء شيء إسمه(الخلافة الاسلامية )،
التي فرضها تنظيم داعش على مقاسه ،بعيدا عن روح الاسلام ،وفكره التسامحي وشريعته السمحاء،والنقي الصافي، ورسالته المحمدية المؤمنة،التي احتضنت كل الاديان عبر تاريخها وتعايشت معهم بإخوة ،وحفظت ارواهم واملاكهم وحياتهم وانفتحت على ثقافتهم وحضاراتهم وعاداتهم وتقاليدهم وانصهرت معها بما يتلائم مع روح الرسالة المحمدية ،إذن لااختلاف في مفهوم الانسنية لدى الاديان،ولا صراع حضاري بينها وانما هناك صراع ديني تزرعه التنظيمات المتطرفة من جميع الاديان، لثير وتشعل الحروب الدينية والطائفية ،لاهداف سياسية ، وهكذا كان تنظيم داعش والنصرة وغيرهما ،من التنظيمات التي دمرت المنطقة ،بدعم واشراف مباشر من امريكا وايران ،وما خطاب ما يسمى ابو بكر البغدادي ،الا دليل على ان ماجاء في خطابه يؤكد هذا ،لانه لم يذكر امريكا وايران في تهديده ،وانما ذكر وهدد السعودية وتركيا ، ودعا خلاياه النائمة هناك للقيام باعمال اجرامية فيها من تفجيرات واغتيالات وغيرها، اذن تنظيم داعش تنظيم عالمي يرتبط بدول عظمى ،ويلقى الدعم العسكري والاعلامي والاستخباري والتسليحي منها ، ومعركة الموصل فضحت كل هذا ، فالاسلحة التي تركها داعش لايملكها الا جيوش الدول الكبرى، وان الاتصالات التي تركها لاتملكها اي دولة في المنطقة عدا داعش،وان المعدات العسكرية واللوجستية من انفاق ومعامل تفخيخ وتصنيع لاسلحة تقليدية ومحرمة ،لاتملكها دول المنطقة، وان الموارد المالية العالية تعد داعش اكبر موازنة لها في العالم،إضافة الى السيارات الحديثة والاجهزة الحديثة التي لاتملكها دولا في المنطقة ،فماذا بقي لان تكون (دولة ) بفضل امريكا وايران الداعم الرئيسي لها في العالم ، بلى معركة الموصل وتداعياتها افصحت عن حجم قوة تنظيم داعش، وممول داعش وداعمها الاول ، هكذا صنعت داعش، وهكذا انتهت داعش كأسطورة صنعتها امريكا، للسيطرة على العالم وتدميره على يديها،وجعل شعارهنري كيسنجر المشهور، أن القرن الحادي والعشرين هو (قرن امريكي بامتياز)، إن من اهم نتائج معركة الموصل وفضلها على العالم ،أنها فضحت امريكا ودورها التدميري للمنطقةأ من خلال صناعتها لمثل تنظيم وحشي واجرامي موغل في التطرف ، نعم معركة الموصل لم تنته بعد ، ولكنها أشرت هزيمة ساحقة على تنظيم داعش ،ومن علامات هذه الهزيمة هي إستقبال المواطنين في المناطق المحررة للجيش بلهفة وفرح لايصدق،وكأنهم قادمين من الآخرة ،متحدثين عن أبشع جرائم داعش وقسوة حياتهم معه ،وإعتبارها أظلم فترة تاريخية، تعيشها مدينة حضارية وتاريخية موغلة في القدم والتاريخ هي نينوى ، معركة الموصل القت بظلالها ،على ادق تفاصيل حياة أهلها ، ولكنها كانت مرحلة إنتقالية بين عصرين مختلفين تماما، هما ،عصر ظلامي إجرامي وحشي،وعصر إنفتاحي مشرق، مليء بالعبر والدروس، لجميع العراقيين وليس لاهل الموصل فقط ،وهذا هو سر فرحة العراقييين برحيل داعش وهزيمتها المخزية في الموصل ،الموصل تكتب التاريخ وتصنعه لكم ايها العراقيون