نحن على أعتاب؛ انتهاء حقبة سوداء من تاريخ العراق المعاصر, كانت الاشد ضراوة, تمثلت في سقوط الموصل, والمدن الغربية, عشية العاشر من حزيران عام 2014, على يد عصابات داعش الإرهابية, التي أرادت الفتك بالمنطقة عامة, بعدما تمدد خطرها لأسوار بغداد والمحافظات الاخرى, لولا الفتوى المقدسة للإمام السيستاني, ونهضة الشعب العراقي.
هكذا بدأت القصة, وباتت حلقتها الأخيرة تنتهي, موشحة بشرف المشاركة في فتوى الدفاع المقدس عن الوطن والعقيدة, ومطرزة بدماء الشهداء, وأنين الجرحى, مهما سنكتب عنها نبقى مقصرين, أمام تساؤلات لا يمكن تغافلها, كيف سقطت الموصل؟ من كان السبب في ذلك؟ هل كان المعتصمين ذريعة لدمار العراق, ونهب ثرواته؟ أم هناك خيانة عظمى بين قادة الجيش, وتهاون من قبل الفريق الحكومي.
حتى لو أسلمنا, كل شيء سيبقى في طي الكتمان, لكن التاريخ لا يسكت عن ذلك لاحقاً, ما دامت هناك إقلام حرة تكتب, فلم تكن هذه المرة الاولى, تسقط فيها الموصل, أنما السادسة عبر التاريخ, ولكل سقوط أسباب ودوافع؛ خارجية وداخلية, ويبقى سقوط الموصل الاخير, مرتبط ارتباط وثيق باتفاقية اربيل, التي شكلت حكومة 2010, ولم تفي أطرفها بالاتفاق, فكانت هذه النتيجة.
لابد أن لا يبرر أحد, ويدافع أخر, فتزاحم المصالح, وتدافع الغايات, والسعي خلف تمني البقاء في الحكم, واستحواذ على المواقع, كان السبب الرئيس في ضياع ثلث العراق, رغم الفساد والدمار والفقر والبؤس, والمفخخات اليومية, التي كانت تعصف في بغداد والمدن العراقية, لم توقظ حكام وجنرالات تلك الحقبة من سباتهم, الذي غرقوا فيه, مستعينين بمال السلطة, وماكينة أعلام الدولة, للدفاع عنهم.
اليوم؛ وقواتنا العراقية, بمساندة الحشد الشعبي والبيشمركة, ضيقوا الخناق على زمر داعش في الجانب الايمن من الموصل, الاخبار تصل عن اصطدامات بين الجماعات المسلحة, وانهيارات في مواقع الصد الاولى لهم, وهروب بالجملة من مواجهة القوات الامنية, كل ذلك دليل على روح التفاني من أجل العراق, هي الدافع لانتصاراتهم, فانهيار خمس فرق عسكرية, والاستيلاء على عدتها بالموصل قبيل سقوطها, لن تتكرر.
بدء الإعلام المظلل, يحاول الدفاع عن هذه الجهة, ويبري تلك الجهة, ويبعد الشبهات عن ذلك السياسي, ويغلط الأوراق على الشارع, حتى يوهم العامة, بأن هناك أسباب مفترضة, تقف خلف جريمة سقوط الموصل, كما فعل الإعلام الأموي في محاولة أبعاد التهم عن يزيد أبن معاوية, بأحداث واقعة الطف, عام 61هــ, ولكن الإعلام بعد أكثر من 1300 عام, لن يصمد أمام الحقائق.