23 ديسمبر، 2024 12:21 ص

الموصل تودع الحدباء

الموصل تودع الحدباء

بالامس سقطت منارة الحدباء بعد اعلان نبأ تدميرها على يد تنظيم داعش بتدميره لجامع النوري ليمسح بذلك أثراً تاريخياً عمره ٨٥٠ سنة ليضاف هذا الحدث الى جرائم هذا التنظيم ،وهذا الاعتداء هو اعتداء على الحضارة ضمن سلسلة من الاعتداءات التي سبقته . والملفت في النظر نجد ان الكثيريين من الذين علقوا على هذا الحدث كعادتهم أرادوا إبراز عضلاتهم وعبر وسائل التواصل الاجتماعي على وجه الخصوص كونهم لم يفصلوا عند قراءتهم لهذا الحدث بين القيم الانسانية والقيم الحضارية عندما شرعوا بالتعليق على هذا الموضوع، ومن مجمله ما تردد بصدد ذلك مثلاً احدهم يقول ( ان بسطال الشهداء الذين سقطوا اشرف من ١٠٠٠ حدباء) حيث تجاوز هنا وبدون وعي على قيمة الانسان عندما قارنه بالحجر !!!!والآخر يقول ان تهديم هذه الجوامع هو ردعاً للكثير من الفتن وهذا أيضاً قرائته لاتخلو من كونها قراءة طائفية كون ان المكان بعيداً جغرافياً عنه وبالتالي انه يخص فقط مدينة الموصل والتي هي بالضرورة لم تكن مدينه ولاتشكل اي ارتباط بينه وبين جذوره، وغيره وغيره ….قطعاً ان قيمة الانسان والدم والانساني هي أسمى شيء في الوجود ولذلك فإنه من الغباء طرح موضوع هدم بيت او صرح حضاري او بناية وجعل من ذلك الحدث يدخل في وجه مقارنة مع رمز انساني،فلمجرد فعلك ذلك سوف يجعلك وضع نفسك في موقع لاتحسد عليه لان الانسان وخصوصياته لها قيم عالية ولايمكن ترخيصها في مثل هكذا مقارنات .
ولكنك لو نظرت الى هذا الحدث كونه جريمة على حضارات الشعوب تسببت بإعدام شاهد حضاري بقي شاخصاً لأكثر من ثمانية عقود وأحجاره لها قيمة تاريخية وحضارية تتحدث عن نفسها وهي تخبر الاجيال جيلاً بعد اخر عن مكانتها ، تكون بذلك قد أنصفت الاثنين معاً كونك اقد أعطيت قيمة سامية لحرمة الدم وقيمة الانسان بعدم مقارنتك وبجهلٍ مقنع بالحجر هذا من جهة ومن جهٍ اخرى انك أنصفت قيمة حضارتك التي قد تنتمي اليها جغرافياً او احترمت حضارة يعتز بالانتماء اليها اخرين.