20 ديسمبر، 2024 6:41 ص

الموصل بين الاطماع  وخطر التقسيم…! 

الموصل بين الاطماع  وخطر التقسيم…! 

مع اقتراب انطلاق معركة استعادة وتحرير الموصل من قبضة وبراثن تنظيم داعش ، كثر الحديث عن تقسيم نينوى الى محافظات ،والى اقليم ،والى حدود ادارية جديدة ، والى ادارة سياسية تضمن حقوق الاقليات ، والى ضمها الى تركيا ، والى هيمنة وسيطرة ايران عليها بواسطة احزابها في السلطة ، وما الى ذلك من تصريحات واتفاقيات وصفقات سياسية،بل وصراعات سياسية وسجالات أخرت عملية تحرير الموصل ، لنأخذ جميع هذه التصريحات وشروط التحرير على محمل الجد ،ونضعها على طاولة التحليل السياسي،ونقول أن الموصل كانت عبر التاريخ كله،هي من يقرر شكل ومصير المنطقة كلها ، ومعاهدة بريطانية، واستفتاء الامم المتحدة حول مصيرها عام 1925،التي تمت فيها انضمام الموصل الى الابد للعراق بكلمة فصل من اهل الموصل ، والتي نتج عن هذه الهزيمة العثمانية بوقتها ضم الموصل لها،عقد اتفاقية عام 1926 مع بريطانيا في السنة الثانية،والتي أعطى الاستعمار البريطاني (وهب الامير بما لايملك)، بموجبها الحق في بنود ترضية لتركيا العثمانية ،وهذه البنود تسمح لتركيا التدخل لحماية الاقلية التركمانية ،واعتبار ارض الموصل من سناجق الاتراك وخاضعة للسيادة التركية ،وهكذا تمت الصفقة التركية –البريطانية انذاك، اليوم تريد تركيا اعادة نفس السيناريو القديم ،حسب تصريح السيد اردوغان واعلام تركيا،حينما قال بأن( تركيا جاهزة لخوض معركة الموصل  على غرار معركة درع الفرات في سوريا)،بعد أن اعطت ادارة اوباما الضوء الاخضر الاخضر لاردوغان الدخول الى الاراضي السورية والعراقية ،لابعاد الشبهة عنها في اتهامها بالانقلاب العسكري الاخير في تركيا ،وحسب التوافق الذي تم بين اردوغان-بايدن في انقرة مؤخرا، فهل ستفعلها تركيا وتقتحم بجيشها الموصل قبل اعلان المعركة لتأخذ سبق التحرير بموافقة امريكية ،اعتقد ان هذا الامر وارد جداا، خاصة بعد تصريحات عراقية،وخلافات عراقيات ،وصراعات سياسية عراقية أخرت عملية انطلاق المعركة ، ولكي نحسم الامر هنا ،وكنا قبل عام في مقال سابق لنا ،اكدنا ان تركيا ستشارك في عملية استعادة الموصل، خدمة لمصالحها القومية واستراتيجيتها السياسية والعسكرية في المنطقة،واثبات دورها الحيوي في المنطقة ،وها هي اليوم تؤكد مشاركتها وفرض شروطها في نتائج المعركة سلفا ، تماما كما هي الحال مع رئيس الاقليم مسعود برازاني، الذي اعلن شروط مشاركة قوات البشمركة (بضمان الشراكة السياسية في الادارة  وضمان حقوق الاقليات ،وتنفيذ المادة 140 ،وحل قضية المناطق المتنازع عليهاحسب المادة، مضيفا ان الارض التي تتحرر بالدم ،لايمكن الانسحاب منها )، في حين يصر الحشد الشعبي(ونقصد الميليشيات الايرانية التي تنضوي تحت عنوانه ) بالمشاركة لضمان تواجد وهيمنة للقرار الايراني السياسي والديني في ادارة نينوىبعد التحرير ، اذن نحن امام (كعكة كبيرة )، يريد الجميع تقاسمها وقضمها وتقسيمها بالقوة ومحو هويتها العروبية وهنا بيت القصيد، لان الموصل كانت ولاتزال وستبقى عبر التاريخ، حاضرة العرب وعنوان وموئل الثقافة ،وصانعة التاريخ العربي في حضاراته الاربعوتجلياته التاريخية والحضارية، وفي غياب تام للنخب السياسية في العملية السياسية، والعشائر ومنظمات المجتمع المدني ورجال الدين والمثقفين في نينوى ،بوصفهم المهمشين في المشهد السياسي،أن معركة الموصل هي اعلان الحرب العالمية الثالثة بكل تأكيد ،تماما كما وصفها هنري كيسنجر قبل ثلاثة اعوام، فالمعركة ستشارك فيها جميع دول العالم ،بحجة القضاء على اكذوبة داعش صنيعتهم، التي تقود الارهاب الدولي ايران بأذرعها ،في العراق وسوريا واليمن ولبنان، وبالطبع تنظيم الدولة داعش ،هو ايضا صنيعة ورعاية ودعم ايراني مؤكد ،حسب الوقائع والاعترافات والشهادات الشخصية لقيادات منشقة عن داعش ،ولكن الاستراتيجية الامريكية والتركية والروسية والايرانية قد افصحت عن اهدافها المستقبلية بوضوح،وانفضحت سيناريوهات تحرير الموصل والرقة ، بتغيير خارطة المنطقة ،على اسس تختلف قليلا عن معاهدة سايكس بيكو،ولكنها اقسى منها ، هدفها الاوحد التقسيم ونشر الفوضى الخلاقة بأبشع صورها في المنطقة،وما يقوم به داعش والميليشيات في كل من العراق وسوريا واليمن هو تأكيد لهذا، فلا غرابة ان يطلب السيد اردوغان المشاركة في معركتي الرقة والموصل ،(لضمان الامن القومي التركي وابعاد خطر الارهاب عن الحدود التركية)،او يطلب السيد مسعود البرازاني ادارة جديدة تضمن حقوق الاقليات وتحقق اهدافا سياسية ،باستحداث محافظات جديدةيضمن انضمامها الى الاقليم(قانونيا)، في حين يطلب السيد اثيل النجيفي استحداث محافظات ثمانية لتوسيع رقعة اقليم نينوى  المنشود، وهكذا كل ينظر من زاويته ومصلحته ،وهذا حق شخصي وحلم وحرية في التعبير والمطالبة لاغبار عليه ، لان ليس كل حلم يتحقق في النهاية ، فالحلم شيء وتحقيق الحلم شيء آخر ، في حين ادارة اوباما وكل امريكا ،تنتظر بفارغ الصبر تحرير الموصل ، لضمان فوز هيلاري كلنتون والحزب الديمقراطي في انتخابات الرئاسة الامريكية نهاية العام ، كما انها ستضمن تواجد امريكي طويل المدى في الموصل ربما لعشرين سنة قادمة ، في قواعد جوية عسكرية ،كانت تحلم امريكا ان تقيمها على ارض العراق ،عبر كل تاريخها ، وهكذا ايران وروسيا فرنسا وبريطانيا ، وعندما نقول ستكون معركة الموصل ايذانا بحرب عالمية /نقصدها تماما ، لان جميع الدول العظمى ستشارك فيها، وهي حرب وجود طويل في المنطقة،ليس ضد الارعاب الذي تستخدمه كذريعة سمجة لتحقيق اهداف دولية ،باستراتيجية جديدة، وهي ان الحرب العالمية الاولى والثانية اندلعتا بين دول معينة وحلفاء، الان ستندلع الحرب العالمية في الموصل بدول عظمى تجتمع لمحاربة ،طواحين هواء، وافراد من عصابات لاتملك غير القناص والانتحاري والعبوة، وتسميه الارهاب ،وهو كما تعلمون مصطلح فضفاض تماما ،لم يتفق احد في العالم لتعريفه لنانالا اننا نعرفه ،ان الارهاب بالمفهوم الامريكي والغربي والايراني هو محابة (الاسلام السني تحديدا) حثما يكون ،واوجدوا له (عدوا مفترضا هم صنعوه) وسموه داعش،اختصارا للدولة الاسلامية في العراق والشام، لان الاسلام السني(واعتذر عن التسمية اضطرارا) هو الواقف حجرة عثرة بوجه المشاريع والاهداف والمصالح الامريكية والغربية والايرانية في عموم المنطقة، لذلك يوصف كل سني في العراق بانه(داعش)، حتى ان (اخواننا) في بغداد، اطلقوا على المادة 4 ارهاب ب(أربعة سنة )، فهل هناك ابلغ من هذا الوصف السيء،والمشرف لكل عراقي سنة وشيعة وكردا وتركمان وايزيديين وغيرهم،ان معركة الموصل ستحدد شكل خارطة المنطقة برمتها ، وسيبدأ عصر جديد في المنطقة يسمى عصر ما بعد داعش،ولكن ما هو شكل هذا العصر، ان شكله لدى اصحاب النفوذ والقوة والاجندات الخارجية هو(  التقسيم واستعادة الحقوق التاريخية وحسب رؤيتهم )،ولدى القوى العظمى اعادة رسم خارطة المنطقة حسب مقاسها ،واسترتيجيتها ، ولكن اجزم ان كل هذا وان حدث مؤقتا سيكون (حلم تلك المرأة)

،نعم ربما ستطبق بعض الاجندات بالقوة،ولكنها ستفتح عليها ابواب جهنم لقرون طويلة من الحروب الداخلية، وهذا ما لاتريده امريكا ولاتقبل به ابدا وستمنعه (لدى البعض امريكا من يعمل على تنفيذه وهو خاطيء)، امريكا لاتعمل الا لمصلحتها فقط ، انظروا كيف قتلت (الحلم الكردي في سوريا)، عندما سمحت بدخول الجيش التركي للاراضي السورية واوقفت تقدم قوة الوحدات الخاصة في منبج وجرابلس ومنعتها من اعلان حكم ذاتي للاكراد على الشريط الحدودي، وهكذا ستفعل في الموصل، أي لاتقبل أي تغيير لديموغرافيتها ،حفاظا على مصالحها الاستراتيجية في قاعدة القيارة ،التي تريدها محصنة وآمنة لسنين طويلة ، اعتقد ان صوت نينوى واهلها مغيبا الان ،وهذا شيء طبيعي جدا، ولكنه سيعلو ويقرر هو لاغيره مصير الموصل واهلها، لان من يتكلم بالنيابة عن اهل الموصل سيتفاجىء ،بعد داعش بعلو صوت أهل الموصل ، وغياب صوتهم الان له ما يبرره ، لاسباب موضوعية لاسيما وإن المدينة تحت احتلال وحشي لداعش، وان نصف اهل الموصل بين نازح ومهج،رومهاجر،ومعتقل، فلا كلام ولاقرار يعلو قرار اهل الموصل بكل طوائفهم واقلياتهم ومذاهبهم التي ترفض رفضا قاطعا تقسيم نينوى، وتحويلها الى اقليم أو محافظات وهو ضرب من الخيال ،غير موجود الا في مخيلة اصحاب الاجندات الخارجية والمصالح الضيقة ، وإن الاصوات التي تظهر هنا وهناك لاتمثل ابدا اهل نينوى(مع احترامنا لرأيهم)، ولكن الملايين مغيبة وهم من يقرر مصير الموصل بعد هزيمة داعش في اخطر معارك العصر والتاريخ معركة الموصل ، شعب العراق والموصل واهلها هم من يقرر مصيرها ،لا الاشخاص ولا الاحزاب ولا الدول ، وتجربة استفتاء الامم المتحدة مازال حبرها نديا على الورق، ومن يتحدث بغير هذا فهو واهم ويوهم الاخرين،نعم الموصل تتعرض لخطر التقسيم ، ولكن الاطماع الداخلية والخارجية والصراع بينهما هو من سيفشل حلم تقسيم الموصل ،الموصل لاتتقسم ممكن تتوسع اداريا ولكنها لن تقسم كما يريد الاخرون……………                  

أحدث المقالات

أحدث المقالات