في العدد 13049 من صحيفة الشرق الأوسط اللندنية ليوم 19-8-2014 دعا رعد عبدالستار السليمان (رئيس مجلس ثوارالعشائر العام) اقليم كردستان العراق إلى عدم اجتياح الموصل). مضيفا: (أن دخول البيشمركه الى مدينة الموصل سيؤدي إلى انتقال المعركة الى داخل مناطق الأقليم )! و ( أن زج الاكراد في معركة داخل مدينة الموصل بحجة داعش خطأكبير)! واستطرد: ( دخول البيشمركه الى الموصل سيتسبب في نشوء صراع بين الكرد والعرب السنة) و (إذا دخلت البيشمركه الموصل فهي لن تستطيع أن تميز بين داعش و الثوار وسيقع الكثير من الضحايا)!!!
وقبل أن انتقل إلى مناقشة أراء اخرى له في موضوعة إحتمال تحرير البيشمركه للموصل، وهو احتمال وارد و قوي، بودي القول ان السليمان يجهل الكثير عن الموصل وتأثير الكرد عليها فعلا قتهم القوية بها، اذ سبق للكرد وأن قاموا على مدى نحو نصف قرن باكثر من عملية تحرير للموصل، ومن دون أن يؤدي ذلك إلى انتقال ( المعركة الى داخل مناطق الأقليم) أو (نشوء صراع بين الكرد والعرب السنة).
العملية الأولى لتحرير الكرد للموصل كانت في أذار 1959 عندما حررت القبائل الكردية الموصل من الحركة الانقلابية الفاشلة التي قادها المرحوم عبدالوهاب الشواف للاطاحة بحكومة المرحوم الزعيم عبدالكريم قاسم، ولولا الكرد الذين تدخلوا لتحريرها، لكانت تلك الحركة تمتد الى مدن اخرى، إلا ان الكرد اخمدوها ووضعوا جدا للمجازر التي ارتكبت فيها فلقد قتل على يد الحركة الشوافية نحو 63 شيوعيا و نصيرا لهم، من جانبها قامت الجماهير الغاضبه بقتل وسحل ما يقارب ال 65 مشاركا في الحركة ومتعاطفا معها ومع هذا لم تنتفل (المعركة) الى الاقليم، ولم يحدث صراع بين الكرد والعرب السنة.
ويوم سقوط النظام العراقي البعثي في 9-4-2003 فأن البيشمركه، وفي عملية ثانية لتحرير الموصل، حررت الموصل و بسطت سيطرتها لشهور عليها، وكان عملها محل رضى الموصليين باستشناء فئه شوفينية وجهت وفدا لها إلى اربيل لأقناع القادة الكرد بسحب البيشمركه من (أراضي محافظة نينوى) و هي المناطق التي سميت فيما بعد (بالمتنازع عليها) وكذلك بتقليص مقرات الاحزاب الكردية فيها. وفوق هذا لم تنتقل المعركة إلى داخل اقليم كردستان ولم ينشب اي صراع بين الكرد والعرب السنة.
أما العملية الثالثة لتحرير الموصل على يد الكرد والبيشمركه فهي التي وقعت في 5-11-2004 حين احتل مسلحو (دولة العراق الاسلامية ) جميع مراكز الشرطة ونقاط التفتيش العسكرية في الموصل ولم يدم ذلك الاحتلال سوى ساعات وانهي على يدالبيشمركه وليس أي جيش أخر، وهنا ايضا لم تنجم اي معركة او صراع بين الكرد والعرب السنة كما لم تنتقل المعركة الى داخل الأقليم الكردستاني. فضلا عن ماذكرنا، فان الكرد كانوا السبب في استفتاء عام 1925 لتقرير مصير ولاية الموصل،في ضم الولاية والموصل إلى العراق لا الدولة التركية، علما انه كان هناك تحرك قوي من قبل بعض من العرب الموصليين وغيرهم من العرب لألحاق الموصل بتركيا،ويشهد على الدور الكردي الفاعل في ضم الموصل إلى العراق المرحوم خير الدين العمري في مذكراته.
ان الوقائع المذكورة تفند الافكار البائسه للسليمان الذي القى ايضا بشكوك على قدرة البيشمركه في التمييز بين داعش و(الثوار) اذا علمنا ان الكرد ميزو بين الصديق والعدو في الوقائع التي ذكرناها وبين العراق و تركيا عام 1925. وعلى ذكر الثوار يحق لنا ان نتساءل هل في الموصل الان ثوار يقاتلون داعش بحيث يصعب على البيشمركه التمييز بينهم وبين داعش ؟ و ان كان هناك ثوار بالمعنى الصحيح للكلمة يقينا انهم متعاونون مع البيشمركه.
في جميع الوقائع التي اشرنا إليها، كان الكرد والبيشمركه من محرري الموصل وليس غيرهما، والان فان الاخبار كلها تقول باستعدادات للبيشمركه في (الخازر) و (بعشيقة) و (ناوران) و (تلكيف) للدخول إلى الموصل وتحريرها، وكم كنا نتمنى ان يكون هنالك (ثوار) أو قوات مسلحة عراقية ليشاركوا البيشمركه في عملية تحرير الموصل المرتقبة من داعش.
اما كيف (تننقل المعركة الى داخل كردستان) وعن طريق من و بواسطة من؟ الجواب لدى السليمان طبعا والذي تبين انه يعاني من جهل مركب بتأريخ الموصل واحداثها القريبة والبعيدة. يقول السليمان او بالاحرى يجيب على السؤال : (ان كثيرين من أهل الموصل موجودون في اربيل بصفتهم نازحين فاذا سمعوا بأن الاكراد دخلوا الموصل أو قصفوها أو أن اقارب لهم قتلوا في الموصل فأنهم قد يقومون باعمال تخريبية داخل الاقليم)!! بدءا اقول، ان الموصليين لم يقاوموا العمليات الانقاذية للموصل من جانب الكرد والبيشمركه في اعوام 1959 و 2003 و 2004 بل رحبوبها ولم يقتل موصليون على يد الكرد والبيشمركه، وأن من شأن التصريح الذي ادلى به السليمان أن يدفع بشعب وحكومة كردستان الى اخذ تدابير رادعة لدحراي تحرك مفترض للموصليين النازحين الى الأقليم ووضعهم تحت المراقبة وما يترتب من تنغيص للعيش عليهم بعد ان وصفهم السليمان بشكل غير مباشر بمخربين. إلا أنه لا حكومة الاقليم ولا شعب كردستان، لن يقدما على اي تصرف لا لحاق الأذى بالموصليين، وان الموصليين بدورهم الذين يزاولون اعمالهم بحرية في كردستان ويرتبطون بعلاقات اجتماعية قوية مع اخوتهم الكرد لن يقدموا على التخريب، ليس هذا فحسب بل ان الموصليين يترقبون ويتلهفون على احر من الجمر لدخول البيشمركه الى المرصل وتحريرها من داعش، فتسهيل أمر العودة للناز حين إليها. من هذا الفهم على السليمان وامثاله الكف عن ابتزاز شعب وحكومة كردستان، ثم ان حكومة كردستان لن تبني احكاما على توقع جاهل لشخص يفتقر الى الأمام بتأريخ وحوادث الموصل قديما وحديثا والذي لا يختلف فيه اثنان ان اقدام البيشمركه على تحرير الموصل . والذي ينتظره كل الموصليين الشرفاء ، سيقوي من العلاقات الاجتماعية والاخوية بين جماهير الموصل وبين شعب وحكومة وبيشمركه كردستان.
ان الموصل هي الاقرب الى كردستان وشعبها، من قربها إلى الأنبار وصلاح الدين ، لذا كان من المتوقع ان يلجأ العرب السنة الموصليون الى مدن كردستان وليس الى اية مدينة عراقية، والان فان الموصليين بانتظار تحرير مدينتهم على يد البيشمركه ويعقد الموصليون الوطنيون والشرفاء الأمال عليها لتحرير الموصل من عصابات داعش،و ان اي تحرك معاكس لتلك الامال فانه سيصب في مصلحة داعش والارهاب، ولقد بدأ بعضهم بالتحرك هذا منذ اسابيع حين نادى كل من السليمان وعلي حاتم السليمان رئيس عشائر الأنبار ومحمد طه الحمدون رئيس ما يسمى بالحراك الشعبي، نادوا دون خجل من أن (معركتهم ضد داعش مؤجلة)، ما يعني الوجه الأخر لندائهم أنهم يفضلون بقاء الموصل تحت سيطرة داعش وليس انتقالها الى البيشمركه في وقت نجد فيه الشرق والغرب يساند البيشمركه ويسلحها، وان مؤجلي المعركة ضد داعش، وحدهم يغردون خارج السرب، وان من الصعب التمييز بينهم وبين داعش. وعلى القيادة الكردية وقوات البيشمركه المضي قدما باتجاه محو داعش وابادته وانقاذ الموصل منها ومن المؤجلين لمعركتهم ضد داعش، فمعركة البيشمركه ضد داعش عادلة و شريفة، وعلى العالم المتمدن ان يواصل دعمه ومسا ندته للبيشمركه ، وليعلم الكرد والموصليون والعرب الشرفاء والعالم اجمع ان داعش والمؤجلين للمعركة ضدها وجهان لعملية واحدة ومن الصعب التمييز بينهما.
يا جماهير الموصل الصامدة المعذبة، الفجرات و جيش الحرية والخلاص، البيشمركه، ينتظر ساعة الصفر وهو على ابواب الموصل لتحرير الموصليين من وحوش ويرا برة الزمان داعش واخواتها.