الموروث الأسلامي منذ بدايايات الدعوة المحمدية ، تأريخ يفتقد للقطعية والجزمية ، تأريخ أغلبه ظني / حكايات وروايات ، يفتقد للتوثيق ، تتخلله حقب زمنية مجهولة ومبهمة ! ، وهذا الذي يدعى بالفراغ التأريخي المفقود . المطلع على التأريخ ، يلحظ حقبا زمنية غير مدونة منذ الدعوة المحمدية تبلغ حوالي قرن ونيف ،!! ، وهذه حقيقة تأريخية مؤكدة ، فقد جاء في موقع / أسلام ويب ، التالي / نقل بأختصار – عن فترة متى بدأ التدوين ، ( فقد اعتنى الصحابة فمن بعدهم بنقل السير ، وأما التدوين ، وكتابة الحوادث كاملة : فمن أوائل من جمعها موسى بن عقبة المدني:141هـ ، وألف كتاب المغازي ، ثم أبو المعتمر سليمان بن طرخان البصري: 143هـ ، وألف كتاب السيرة الصحيحة ، ثم محمد بن إسحاق بن يسار:151هـ ، وهو صاحب السيرة المعروفة .. ) .. على هذه القرينة سأسرد قراءتي الخاصة كأضاءأت متفرقة .
القراءة : أولا : وفق البحث العلمي المنطقي ، من الضروري أن نتساءل لماذا لم يكن هناك مدونات للفترة أعلاه ، ولماذا بدأ التدوين بعد قرن ونيف من الدعوة المحمدية ! ، وأخر يتساءل ألم يكن هناك رجال علم وفقه ! فالتأريخ يحدثنا عن أهل علم مثلا : * زيد بن ثابت / كاتب الرسول – المتوفي سنة 45 للهجرة ، يتكلم العربية والسريانية ، له دور كبير في جمع القران في عهدي الخليفة أبو بكر الصديق والخليفة عثمان بن عفان ، وهو القائل ” والله لو كلفوني نقل جبل من مكانه ، لكان أهون علي مما أمروني به من جمع القرآن ” / نقل بتصرف من موقع / قصة الأسلام . * أبن عباس – المتوفي 68 للهجرة ، صحابي جليل ، وابن عم النبي محمد ، حبر الأمة وفقيهها وإمام التفسير وترجمان القرآن ، ولد ببني هاشم قبل الهجرة بثلاث سنين ، يعد ابن عباس من فقهاء الصحابة وساهم بشكل كبير في تأسيس مدرسة الفقه بمكة .. / نقل بتصرف من الويكيبيديا . ألم يكن في بال زيد بن ثابت وأبن عباس وغيرهم الكثير ، أن يكتبوا عن تلك المرحلة وهم الأعلم بها لقربهم من الرسول ! ، خاصة لدورهم في كتابة الوحي وجمع القرأن كزيد بن ثابت ! ، ألم يفقه زيد ان يكتب يوميات صاحب القرأن ! وهو اللصيق بالرسول ، والعارف به ، كذلك أبن عباس / أبن عم الرسول ، والأدرى بأحواله وأحوال آل بيته ! لم لم يكتب عن تفاصيل تلك الحقبة ! ، كل هذه مجرد تساؤلات ! .
ثانيا : ما أثار حفيظتي هو ما نشر في موقع / موضوع ، حول تداخل النص القرأني وباقي مكونات الموروث الأسلامي كالحديث والسنة ، أنقله بأيجاز ( .. وكان التدوين في عصر الرسول قليلاً جداً ، لكن مع الابتعاد عن زمن النبي بدأ التدوين يزداد شيئاً فشيئاً ، وقد نهى الرسول عن تدوين الحديث أثناء نزول القرآن لكي لئلا يختلط مع كلام الله .. ) ، وسؤالي ، من يقول بعدم حصول الأختلاط بين النص القراني والحديث مثلا ! وأن نهي الرسول عن التدوين دليل على وجوده / الأختلاط ! ، أما قضية الأحاديث فأنها قضية أشكالية فمن الممكن قد تسرب بعضها للنص القرأني ، أو بالعكس ، لأن عددها غير متفق عليه ، حيث جاء في موقع / الالوكة ” قال الامام اسحاق بن راهويه : جملة الاحاديث المسندة سبعة ألاف ونيف [ ذكره ابن حجر في النكت ] ، وقال اسحاق : سألت جماعة من اهل البصرة عن جملة المسند الذي روي عن النبي ، فقالوا : سبعة ألاف ونيف . [ ذكره الزركشي ] ( نقلاً عن كتاب : الامام اسحاق بن راهويه ومسنده ) ” ، ولكن هذا العدد يختلف تماما في مصادر أخرى ، فقد جاء في موقع / منتدى كل السلفيين ، الذي يشير الى أن “عدد الأحاديث التي في الصحيحين دون المكرر هو 2507 حديثاً وهو مجموع المتفق عليه 1519 وما انفرد به احدهما دون الآخر 988 ” !! .
ثالثا : المنطق يقول أن كل من كتب في الموروث الأسلامي ، لم يعايش تلك الحقبة ، لأن الكتابات أتت بعد قرن ونيف ، أذن من كتب لم يعتمد على أي دليل مادي محسوس و مقروء! ، بل كان الأعتماد على المرويات والحكايات ، وذلك لأن رجالات تلك الحقبة الفعليين قد قضوا ، أما ميتة طبيعية أو قتلوا في الغزوات والمعارك والحروب ، وكما هو معروف أن النقل الشفوي للحدث ، خاصة المنقول من فرد الى أخر ، أي ما يعرف ب ( العنعنة ) / أي حدثنا فلان عن فلان .. ، أمر غير دقيق ! لأنه يخضع للزيادة والنقصان في الحدث ! ، ويخضع أيضا لرأي الحاكم ، وأن كتبة التأريخ عموما يكتبون أملاآت الخلفاء والأمراء ، أي يكتبون وفق رغبة وميل السلطان ! ، أذن معظم ما كتب هوغير ما حدث أو غير ما وقع من أمر بالفعل ! ، أذن التأريخ المكتوب للموروث الأسلامي لا يعتد به ! ، لأنه كتب تحت قوة سيف السلطان ، وأن الكاتب لم يعايش الحدث !! .
رابعا : من الضروري أن نمهد لهذه الأضاءة ببعض الأمتدادات التأريخية ، 1- الخلافة الراشدة أمتدت من 11 هجرية الى 41 هجرية ، الدولة الأموية حكمت من 41 هجرية الى 132 هجرية ، أما الدولة العباسية فبدأت بواكيرها من 132 هجرية الى 932 هجرية . السير النبوية بدأت بالظهور خلال العصر العباسي الاول ، الممتد من 132 هجرية الى 232 هجرية ، وبالتحديد خلال حكم الخليفة أبو جعفر المنصور / 137 هجرية – 158 هجرية ، وحكم الخليفة المهدي / 158 هجرية – 169 ههجرية .
التساؤل هنا : لم لم يكن هناك محاولات أو مبادرات لكتابة السير النبوية قبل عام 141 هجرية ! / هذا أذا تجاوزنا حقبة صحابة الرسول – كزيد بن ثابت وحبر الأمة بن عباس ، ألم يكن هناك جهابذة في التأريخ والفقه والعقيدة خلال هذه الحقبة الزمنية التي تمتد الى قرن ونيف ، وأذا لم يبادر رجالات العلم الى هذا النوع من الأدب ، لم لم يبادر الحكام من الخلافة الراشدة الى العصر العباسي الأول بدفع ذوي العلاقة الى هذا العمل الذي يؤرخ سيرة رسولهم الذين يحكمون تحت مظلته الدينية ! ، هل هكذا أهمال كان عفويا أو كان متعمدا ! .
خامسا : في المراجع التأريخية ، يحدثنا موقع / الويكيبيديا ، عن فقدان بعض الصحف الخاصة بالسير ، أنقله فيما يلي بأختصار ” مؤلفات مفقودة في القرنين الأول والثاني الهجريين: -1 صحف عروة بن الزبير ( ت 92 هـ ) ( مفقودة ) . -2 صحف أبان بن عثمان بن عفان ( ت 105 هـ ) ( مفقودة ) . -3 السيرة لابن شهاب الزهري ( ت 120 هـ ) ( مفقود ) ” * وتساؤلي في هذه الأضاءة ، هل هكذا مؤلفات فقدت سهوا أو أهمالا ، أرى شخصيا أنها أهملت عمدا ! ، لأنه من المنطق الذي يهتم بالقرأن يهتم بصاحب القرأن !! ، كما أن هكذا صحف أهميتها كأهمية القرأن فكيف تفقد ! ، ولم لم يتم المحافظة عليها في مكان أمين ! .
الخاتمة :
1 . مبدأئيا ، التأريخ ليس مجرد نقل وتسطير وقائع وأحداث ، وأنما التأريخ هو ” نقلي وعقلي ” ، أي يجب تحكيم العقل في المنقول ، أذن ليس في كل ما يكتب ، يجب أعتباره حقيقة ! ، ونفس الأمر ينطبق على ما جاء بسيرة محمد فهل تقبل على عمومها ! ، أم يجب أعمال العقل والتروي بما تقرأ وبما تنقل وبما تثبت وبما تكتب من أحداث وقائع ! .
2 . من واقع ما أشرت أليه من أضاءات في أعلاه ، أرى أن رجال الحكم لم يكن همهم صاحب القرأن ، وهذا جلي وواضح منذ بداية أجتماع سقيفة بني ساعدة 11 هجرية / والرسول مسجى دون دفن في بيت عائشة والصحابة يتصارعون على خلافة الرسول ، أي هم الصحابة هو السلطة والحكم .
3 . وأرى .. أنه من الممكن القول أن حكام تلك الفترة ورجالات وشيوخ الأسلام أرادوا أن يكون لهم سيرة حياتية لرسول الأسلام ، شبيهة بسيرة المسيح في الأنجيل ! ، لذا بدأت كتابة السير ، مع الأخذ بنظر الأعتبار الخلاف بين السيرتين نصا ومضمونا ونهجا ! .
4 . أما الأهتمام بالقرأن / كصحيفة مكتوبة ، فكان الأهتمام به ، لسبب رئيسي ، وذلك لأنه يمثل غطاءا لحكم الخلفاء والأمراء ! ، ولا يمكن أهماله ، وبالرغم من أن القرأن بذاته موضع شك بالنسبة لمصدره ! وهو ما يعرف بمحنة ” خلق القرآن” ، التي نادى بها المعتزلة ، والتي تعتبر أن القرآن مخلوق وليس كلام الله المنزل على نبيه محمد كما يؤمن المسلمون ، لكنه عامة ككتاب أصبح مهما في تثبيت العقيدة وترسيخ الحكم وأعطائه الغطاء القانوني .
* يمكن أن يكون كتابة السيرة النبوية ، قد أهملت لسبب دفين ، أو أنها أجلت لما تحوي من خفايا وأسرار ، وذلك لأن كتابتها ، في ذلك الزمن قد يشكل بداية لشبهة لمعتقد الرسول بذاته ، والوضع بتلك الحقبة قد يبدو حرجا ، لهشاشة المعتقد ، خاصة / مثلا ، قصة زواج الرسول من خديجة بنت خويلد / المسيحية ، على يد أبن عمها القس ورقة بن نوفل / المسيحي ، وتم العقد وفق المعتقد المسيحي ، والدليل على هذا أن الرسول لم يتزوج عليها طيلة حياتها ! ، وعندما توفت بدأ مسلسل زيجاته ! .. أذن كتابة السيرة / التي أجلت لسبب أو لأخر ، كانت تضم أحداثا جدلية ، لا بد من ذكرها في السير ، هذه الأحداث تشكل موضع شك وشبة لعقيدة صاحب القرأن في تلك الحقبة ! ، لأنها تؤكد أن الرسول / الذي لم يسجد لصنم ، كان مسيحيا وقت زواجه من خديجة !! ، وهكذا فعل قد يحطم ليس محمدا فقط بل قد يهدد القرأن والأسلام معا !! .