8 سبتمبر، 2024 2:27 ص
Search
Close this search box.

الموت يباع للمستهلكين في أسواقنا المحلية

الموت يباع للمستهلكين في أسواقنا المحلية

المعلومة التي يعرفها غالبية شعبنا الكريم ، إن معظم السلع والمواد الغذائية التي نستخدمها لمختلف الأغراض يتم استيرادها من دول العالم والجوار وتدخل إلى بلدنا من خلال المنافذ الحدودية البرية وغير البرية ، وما يتم إنتاجه داخل العراق من السلع الزراعية أو الصناعية لا يتم تداولها من قبل اغلب التجار أما لارتفاع أسعارها أو التعمد في عدم السماح لمنتجاتنا الوطنية في منافسة المستورد من الخارج ، فالمستورد يحقق أرباحا عالية لتجار الجملة والتجزئة ( المفرد ) كما إن المستورد يحظى بامتيازات تتعلق بطريقة التسديد ( بالتصريف ) ومنح الخصومات أو غيرها من السماحات ، أما لماذا كل هذه التسهيلات فان الغرض أحيانا ليس لدخول البضاعة وتحقيق الأرباح من قبل التجار وإنما لإستخدام التجارة كوسيلة للحصول على الدولار من مزاد البنك المركزي العراقي ، لان الأرباح المتحققة من المضاربة بالدولار ربما أضعاف الأرباح التي تتحقق من تجارة المواد الغذائية سواء كانت تلك المواد زراعية أو صناعية وغيرها ممن تستخدم في توفير المتطلبات الحياتية للمواطن العراقي ، بعد أن أصبحت الصناعة العراقي مغيبة إلا ما قل وندر والمنتجات الزراعية مرمية في الحقول بدون تسويق لا بسبب رداءة الجودة وإنما لكونها مرتفعة التكاليف ، والحقيقة التي باتت معروفة للكثير إن العديد من الدول التي تقوم بتصدير السلع التي يتم دعمها والهدف هو تعزيز ميزان المدفوعات فيها أي لكي تزداد كمية النقد الخارجي الداخل إليها وهو عكس ما يفعله بلدنا بالضبط ، والمهم في موضوع تجارة المواد الغذائية والسلع الاستهلاكية للمواطنين ، إنها لا تخضع لجميع إلاجراءات المتعلقة بالرقابة المطلوبة من حيث المطابقة مع المواصفات في المنافذ الحدودية أو أثناء بيعها في أسواق التجزئة في الأسواق المحلية ، فهناك العديد من المواد التي لا تخضع لإجراءات السيطرة النوعية أو إنها لا تحمل متطلبات الجودة أو إنها مقلدة وغير حقيقية في الأساس ، والعلامات والإشارات الموجودة في الأغلفة و في المستندات الخاصة بالتصدير أو الشحن ، بعضها مقلدة أو مزيفة وغير حقيقية ويتم التغاظي عنها وتمشيتها من خلال بوابات الفساد الإداري والمالي ، أو لأسباب أخرى أكثر من المال ومنها تحويل بلدنا ليكون مكبا للنفايات .
وهذه ليست افتراءات فعند تطبيق الفحص من المناشيئ قبل التصدير من قبل الشركات العالمية ارتفعت الأصوات الضاغطة لوقف هذا الإجراء ، كما إن هناك تحذيرات دولية بوجوب التحقق الكامل ( مثلا ) من عدم تسرب الإشعاعات النووية بعد حادثتي تشرنوبيل في روسيا والمفاعل الياباني ، وقد ذهبت تلك المحاذير أدراج الرياح ، وقد شهد العراق فضائح في الفساد جرى التكتم عليها بشكل تام رغم الحملات الإعلامية التي رافقتها ، ومنها إدخال زيت طعام البطاقة التموينية الفاسد وإدخال بسكويت الأطفال لإغراض التغذية المدرسية للطلاب في المدارس وقضية العجول النافقة وإدخال قرابة مليون سيارة تحت مسمى الوارد الأمريكي وهي جميعا تحتوي على عيوب عديدة ويمنع استخدامها في الداخل الكاوباوي ، ولكي نثبت بان بعض التجارة القادمة من الخارج للعراق تجلب الموت معها ، فمن حق الجميع أن يسأل كيف يتم إدخال عشرات الآلاف من السيارات الحديثة سنويا وهي لا تخضع لأية إجراءات في الاستدعاء ، فقد قامت الشركات العالمية باستدعاء ملايين السيارات لمعاجلة مختلف العيوب المتعلقة بالتصنيع ، ولكن لم يتم استدعاء سيارة واحدة في العراق لمعالجة العيوب في المواقف أو الاير باك أو غيرها التي ذاع صيتها في دول العالم اجمع والبعض منها تمت تسويتها من خلال التعويضات عدا العراق ، كما انه من الموضوعي أن يتساءل المواطن العراقي عن المناشيء التي يتم من خلالها استيراد السكائر وتبوغ الناركيلة والمشروبات الكحولية ، وهل هي رصينة فعلا وتخضع لرقابة الدولة وتتقاضى عنها الرسوم الكمركية والضرائب وغيرها من الإجراءات أم إنها تدار من قبل شبكات عالمية ومحلية ؟ ، فمعظمها يتم إنتاجها في البواخر ويتم طرحها في المناطق الحرة لكي تدخل بدون رقابة للعراق ، ولا يتوقف الموضوع عند هذا الحد بل تحول العراق إلى ممر آمن لعبور السلع إلى دول الجوار بأسعار تنافسية يستفاد منها التجار ولا تدخل من مردوداتها دينارا واحدا لصالح الموازنة الاتحادية أو موازنة مجالس المحافظات ، دون التأكد تماما عن مدى صلاحيتها للاستهلاك .
والأمر يتعدى ذلك بكثير ، فالمواد منتهية الصلاحية تغزو الأسواق لا سيما في المحلات الشعبية ، فالمواطن البسيط يبحث عن السلعة معتدلة او منخفضة السعر ولكنه لا ينتبه إلى تاريخ النفاذية وطبيعة المواد الحافظة والمواد الداخلة في الخزن أو النقل أو الإنتاج ، ولم يتأكد لدينا وجود منظمات ناشطة فعلا في موضوع حماية المستهلك رغم وجود بعضها ورقيا ، وفي بعض الأحيان يتغذى المواطن على سموم تباع له بالدنانير أو بالدولار أو انه يستهلك أو يستخدم مواد مضرة أو عديمة الفائدة في أحسن الأحوال ، وقد لجأ بعض البائعين إلى حيل مختلفة للكسب غير المشروع وتحقيق المنافع إلى كبار التجار ، منها بيع بضائع منتهية الصلاحية أو باقي يوم أو يومان على انتهاء الصلاحية وبذلك تفسد البضاعة لدى المواطن عند الخزن ، وعندما يعاتب البائع فان الأخير يقول له إنني بعت لك بضاعة صالحة ولكنها فسدت عندك وليس الذنب ذنبي ، أما الحيلة الأخرى فهي تغيير ( الليبل ) أو التلاعب والتزييف فيه أو تشويه معالمه لكي تصعب قراءة محتوياته أو رفعه بالكامل مقابل إجراء تخفيض محدود في الأسعار على أساس إنها عروض ، ويتم تمرير كل ذلك في ظل غياب ضمير البائع والرادع الرسمي ، وحتى بائعوا الصمون يغشون من خلال تسخين الصمون البارد وبيعه وكأنه جديد رغم انه يعود لليوم أو الوقت السابق ، ولم تسلم الأدوية التي تباع في الصيدليات الأهلية من صور التلاعب أنفة الذكر فهذا موضوع يطول الشرح فيه ، والأكثر من ذلك إن بعض المستشفيات والمراكز الصحية الحكومية تقوم بتصريف الأدوية قريبة انتهاء مدة الصلاحية على المرضى والمراجعين ، فكلما وجد المواطن سخاء في صرف الأدوية كأن تعطى له ثلاثة علب بدلا من علبة واحدة كلما كان للموضوع علاقة بتصريف الأدوية شبه الفاسدة ، والمشكلة انه لا يتم تنبيه المواطن إلى انتهاء الصلاحية لكي يتوخى فساد الأدوية عند الخزن والاستعمال المنزلي ، وتتعدد طرق الاحتيال على المواطنين في بيع السلع الغذائية ومنها اللجوء إلى تجميدها لدرجات منخفضة جدا لإخفاء ألوانها وروائحها الكريهة ، وليس خافيا على احد فضائح بيع لحم الحمير وخلطات اللحم المفروم ، ويتم كل ذلك في ظل غياب الجهات الرقابية المعنية ومنها الرقابة الصحية والجهاز المركزي للسيطرة النوعية ومعهد التغذية ومديريات البيطرة والأمن الوطني والغذائي وغيرها من الجهات ، والتي تحولت مهامها إلى حملات وفزعات يتم فيها مئات الأطنان في الحملات وليس العمل بسياقات ، فمن المفترض أن يتم فحص المواد المخزونة والمعروضة يوميا للتأكد من عدم فسادها ومطابقتها للمواصفات القياسية ، والمسألة تتعدى الفساد بأشكاله المختلفة ومنه الفساد السياسي الذي يتقوى به البعض ، لتتحول إلى خيانة الضمير والدين والإنسانية لغرض الكسب غير المشروع للأموال ، وخسارتنا في ذلك مرتين مرة في ضياع ثرواتنا بالعملات الصعبة باستيراد المغشوش ومرة في دفع اموالنا لشراء السموم وما يترتب عنها من تداعيات من حيث المرض أو الموت .

أحدث المقالات