-1-
يخيل لبعض السياسيين أنّ بمقدورهم أنْ يفعلوا ما شاؤوا، وأنْ يصرّحوا بما يحلو لهم، دون رقيب أو رصد لأفعالهم وأقوالهم ..!!
وإنَّ البعض منهم سرعان ما ينسى أقواله، فيعود ليرفض بقوة ما كان قد دعا اليه بنفسه ..!!
إنّه ضحك على الذقون ، والجنون فنون ..!!
-2-
ونحن بحمد الله في مرحلة نستطيع فيها أنْ نسجل بالصوت والصورة، كلَّ ما يصدر من فرسان تلك المواقف المتضاربة ..!!
وهكذا يصعب الافلات من قبضة (السلطة الرابعة) التي لا تهمل على الاطلاق شيئا من ذلك .
-3-
ومن أبرز الأمثلة على ذلك : ان رئيس مجلس الوزراء السابق ، كان يقول :
أن دورتين من الحكم تكفيان صاحب القدرة والمنهج للايفاء بتنفيذ منهاجه …
وحين صوّت مجلس النواب على جعل رئاسة مجلس الوزراء لدورتين متتاليتين فقط، على غرار رئاسة الجمهورية ورئاسة مجلس النواب، قابل ذلك بالرفض الشديد ، واصر على ان تكون له الولاية الثالثة ..!!
والاصرار على الولاية الثالثة يحول عمليا دون التداول السلمي للسلطة.
مضافاً الى معظم الكتل السياسيّة ضاقت ذرعا بالسنوات الثمان العجاف (2006-2014)، والتي شهدت من الانتكاسات والاختلاسات ما لم تشهده مسيرة الحكم، لا في العراق وحده بل في سائر الدول .
يهرب المئات من عتاة المجرمين التكفيريين من السجون فلا ينتطح عنزان ..!!
وتبلغ المنهوبات من المال العام 100 مليار دولار، ولا تُحال رؤوس الفساد الى القضاء ..!!
ويستهان (بمجلس النواب) الى درجة التصريح بفقدانه للشرعية …
مع انه لو كان كذلك، لكان رئيس مجلس الوزراء أول الفاقدين للشرعية لان مجلس النواب هو الذي يمنحه الشرعية ..!!
ولا يستجيب الوزراء فضلاً عن رئيسهم لدعوة مجلس النواب لاستضافتهم فضلاً عن استجوابهم …!!!
وتُغلق المرجعية الدينية العليا بابها بوجه المسؤولين احتجاجا على سوء الخدمات للمواطنين ،واستمرار عمليات السرقة للثروة الوطنية ولا يكفُّ الاعلام الرسمي عن تصوير العراق ، وكأنه جنّة الله في الارض .
ويُستجيب (حزب الدعوة الاسلامية) لتوجهات المرجعية الدينية العليا ، ويبقى (الامين العام) مصراً على حقه في الولاية الثالثة …
وهكذا حتى قال في خطاب الانسحاب من الترشيح للدورة الثالثة انه اتُهِمَ بالتشبث بالمنصب … عاداً دعوة المرجعية الدينية العليا عدم التشبث بالمنصب اتهاماً
وهي كلمة ظالمة مرفوضة جملة وتفصيلا
وتدنس (داعش) ثلث التراب العراقي الطاهر، وتعيث فساداً في البلاد والعباد ،ولا يعترف أحد بمسؤوليته عن ذلك …!!!
وتبرر مجزرة (سبايكر) المرّوعة، دليلاً على سوء التدبير والاستهانة بالدم العراقي ولا يحاسب المسؤولون عنها ..!!
والمهم ان الذائبين في حبّ الراغب بالولاية الثالثة قد تم تقديمهم عمليا على كبار القادة في حزب الدعوة الاسلامية، في مؤشر واضح الدلالة على النزعة الذاتية ، وتم تقديم الأرحام والاصهار على الكادر المتقدم في الحزب ايضا ..
إلاّ ان الاصرار والعناد لم ينفعا في نهاية المطاف ، وجاء الانسحاب المتأخر عن الترشح للولاية الثالثة ، بعد ان أيقن الرجل ان البوابات كلها قد سدّت بوجهه وليس له الا الاذعان … بوجوب الرحيل …
لقد رحل بعد أن خلّف تركه ثقيلة للغاية، ينوء بأعبائها القادم الجديد ،الذي لم يسلم من الاتهام بالتواطؤ مع دولة اجنبية ..!!
أقول :
اذا كان هذا طراز التعامل مع الزميل القيادي، فكيف يكون مع من يُصنّف بانه (المُعادي) ؟!!
-4-
وأشدُّ الناقمين على رئيس مجلس الوزراء السابق هو الذي سار على نهجه ..!!
وقد احتفظ لنا الاعلام بالمضامين والارقام حيث قال المومى اليه بتاريخ 5/1/2013 :
” ألف كلاّ وكلاّ لكل من يفكّر مجرد التفكير في تحديد ولاية رئيس الوزراء ..!!
وبتاريخ 25/9/2014 قال :
( ان الحكومة السابقة لم تقدم الكثير للعراقيين وعلينا الاعتراف بهذا )
أقول :
اذا كانت الحكومة لم تقدّم الكثير للعراقيين فلماذا كنتَ تمنع مجرد التفكير في تحديد ولاية رئيس الوزراء ؟
إنّ منع مجرد التفكير في أمر ما، مقولةٌ محترقة بائسة، لا ينبغي ان تتردد على لسان أحد، فضلاً عن رجل أكاديمي نظيف .
إنّ من حقّ المخلصين ، بل من واجبهم ، القيام بكل ما يضمن مصلحة البلاد والعباد ، ولا مصلحة لهما أكبر من وجود حكومة عادلة نزيهة تؤثر الصالح العام على المصالح الشخصية والفئوية والقومية والعشائرية، وتواصل جهدها اناء الليل وأطراف النهار، لتحصين البلاد من الأعداء وشرورهم، وايصال المواطنين الى مرافئ العزة والسلامة والكرامة، وصيانة حقوقهم وحرياتهم، بعيداً عن كل أساليب الالتواء والاحتيال والابتزاز والكذب والاستغلال …
-5-
اننا نرفض بشدّة كل المسالك والمواقف الموبوءة التي يتعمدها النفعيون لتلميع صورهم عند الحاكم، غاضين النظر عن الثغرات الرهيبة في جدار حكومته، حتى اذا ما ضعف وأوشك على الانتهاء، غيّروا لحن الخطاب وبرعوا في ذكر العلل والأسباب …