23 ديسمبر، 2024 11:03 ص

المواطن يطمح لنظام الدولة المدنية

المواطن يطمح لنظام الدولة المدنية

الكثير من الأوساط السياسية والاجتماعية والفكرية في عالمنا  تناضل من اجل تحقيق نظام الدولة المدنية لمعالجة الأوضاع المتردية في عالمنا العربي بدلا من الأنظمة المتخلفة الفاسدة.
لان  الدولة المدنية تحافظ وتحمي كل أعضاء المجتمع بغض النظر عن انتماءاتهم القومية أو الدينية أو الفكرية ، وأهم مقوماتها السلام والتسامح وقبول الآخر والمساواة في الحقوق والواجبات، وضمان الحقوق من خلال سلطة الدولة التي تصون حقوق الجميع من الانتهاك بتطبيقها القانون بكل بنوده دون محاباة  أو تحيز، كذلك تمنع الأطراف أو الجماعات المنفلتة من تطبق القانون بأنفسهم ، كما للمواطن حقوق يتساوى فيها مع جميع المواطنين مهما كانت مواقعهم . وهكذا يتم تأسس الدولة على نظام مدني  يقوم على السلام والتسامح  ونشر الثقافة المدنية لتعزيز الثقة بين جميع المكونات  المختلفة ، لحماية الوطن من الطامعين وفلول الإرهاب  وصيانة النسيج الوطني للشعب بتحريم الفهم الطائفي والعنصري .
ومن أهم مبادئ الدولة المدنية أنها لا تتأسس بخلط الدين بالسياسة. كما أنها لا تعادي الدين أو ترفضه فرغم أن الدين يظل في الدولة المدنية عاملا في بناء شخصية الإنسان  المؤمن وخلقه وحثه على عمل الخير بصدق وأمانة .  وما ترفضه الدولة المدنية هو استخدام الدين  أو المذهب لتحقيق أهداف سياسيه.
من تجارب العالم إن الثورة الفرنسية  تبنت  نظام الدولة المدنية  عند قيامها ، ولما كان الشعب مصدر الثورة  فقد وضع قوانين ومفاهيم وآليات إجرائية وفكرية وسياسية كالمساواة في المواطنة، وإشاعة الديمقراطية كصورة من صور الحرية وبناء نظام  المؤسسات واستقلال القضاء، والتعددية، والقبول بالآخر، والتداول السلمي للسلطة، وحرية الصحافة، ومشاركة المجتمع المدني بصناعة القرار، وحقه في الرقابة على السلطة حماية للمواطن من بطشها.
 ومع هذا فان الدولة المدنية ليس وليدة الثورة الفرنسية  فقط وإنما بدأ الحديث عنها في القرن الثامن عشر الميلادي، عند ظهور أول كتاب بهذا الاسم لـ«جان لوك» في عام1786 .
ومن خلال مطالب الثورة الفرنسية التي تركزت على حقوق الشعب واحترام حريته، تبلور عنها وجود الدستور، والنظام الجمهوري والإعلان عن حقوق الإنسان.. الخ .
وأن  أبرز الأسباب  لقيام الثورة الفرنسية، هو استبداد الكنيسة ومصادرتها لحقوق الإنسان، مدعية أن  حكمها الكهنوتي المستبد مصدره السماء  ، أي إنها تدعي حقها الإلهي في حكم الشعب .
أن معظم الثورات في العالم قامت لأجل حقوق وكرامة الإنسان،  إذن ليس  من المعقول إن تأتي الأديان السماوية لتكرس الظلم والاستبداد .  انه الحاكم لا الأديان ؟ 
ثم تبلورت هذه المنظومة المتداخلة من المفاهيم في العالم  تحت مصطلح (حكم الشعب نفسه بنفسه) أو (الشعب مصدر السلطات)
ومن هنا بدأ العالم  يسعى نحو حياة أكثر سعادة وتطور وتنمية وأمان من خلال نظم وقوانين متحضرة أنجزتها الشعوب بنضالها وساندتها المنظمات الدولية المعنية  بحقوق الإنسان التي أنشأت قوانين دولية صارمة لحفظ كرامة الإنسان واستقراره وإشاعة السلام والأمان بين شعوب الأرض التي عانت الكثير من الاضطهاد والتهميش . نستنتج من ذلك إن إحلال السلام والاستقرار والتنمية في عالمنا العربي وفي العراق بالذات  يتم من خلال حكومة مدنية نابعة من هوية الشعب ومعتقداته وثقافته وقيمه، لقد جرب شعبنا في العراق معظم الأنظمة لم يجد من خلالها خلاص  مآسيه؟   ( بل وصل الحال إلى نسيانه إن له وطن) ! كما يشعر العراقي المهجر في الغربة وهذه مراجعة تتصل مباشرة بحرية المجتمع وخياراته الثقافية والاجتماعية. عسى إن تدركها الكيانات والحكومة المشكلة حديثا .
[email protected]