سؤال يثار في اكثر من مناسبة ، هل الطبقة السياسية الحالية قادرة على النهوض بالتحديات الانسانية المتعلقة بالنازحين والاقتصادية والعمرانية المطروحة ؟ وهل هي قادرة على الاتفاق حول شكل الدولة هل تبقى اتحادية ام تتحول الى اقاليم او كونفدرالية ؟ وهل الطبقة السياسية الحالية مستعدة للعمل على تحديد ملامح مرحلة ما بعد داعش ونحن نقترب من نهايته ؟ ام ان الانتخابات المقبلة كفيلة بتغيير الأوضاع والوجوه؟.
إذن نحن على موعد مرحلة جديدة بكل أبعادها ، مرحلة انتخابية طرفاها ( السياسي – المرشح ) الذي يسعى للفوز والبقاء في موقعه ، و ( المواطن – الناخب ) الذي يبحث عن التغيير وعمن يخرجه ويخرج البلاد من أزماتها الخانقة ويحقق آماله وتطلعاته ، فهل سيغير السياسيون من ممارساتهم ويتعلموا من أخطائهم السابقة ؟ ام ان المواطن سيتعظ من خياراته الماضية.. ويتقن خياراته المستقبلية امام صناديق الاقتراع في الفترة القادمة ؟كل هذه المعادلة يجب ان يحتكم معيار نجاحها الى قانون انتخابي رصين يحدد الخيارات ويصوبها بالشكل المناسب الى المرشح الفائز دون التفاف على إرادة المواطن – الناخب ، مثلما تحتاج هذه المعادلة الى مفوضية انتخابات نزيهة ومقبولة من الجميع تدير العملية بحيادية وتصدر النتائج بسرعة وفاعلية مثلما معمول به في مختلف البلدان الديمقراطية.
لكن الذي جرى وللأسف ان الطبقة السياسية ما زالت في وادي ومتطلبات نجاح اي عملية انتخابية في وادي آخر ، فلا المفوضية المستقلة تغيرت ولا مسودة قانون الانتخابات المقترح من لجنة في رئاسة الجمهورية كفيل بموازنة المعادلة بين خيار الناخب ونظام القوائم ، لسببين:
الاول – ان هذا القانون مقدم من احدى الرئاسات الثلاث وهي شريكة في العملية السياسية ، بل وجاءت عبر المحاصصة التي هي سبب اغلب المشاكل التي نعاني منها.. فهل يعقل ان يكون من يقدم قانون الانتخابات مرشح في الانتخابات القادمة او مشارك فيها ، اين الحياد في القضية!!.
الثانية – التوقيت ، لماذا يقدم قانون الانتخابات في هذا الوقت بالذات وقبل الانتخابات بعدة اشهر!! ، فاين كانت اللجنة القانونية في رئاسة الجمهورية طيلة السنوات الماضية بل اين كانت اللجنة القانونية في مجلس النواب عن اقتراح مثل هذه المسودة.
ان التوقيت يثير الكثير من التساؤلات مثلما تثير الإجراءات التي تلي تقديمه الكثير من علامات التعجب لأنها تحتاج الى عدة اشهر لمناقشته وقراءته واقراره ، الا اذا كان للكتل السياسية كلاما آخر في اقراره دون تمحيص وباللحظات الاخيرة قبل موعد الانتخابات المقبلة في السادس عشر من أيلول المقبل ، فكيف يحدد موعدا لانتخابات قبل تهيئة مستلزماتها؟.
ان الحل لن يأتي بهذه الصورة ، وان الطبقة السياسية لم تنجح في الاستفادة من اخطائها الماضية بل تريد ايجاد ارضية قانونية لبقائها واستمرارها .. فقانون الانتخابات يحتاج الى خبراء محايدين لكتابته محليين كانوا ام دوليين ، مثلما ان مجلس النواب يحتاج الى مزيد من الوقت لمناقشة أية مسودة وإقرارها ، كما ان مطالب تغيير المفوضية السياسية والشعبية يجب ان تأخذ على محمل الجد وان تلقى اذان صاغية ضمن السياقات القانونية والدستورية.. لذا فان المنطق يستلزم التالي لإخراج العملية من عنق الزجاجة:
• تشكيل لجنة قضائية تشرف على اختيار اعضاء مفوضية الانتخابات القادمة.
• تأجيل موعد الانتخابات؛ لحين إقرار قانون مناسب يعزز خيارات المواطن ويضمن استحقاق كافة المرشحين دون استثناء.