يبدو أن معظم الساسة صاروا أكثر من المواطن؛ حديثاً عن الإصلاح، وتباروا لرفع أياديهم قبل إتمام قراءة نصوص حزمة الإصلاحات، ولم يتركوا مناسبة إلاّ وتحدثوا عن خطواتهم الحثيثة في البناء؟! وهم عباقرة النهضة العمرانية التي لا مثيل لها في العالم؛ لأنهم قفزوا على التاريخ وتجاوزو الزمن وطفروا بالوراثة، ولو أن الفساد رجلاً بينهم لقتلوه؟!
يتحدثون عن الفساد ربيبهم، وبعضهم خرج متظاهراُ؛ فأسكته الشعب وجر إذيال الهزيمة، والأصوات في أذنيه تُنادي فاسد فاسد.
لم يتوقع الساسة تجمع شعب فرقوه؛ الى تبعيات وطوائف، ولم يكُ ببال من تربع على الرقاب؛ بأن يُفضح الفساد والإستحواذ على الممتلكات العامة، حتى أجبر الشعب الغاضب ساسته؛ بالقبول بحزمة إصلاحات أولى وثانية وثالثة، ويأمل تطبيقها في زمن قياسي يخطط الى بصيص أمل ما بعدها.
ألغيت فوراً مناصب نواب رئيس الجمهورية والوزراء، وأصبحوا مواطنين بلا حمايات من المفترض أن يعيشوا بيننا، ويعانوا قطع الكهرباء وسوء الخدمات وإنتظار الحصة التمونية، ومطلوب منهم أن يكونوا في الحشد الشعبي للدفاع عن الوطن، ومع المنادين بالإصلاح، وكشفه ولو كان في أنفسهم وأحزابهم.
دَمَجت الحزمة الثانية بعض الوزارات، وأُلغيت مناصب المتشارين وخفض عدد الحمايات، وفي ثالث الحزم: تُعاد الأملاك التي إستولى عليها الساسة، ويُعاد تقييم بيع الإراضي والإستئجار، وتفتح المنطقة الخضراء للمواطنين، ومن حقنا أن نُصدق الخبر الذي يقول: ” المواطن نوري المالكي يُغادر بغداد، وبرفقته مدحت المحمود وعدد من البرلمانيين عن دولة القانون، ويخلون بيوتهم داخل المنطقة الخضراء” ؛ بإعتبار ذلك نتيجة طبيعية لثالث حزمة إصلاح، وإستنتاج لقول كل القوى أنها مع الإصلاحات ولو على نفسها.
نشرت الخبر على صفحتي الشخصية، على إعتبار أي تقدم في الإصلاحات؛ بموازاة تقدم قواتنا في ساحات الشرف، وكما تقول المرجعية: أن معركة الإصلاح توازي الجهاد الكفائي، فتفاعل وشارك وعلق آلاف على الخبر، ووصلتني رسائل على الخاص تسأل عن مصدر الخبر، ومنها رسالة من السيد عباس الموسوي المستشار السابق؛ لرئيس الوزراء السابق.
إن مصدر الخبر هو إرادة الجماهير، والأمل بزوال المناصب الفائضة الفضائية، وتحقيق الإصلاحات بالتخلص من النفايات السياسية، ومراجعة النفس للبحث عن الفاسدين اللذين تسببوا بدخول الإرهاب، وأما السيد نوري المالكي فهو مواطن عليه واجبات وله حقوق، ويُحاسب على الأخطاء، وتوقعت تنازل المحمود؛ نتيجة مطالب ثلاثة أسابيع، وإلحاح المرجعية على إعادة النظر بالقضاء، أما أعضاء دولة القانون؛ فمعظمهم مستشارين ونواب حصلوا على منازل في المنطقة الخضراء، وخروجهم مسألة طبيعية قبل دخول المواطنيين وسؤالهم ” من أين لكم هذا”؟!
الإصلاح ليس شعار يرفع على ظهر موجات التظاهر، ولا وعود في أرض واقع، صدعها الفساد، وأحرقها الإرهاب بسببه.
من حق المواطن سؤال ومحاسبة المسؤول، ومراجعة فساد إدارة الدولة من عام 2003م، والتحقق من سبب الإنهيار وكيف تربع المفسدون، وأعطيت لهم مئات أمتار، أراضي سكنية في قلب العاصمة؛ بسعر 10 آلاف دينار للمتر بينما سعر مثيلاتها 6 ملايين دينار؟! وثلث الشعب لا يملك 50 متر للسكن؟! ويسأل عن كيفية إستئجار قصور بأسعار رمزية، وعقود تمتد الى 200 عام؟! ويسأل لماذا 12 عام لمدحت المحمود، وهذا الكلام غير معني به جهة بذاتها؛ فمن يُريد الإصلاح عليه أن يبدأ بنفسه، ويسمع ناصحاً ولا يُصدق مادحاً.