14 أبريل، 2024 9:23 م
Search
Close this search box.

المواطن بين تحمل الضرر و اليأس من الاستجابة ؟؟

Facebook
Twitter
LinkedIn

بعيدا عن الخوض بنوايا الاعم الاغلب من كبار المتصدين لمواقع الخدمة العامة ، وبعيدا عن قناعتي الشخصية لكني وبحكم التجربة والاحتكاك المتواصل بالكثيرين ممن يتصفون بالجدية والنزاهة ، اجد ان حماس بعضهم يدفعهم للبحث عن النجاح ، وتجنب النقد والابتعاد عن مواطن الشبهة ،هذه القناعة ليست فعلا عاطفيا فارغا ، فمعظهم هولاء مدرك تماما ما تعنيه المسؤولية وان يكون راعيا معنيا بسيادة قيم العدالة ، ولأنه مسؤول وتطارده نظرات الرقابة ، فلا شك ان سعيه وفعله ومواقفه تبنى على اساس البحث عن المصلحة لقطاف ثمار النجاح ، فالوزير والوكيل و المدير العام وغيرهم ، موظفو خدمة عامة و واجباتهم تنحصر بالجوانب التنفيذية المرتبطة بخدمة الشعب ،فأن ترفعوا عن هذه الخدمة ، فلا ضير انهم سيواجهون سيلا من الانتقادات ،ناهيك عن تعرضهم للمسألة والحساب بتهم شتى ،تبدأ بالاهمال الوظيفي وقد لاتنتهي بتعمد الاضرار بالمصلحة العامة ، اما اذا لمسوا تقاعسا من مرؤوسيهم في أي موقع و مكان مهما كان صغيرا ،فعليهم ان يهبوا لاتخاذ موقف حازم ويتثبتوا من الحقيقة ويحاسبوا المقصرين، حين يثبت ان هولاء المرؤوسين يقومون باعمال تنافي الواجبات المناطة بهم .
في محل الشاهد ،كثيرا ما نسمع عن عن سلوكيات مشينة ، ومخالفات صريحة للقوانين من قبيل طلب البعض الرشوة ،او التغاضي عن مخالفات المتنفذين على اختلاف مسمياتهم وصفاتهم ، وترجيح اسلوب المجاملة على حساب مصالح غالبية المواطنين ،وهو ما يتسبب بمشاكل للدولة ويضر بسيادة القانون ،لان القانون ليس شعارا للاستهلاك بقدر كونه ضابطة تحكم سلوك الجميع ،فأذا كان سلوك موظف الخدمة العامة الادنى هو تحصيل الاموال ومجاملة من يدفع اكثر ،عند ذاك يجب ان يكون للمسؤول الاعلى دور في المحاسبة ،بمنع وردع من يرأسهم لان تركهم ،يتسبب بأذية العشرات وربما المئات او الالاف من المواطنين ،فلا احد يستطيع نكران وجود هذا السلوك ،ففي بعض الحالات تحرم مجاميع من هولاء المواطنين من الخدمة ليستغلها موظف او فرد فقط ، لأنه يتناغم مع فساد منظومة حكومية معينة لتجيير هذه المنفعة وحصرها بشخصه ، سؤالي هنا وهو سؤال افتراضي يطرحه الالاف يوميا ، اين يلجأ المواطن امام طاغوتية صغار موظفي الدولة ؟؟ ومن ينصف من لا يستطيع اثبات تعرضه للظلم والضرر ،بسبب المحسوبيات وتغليب مصلحة الفرد على حساب الجماعة ؟!!
هناك الكثير من الحالات التي لا ترقى لكونها ظاهرة ،وتعتبر خاصة وخاصة جدا ،لكن توجد العشرات غيرها وهي تشكل بمضامينها مجموعة ظواهر يكون فيها المواطن الطرف المتردد المسلوب الحق ،غير القادر على اتخاذ القرار ،سيما مع عدم فاعلية الرقابة ورواج حالات التعدي وتجيير الموقع والمال لاغراض شخصية ، وسبب رواجها وعدم التصدي لها كما ينبغي، هو خشية و تنصل المواطن المتضرر ، و خوفه من ردود الفعل ( من گوامات عشائرية ) يكون فيها الموظف الفاسد صاحب الحق ،لانه ( مسلكي ومرتكب في آن معا ) كما توجد تهديدات جدية انتقامية بسبب الحديث عن هذه الممارسات والافعال، او حين يقوم المواطن بتوجيه الاتهام الصريح والواقعي للمتسببين بالفعل من قبل طبقة من الموظفين الطاغوتيين ، نعم الالاف من المواطنين يفكرون بهذه الطريقة ،وهي تجنب الخوض بالمشاكل ويفضلون تحمل الضرر والتغاضي عن حقوقهم لضمان السلامة ، بسبب هشاشة الاجراءات وعدم الجدية في تطبيق القانون ، وهو ما يفرض ان يلجأ المسؤول لاسلوب اخر ،ويفتح ابوابه لمن تمسهم الظلامة مع تطمينات ورقابة ذاتية اكثر صرامة ، فالمواطن اليوم لم يعد شريكا في مكافحة سلوكيات الفساد ، بل متفرجا عليها فينتقد ويتكلم ويرفع صوته في المجالس الخاصة والاسواق معبرأ عن نقد يائس دون مبادرة و التقدم بشكوى .
هذا التصور اليائس يدفعنا للافتراض وحسب اعتقاد المواطن ،ان لا جدوى مما يقوم به ،لانه جرب المشاركة فوجد نفسه بين وشاية الرقيب وعدم انصات المسؤول ،والضرر من اتخاذه هذا الموقف كبير ،اولا بسماحه لهولاء بهضم حقوقه ، وثانيا لأنه يفقد الرقابة فاعليتها ،فعدم الابلاغ عن مثل هذه العمليات المشبوهة، و قد يكون كل ذلك مبررا بالنسبة له ، لأنه يرى في الدولة شريكا غير موثوق فبين البيروقراطية الادارية وعدم الجدية في المعالجة وعدم حمايته في حال تعرض للتهديد ،وهي فرجة تلحق الضرر بسمعة المؤسسات الخدمية والدولة كما هو معلوم ،ما يؤدي لتكريس مفهوم ان المواطن غير معني بمعالجة الفساد ،وان ذلك الامر مناط باجهزة الدولة ،لاثبات النزاهة وتحسين صورتها امامه ،ولأن ذلك صعب للغاية ،فلا جريمة لا اتهام واثبات، ليتعزز لديه ولدى غيره الاعتقاد بكونه محكوم من قبل طبقة محمية لا يمكن المساس بها من المتنفذين .
في حالةينطبق عليها ما نحن بصدده سألت احدهم عن اسباب سكوته عن ضياع حقه وعدم توجهه بشكوى ،اوضح انه لايثق بمن يشتكي عنده ، وكيف انه يخشى من تسريب اسمه للمشكوى منه ، فهو يفترض ان الموظف المعني بتطبيق القانون في هذه الحالات ينحاز للموظف الفاسد على حسابه كمواطن وان لاحلول لمعضلة قوم يعملون و فق مبدأ رهملي وارهملك ..

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب