17 نوفمبر، 2024 9:58 م
Search
Close this search box.

المواطن المثالي

في فيلم مصري يحمل اسم (المشبوه) ، يصاب أحد ضباط الشرطة برصاصة يطلقها عليه لص للتخلص من قبضته بعد ان ينتزع منه مسدسه الحكومي فيعتبر الضابط ماحدث ثأرا شخصيا بينه وبين اللص وحين يعثر عليه مصادفة ويكون قد تاب من السرقة ، يمارس معه لذة انتقام ظالم مستفيدا من موقعه في السلطة فينسف حياته كلها .. بهذه الطريقة يفهم بعض المسؤولين السلطة عندنا فهي أداة للانتقام الشخصي او للتباهي او اذلال الآخرين وظلمهم..ففي احدى سيطرات الجيش في اطراف بغداد، تم ايقاف عدد من سائقي الشاحنات ،وكان احد هؤلاء السائقين قد ارتكب مخالفة مرورية كان يمكن محاسبته عليها قانونيا أو تانيبه من قبل الضابط المسؤول لكن الأخير اختار أن يصفعه بشدة دون سؤال أو استفسار ، وهنا انتفضت كرامة الانسان في نفس السائق فدفع الضابط معترضا على صفعه بهذه الطريقة المهينة ، ودفع ثمن ذلك توقيفه لعدة ايام وضربه بشدة وبشكل جماعي ثم تقديم ورقة له ليضع توقيعه عليها وكانت الورقة تضم اعترافا منه بأنه تعمد تجاوز السيطرة والانطلاق بشاحنته لأنه كان يحمل فيها موادا متفجرة .! أوقن السائق المسكين ان مصيبة كبرى بانتظاره ، وانه سيصبح ارهابيا وفق هذه الورقة ويغيب خلف الشمس ولايجد من ينقذه فقرر ان يرفض التوقيع رغم كل ماتعرض له من ضرب وتهديد ..وفي النهاية ، وعده احد الجنود بأن يتوسط له عند الضابط اعجابا منه بشجاعته وجرأته ، وبالفعل وافق الضابط بعد توسلات الجندي بان يطلق سراح السائق مقابل دفع مبلغ الف دولار ، واضطر المواطن البسيط ان يدفع المبلغ للسلطة ليشتري حياته المهددة وحريته !! يقول احمد مطر :” حريتك تنتهي حيث تبدأ حرية الآخر ..والآخر في الاحوال كافة هو السلطة !” والحادثة المذكورة تدل بوضوح على كيفية فهم مصطلح السلطة من قبل المسؤولين في بلدي ، فالمسؤول يمتلك كامل الحرية في استخدام كل مايمتلكه من أدوات لاستغلال المواطن واستلابه واهانته بينما لايملك المواطن الا أن يكون أعمى وأصما وأبكما ليحمل صفة ( المواطن المثالي ) بجدارة

وليحافظ على حياته … وكما فعل الضابط في فيلم المشبوه فاستغل سلطته لأهداف شخصية ، يمارس ابناء السلطة لدينا سلطتهم لتحقيق اهدافهم الشخصية ،ويعيش المواطن أيامه البائسة تحت رحمة الخوف من السلطة بينما ينبغي أن يهاب القانون ليفرمل افعاله ، لكنه مدرك لغياب القانون وتحوله الى اداة من أدوات السلطة يمكن استخدامها ايضا لادانة المواطن او مساومته مقابل ضمان حريته وحياته ، لذا لايبقى أمامه الا الانحناء امام ريح السلطة وتجاهل معنى الحرية التي يعتبرها ارسطو أساسا لبناء دولة ديمقراطية فالحرية تملكها السلطة وبالتالي تصبح الديمقراطية كذبة كبرى يتمسك بها كل من بلغ السلطة بفضلها ثم اجاد استخدامها للتمسك بالسلطة واستغلالها في امتلاك حرية الآخرين !!

أحدث المقالات