هناك قضية في غاية الأهمية يبدو انها غير ملتفت لها، وهي ان كل اللاعبين بالعملية السياسية بدون اي استثناء ان كانوا من الذين يدعون بناء البلد ومن الذين يدعون الإصلاح وصنع مستقبل سعيد، يفرضون فكرة معينة، مفادها ان أولى اولويات العملية السياسية هي ارضاء الكتل السياسية في كل شيء من تشكيل الحكومة ومن ارضاء الكتل والأشخاص بالمناصب، وحصول الامتيازات، قبل القيام بواجبات رعاية مصالح المواطن العراقي. ما يعني ان ليس هناك اي تفكير ان ستراتيجية واضحة لمتابعة مصالح المواطن.
بل بالعكس هناك بوادر تدل على ان واقع هذا المواطن سيكون مخيف واسوء من الذي مر عليه، لوجود أفكار كثيرة تتحدث عن قوانين جديدة تؤدي الى ارتفاع مستوى الضرائب عليه ووصولها الى مديات مخيفة.
ليس هذا فقط، بل ان الجميع لا يتحدث عن ١٥ سنة كاملة من الفشل في كل شيء، بل يتحدثون ويتباكون ويتخوفون على العملية السياسية (التي يقدسونها اكثر من تقديس روح وحياة المواطن العراقي)، اذ من العيب ان يظهر رجال بارزين وقادة سياسيين يتجنبون الكلام في هدر المليارات التي صرفت وسرقت وبددت من اجل الكهرباء مثلا، ويتحدثون عن خشيتهم ورعبهم على العملية السياسية .. لماذا ؟ ليس لأنهم يخافون على المواطن، بل لأنهم يعلمون ان وجودهم واستمرار فشلهم مرتبط بوجودها واستمرارها على نفس الفشل.
فهذا فلان الذي كتب وخطب ووعد العراقيين بان الشهور المقبلة ستشهد قمة الاستقرار والرفاهية للمواطن وانه سوف يقضي على المفسدين، هو نفسه يتوسل من هنا وهناك من اجل الوصول للسلطة وهو نفسه الذي يشجع ويرى الفساد بعينه ويغض الطرف خوفا من سحب الدعم عن طموحه.
وهذا فلان الذي لا يتحدث الا بمحاسبة المفسدين وبناء دولة عادلة ، هو نفسه يتفاوض مع فلان وفلان من اجل تقاسم السلطة وإعطاء حصص فلان وفلان من واردات الأمة.
وهذا فلان (ممثل الشعب) ، سن قرارات رسمية وأضاف امتيازات له من سيارات ومنازل وحمايات لخمس سنوات مقبلة قبل ان يترك منصبه ووو الخ
لا اعرف .. هل هناك قناعة عند هؤلاء بأنهم فعلا سيبنون دولة ام يبنون وجود لهم ؟ ومن يملك قناعة هل يتجرأ ويطرح مشروع متكامل يرعى مستقبل المواطن ليعلم ما مصيره ؟ بالطبع لا
لا اعرف أين تتجه الأمور ولا اعرف أين يتجه مستقبل العراقيين ، لكن كل الذي علمته من خلال قراءتي للمستقبل وفق تداعيات الأحداث ان الأمور غير جيدة