18 ديسمبر، 2024 10:11 م

المواطنة ممارسة حاكمة لتحقيق التوازن المجتمعي ..

المواطنة ممارسة حاكمة لتحقيق التوازن المجتمعي ..

المواطنة مفهوم تاريخي قديم  ارتبط بمفهوم  الدولة ما قبل الميلاد ولعدة قرون تعنى تجمع الافراد او السكان ثم تطور كمفهوم حديث قبل ٢٠٠ سنة عندما تشكلت الدول الحديثة في اوربا من اجل منع الاستبداد والتسلط ونشأت فكرة المواطن الذي يمتلك حقوقا غير قابلة للاعتداء وحقوقا سياسية تتعلق بالمشاركة في القرار السياسي وحقوقا جماعية ترتبط بالشؤون الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والمواطنة باعتبارها رابطة للتعايش السلمي تختلف عن الاخوة الدينية التي ترتبط بروابط معنوية فوق الزمان والمكان بينما المواطنة تشترط حدود المكان والعيش المشترك والتعايش ولم يتطور المفهوم الا بعد قيام الثورة الفرنسية عام ١٧٨٩ م  حيث ان الاسهام الفعلي في السلم والاستقرار السياسي جعل المواطنة مبدأ ثابت في ظل الدولة الديمقراطية وبذلك اصبحت آلية للحد من الصراعات الأثنية والطائفية والاجتماعية فهي قانونا يقتضي حقوقا معينة للذين يعيشون في الدولة التي تحمي مواطنيها بالقوانين التي تشرعها والمواطنة كشعور وانتماء وجداني هي انتماء الى دولة او أمة معينة ولا تعني بالضرورة ان جميع المواطنين يحملون الدرجة نفسها من الانتماء لوطنهم وهذا الجانب مهم جدا لترسيخ المواطنة وتعزيزه دائما بالمساواة وتكافئ الفرص  والمواطنة كنشاط وممارسة يركز على تنمية الاحساس بالمسؤولية بين المواطنين وهو عنصر اساسي في تربية المواطن عندما يتدنى الأهتمام بشؤون الوطن والالتزام بقيم المجتمع الديمقراطية كما ينبغي ان لا يفكر المواطن انه يعيش تحت الوصايا ومن هذا اجمعت دساتير العالم على ان لا تتعرض شخصية الافراد ووطنيتهم للشك طبقا لاصلهم او دينهم او لغتهم ولا يجوز اجبار المواطن للتخلي عن جنسيته او  سحبها منه دون رغبته وقد تعرض المواطنون بعد التغيير عام ٢٠٠٣ لسلسلة من الاحباطات تستلزم دراسة واقعية لتراجعها واعادة الاعتبار لوجودها الانساني عليه فالديمقراطية الصحيحة هي الضمانة الاكيدة لتعزيز روح المواطنة خصوصا في الدول حديثة التشكيل وتكون تابعة لتوجهات الحكومة من حيث تبعيتها واستقلاليتها للدول القوية وقد ضعفت روح المواطنة بسبب الفساد وتقوى عندما يشعر المواطنون حرص المسؤولين على مصلحة البلد وتطبيق القانون اكثر من حرصهم على البذخ وعلى مصالحهم الشخصية وهذا الشعور يؤثر في نفسبة المواطن بوجود حكومة تعمل على حمايته وتوفير العيش الكريم له وتوفير الحماية المجتمعية بما يضمن حياته وفق القوانبن الدستورية وان الحكومة تمثل جميع الاطياف وتعاملهم بصورة متساوية على معيار الحقوق والواجبات وان تعمل على تغيير شعور باطن الفرد بالكراهية وعدم قبول الآخر كونه لا يشاركه بالمذهب او المعتقد ومن اهم ما في ذلك دمج الوقفين السني والشيعي بوقف واحد  والوقوف ضد مبتدعي الفتن والذين يؤججون التفرقة  واثارة الكراهية وتعديل المناهج الدراسية ذات النفس الطائفي واعادة المهجرين الى مناطق سكناهم واعتماد نظام ديمقراطي يعزز روح المواطنة و يحقق للافراد الامان والحب والطمأنينة على حياتهم واسرهم  ومحبيهم واشاعة ثقافة التسامح والاخوة والانتماء واتاحة الفرص للقدرات العقلية والمواهب والعمل على وحدة العراق والابتعاد عن شبح الطائفبة يصب في صالح الامن والاستقرار وتحقيق التوازن المجتمعي وتحقيق المصالحة الوطنية وبناء دولة ديمقراطية متقدمة وحديثة واشعار المواطن ان علاقته بالدولة حيوية وايجابية وبذلك تتحقق المصالحة المجتمعية وتتجاوز العقبات التي تواجه تماسك المجتمع واعاقة انطلاقه الحيوي في شتى المجالات وهي الاسس الواقعية المهمة لنجاح مشىروع بناء الوطن وان يكون حق المواطنة الاساس في التعامل مع الدولة وليس الانتماء الى الدين والمذهب والقومية والعشيرة وقد دعت جميع المرجعيات الدينية الحكومة للدفاع عن الشعب خصوصا الفئات الاكثر تضررا وقد تضمن الدستور العراقي  لعام ٢٠٠٥ مواد ضامنة للحقوق والحريات والمساواة وتكافؤ الفرص بين العراقيين وتأسيس مجلس الخدمة العامة المادة ( ١٠٧ منه ) يتولى شؤون الوظيفة العامة كالتعيين والترقية وقد ضمنت الحكومة عام ٢٠١٤ وثيقة الاتفاق السياسي بين الكتل السياسية فقرة تؤكد ضرورة تحقيق التوازن بين المكونات في الوظائف العامة بوصفها من متطلبات المرحلة مشيرة الى تشريع قانون الهيئة العامة للتوازن وفق المادة ١٠٥ من الدستور وتشكيل لجنة وزارية لتحقيق التوازن الوظيفي في الدوائر الامنية والمدنية الا انه بعد اعتماد النهج المحاصصي في توزيع المناصب برزت تحديات امام مبدأ المساواة وتكافئ الفرص التي يضمنها الدستور كما تشمل المساواة ضرورة المساواة بين المرأة والرجل المكفولة دستوريا ونضال المرأة للحصول على فرص تتناسب وحجمها في المجتمع ومن الامور المعطلة الهامة اصدار قانون العفو العام القابع في ادراج البرلمان بعد  قرائته القراءة الاولى دون اكمال قرائته الثانية واقراره رغم التوافق السياسي عليه بين المكونات ووجود ضغطا شعبيا وسياسيا كبيرا للبت به رغم كونه قانونا متوازنا لا يشمل المجرمين والملطخة ايدبهم بدماء الابرياء واستثناء الارهاب من فقراته ولكنه مفيد لعدد كبير من السجناء الذين لم تحسم قضاياهم وتعرضوا لانواع التعذيب والابتزاز لتدوين  افاداتهم وهذا القانون لا يقل اهمية عن باقي التشريعات الديمقراطية التي تحقق العدالة والمساواة والتوازن المجتمعي لمكونات الشعب العراقي