21 أبريل، 2024 8:42 ص
Search
Close this search box.

الموازنة… تداعيات غير محسوبة

Facebook
Twitter
LinkedIn

يقترب موعد الانتخابات المؤمل اجرائها يوم 30 نيسان 2014، دون ان يقر مجلس النواب ميزانية هذا العام. وقد مر الآن ربع السنة المالية، فنحن في منتصف شهر اذار.  ويأتي التلكؤ في اقرار الميزانية على خلفية الازمة الحادة والمتعددة الصعد التي يشهدها النظام السياسي في بلادنا،  ونتيجة لها حيث تشهد العلاقات السياسية بين اطراف الحكم توتراً يقترب من القطيعة، وبات الصراع بين الحكومة الاتحادية وحكومة الإقليم في تصاعد مستمر، لا يمكن تصور مداه، حيث يتم تبادل التهديدات، واعلان مواقف غير مألوفة وغير متوقعه. ومن المؤكد ان هذه التهديدات تؤثر سلباً على المزاج الشعبي العام، وتزيد الاحتقان في اوساط الرأي العام.
 
من جهة اخرى تتبادل رئاسة مجلس النواب والحكومة الاتهامات في شأن اقرار الميزانية، حيث اصدر رئيس البرلمان بيانا قال فيه ان الحكومة قدمت الميزانية في 16/1/2014 اي بعد سبعين يوماً من الموعد المحدد بموجب الفقرة 2 من القسم 4 من الملحق أ من قانون الادارة المالية والدين العام رقم 94 لسنة 2004، ودون ان ترفق الحكومة بها الحسابات الختامية للسنة المالية المنتهية في 2013 خلافاً لأحكام المادة 62/اولاً من الدستور فهي متأخرة عن الموعد ثلاثة اشهر، فيما اجرت بعد ذلك ثلاثة تعديلات كان اخرها يوم  3/3/2014، أي بعد مائة وعشرين يوماً من الموعد المحدد، حسب البيان. من جانبه اتهم رئيس مجلس الوزراء مجلس النواب الفشل في اداء مهماته، معلنا في خطابه، يوم 27 شباط، أن مجلس الوزراء سيمضي بصرف اموال الموازنة العامة للعام الحالي 2014، حتى إذا لم يقرها مجلس النواب، ومؤكدا تقديمه طعنا إلى المحكمة الاتحادية بشأن عمل البرلمان.
ويبدو ان الاوجاع الناجمة عن لعبة عض الاصابع التي تلعبها الاطراف الحاكمة المتصارعة، لا تضيرها، فدافع ثمنها هو بسطاء الناس والمتقاعدون والارامل والايتام والملايين الستة من المواطنين الذين يعيشون تحت مستوى خط الفقر، حسب وزارة التخطيط. فليس هناك من دافع عن حقهم في ابواب الميزانية، حيث مخصصات القضايا الاجتماعية لا ترتقي الى الحد المقبول لمعالجة اثار الفقر وعوز الفئات المهمشة وحاجاتها الاساسية في العيش الكريم. وكأن التقاعد والرعاية الاجتماعية والبطاقة التموينية، هي التزامات ثقيلة على الميزانية التي يبلغ حجمها مئة وخمسة واربعين ملياراً وخمسمائة مليون دولار، حسب وزارة المالية.
بطبيعة الحال ليس حق الناس في العيش الكريم هو الدافع لصراع المتنفذين، انما تأمين المزيد من الامتيازات وما تدره السلطة من المال والنفوذ.
 
نترقب انعقاد جلسة البرلمان يوم 16 اذار، وما ستسفر عنه بعد ان وضعت الميزانية في جدول العمل، فهل تتم القراءة الاولى لمشروع قانونها، ام يبقى الخلاف والتمترس على حاله حتى  25 اذار موعد اطلاق الحملة الانتخابية وتعطيل عمل البرلمان؟ في هذه الحالة سينتهي عمل البرلمان دون اقرار الميزانية لهذا العام. واذا حسبنا لاحقا المدة التي ستستغرقها عملية اعلان نتائج الانتخابات، ثم الصراع الذي سينشب حول تشكيل الحكومة الجديدة، ليمتد الى اشهر كما جرت العادة، وكما هو المتوقع، فان هذا سيؤثر بطبيعة الحال على اقرار ميزانية عام 2015 كذلك.  ولكم ان تتصوروا حجم التلاعب بمصير البلد من قبل المتنفذين الذين اتت بهم المحاصصة الطائفية، وهي اساس بناء النظام السياسي، وقد انتجت نظام حكم مأزوم يلقي بتداعياته المدمرة على مستقبل العراق.
 
لا مخرج من هذه الازمة الا باعادة بناء العملية السياسية على اساس المواطنة. وهذا ممكن فقط عبر المشروع المدني الديمقراطي العابر للطوائف، المشروع الذي يحقق التنمية المستدامة ويؤمن العيش الكريم للمواطنين.

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب