23 ديسمبر، 2024 6:06 م

المواءمات المصرية الأمريكية لإعادة النظام بالشرق الأوسط

المواءمات المصرية الأمريكية لإعادة النظام بالشرق الأوسط

حملت الزيارة الرئاسية المصرية الأولى للولايات المتحدة بعد إنقطاع دام لأكثر من ثمانى سنوات وتحديدا منذ عام 2009؛ العديد من المآلات فضلا عن الأطروحات والطموحات والملفات الإقليمية المشتركة الباعثة نحو توحيد النظرة الثنائية حول خارطة الشرق الأوسط وذلك عقب حالة من التوتر فى العلاقات تخللت فترة الرئيس الأسبق باراك أوباما التى مارست ضغوطا في قضايا حقوق الإنسان وخاصة ملف جماعة الإخوان المسلمين.
إعادة صياغة العلاقات الثنائية :
سعى الرئيس السيسى فى زيارتة التاريخية لواشنطن لإعادة هيكلة أسس العلاقات المصرية الأمريكية نحو العديد من الملفات ذات الأهمية الإستراتيجية والأمنية إقليميا ودوليا. حيث يأتى على رأسها ملف الإرهاب وقضايا الإستقرار فى الشرق الأوسط وما يرتبط به من استئناف مفاوضات السلام الفلسطينى الاسرائيلى، فضلا عن ملفى الأزمة السورية والحالة الليبية واليمنية. حيث تركزت الزيارة على خمس محاور رئيسية عكسها تشكيل الوفد الحكومي المرافق للرئيس السيسى؛من خلال :
• المحور الأول : التعريف بمصر فيما بعد 30 يونيو والتحديات التى تواجهها وأجندتها الخارجية للتعامل مع الأزمات الأقتصادية وفى مقدمتها اتفاق صندوق النقد الدولى.
• المحور الثاني: التواصل مع الكونجرس وما يستند إليه ذلك التواصل من تعميق العلاقات الإقتصادية المصرية الأمريكية.
• المحور الثالث: تنمية الأواصل مع مجتمع رجال الأعمال الأمريكي، وذلك من خلال المكاتب التجارية المصرية فى الولايات المتحدة الأمريكية؛ وجهودهم الحثيثة بنقل صورة مطمئنة عن السوق المصرية وشبكة الإستثمارات المتاحة.
• المحور الرابع : تمثل ذلك فى المظلة الإعلامية ودورها نحو تقديم رؤية مصرية واضحة للرأى العام الأمريكى؛ وهو ما ظهر فى العديد من اللقاءات الإعلامية التى نظمتها شبكة فوكس نيوز الأمريكية وغيرها.
• المحور الخامس: ما يتعلق بأجندة المقابلات مع مختلف الشخصيات المؤثرة داخل المجتمع الأمريكى؛ لخلق ما يُشبة بـ “لوبى مصرى” بالداخل الأمريكى يدعم ويعزز الرؤى المصرية بمرحلة ما بعد 30 يونيو.
قضايا محورية مثارة :
على الرغم من إتفاق الطرفان المصرى والأمريكى على تجنب الحديث العلنى عن ملف حقوق الإنسان والتركيز على الملفات الأمنية والإستراتيجية؛ إلا ان هناك قضايا محورية مثارة على المستوى الإعلامى؛وبشكل ضمنى وفقا لمحركات إقليمية ودولية؛ منها:
– ملف جماعة الإخوان المسلمين: فمن ضمن الملفات التى تُركت للنقاش بالغرف المغلقة كان ذلك الملف؛ فقد سعى الوفد المصرى للتواصل مع نواب الكونجرس، وخاصة الداعمين لمشروع القانون الذي تقدم به النائب الجمهوري “تيد كروز” وآخرون لتصنيف الإخوان جماعة إرهابية، وكذلك لجعل إدراج الإخوان على لائحة الإرهاب قضية محورية للعالم وليس لمصر وحدها. مقابل التحركات المضادة للجماعة والتى تمثلت فى (مذكرة الدفاع عن الجماعة) والتى تنفى من خلالها إنتهاج الجماعة لأى ممارسات الإرهابية.

– ملف التوطين الفلسطينى فى فلسطين: عاودت القضية للظهورعند الإعلان عن زيارة عاهل الاردن لأمريكا بوقت زيارة الرئيس السيسى وإحتمالية زيارة أبو مازن لواشنطن خلال هذا الشهر؛ مقابل ما أثير من تسريبات لمؤتمر العقبة السري عام 2016 بمشاركة وزير الخارجية جون كيرى وما إنتهى بدورة من التنصل المتبادل حول حقيقة ذلك المؤتمر وما نتج عنها من إشكالية “حل الدولتين” وطرح “إعادة التوطين”.
وعلى الرغم من الرفض المصرى الرسمى لطرح “التوطين بسيناء”؛ إلا أن هناك عوامل مهمة يجب أخذها بعين الاهتمام – فى ظل تلك الزيارة المصرية- أبرزها العلاقة المتميزة بين الجانب المصرى والجانب الإسرائيلي والذى ظهر فى خطاب السيسى بـ ” السلام الدافئ” ؛كما أن هشاشة الوضع السياسي في مصر وتفكك القوى المدنية وغياب المعارضة الفاعلة، فضلا عن الأزمة الاقتصادية المتصاعدة في مصر، وحاجة النظام المصري الماسة للدعم الأمريكي والغربي لمواجهة مشاكله السياسية والاقتصادية والأمنية؛ ترجحان جميعا فرضية سهولة وضع النظام تحت الضغط في سبيل البقاء وفق الحسابات الإسرائيلية الأمريكية.

رسائل مشتركة للرأى العام :
عززت الزيارة فى مجملها عدد من الرسائل المتبادلة ما بين الجانبين؛ أخذ أغلبها الجانب الإقتصادى الأمنى وما تعلق بالمعونة العسكرية الأمريكية فى ظل التغير الأمريكى نحو البراجماتية عوضا عن السياسات الحقوقية؛ لتترجم رسائلها على نحو التالى:
1. تعزيز التعاون المشترك فى مجال مكافحة الإرهاب، وهو ما ظهر فى تصريح ترامب للرئيس السيسي:”سنقاتل الإرهاب سويا وسنكون أصدقاء لفترة طويلة”، فيما رد السيسي قائلاً: “بكل قوة ووضوح اعتبرنى أنا ومصر بجانبك فى تنفيذ استراتيجية مواجهة الإرهاب والقضاء عليه”.
2. تصريح ترامب (سنتعاون مع مصر لأعلى مستوى.. وسيكون هذا أكبر من أى وقت مضى، وهذا ما نحتاجه وأقول للسيسى لديك صديق كبير فى الولايات المتحدة الأمريكية)، بما عكس نجاح الهدف الإقتصادى والسياسى والعسكرى من الزيارة المصرية.