18 ديسمبر، 2024 4:42 م

المهندس صانع الحياة

المهندس صانع الحياة

كثيرون يظنون خطأ ان المعلم -بمراتبه الثلاث- هو العنصر الأهم في دورة المجتمع السليم والمتحضر وانا قد ارى مثل مايرون لأنه ينقل المعارف لتتوارثها الأجيال وتطورها وتزيد عليها وإلا لضاع الإرث العلمي والأدبي وحصلت فجوة تعيد الأمم الى الوراء ، وكثيرون يرون ان الطبيب هو العنصر الأهم في إدامة حياة المجتمعات الفيزيائية وأنا أرى مثلهم لأنه يؤمن صحة الأصحاء من المنتجين ويداوي الأسقام ليدعم العاملين والمعلمين ولولاه لانشغل المجتمع بامراضه وقعد عن تنشئة نفسه وتطويرها ،
وآخرون ينسبون الأهمية الكبرى للمشرعين الحقوقيين الذين ينظمون حياة الناس ويضبطون ايقاعها دون ان ياكل بعضهم بعضا او المحاسبين او علماء الدين وغير ذلك من شرائح اجتماعية لا شك أن لكل منها اهميتها ودورها الذي لايمكن تعويضه ، ولكني أرى غير ذلك تماما فيما يخص العنصر الأهم ، أجده شخصا غير اولئك جميعا إنه المهندس ،
منذ أن صار للهندسة شكل اولي بعد التاريخ يتمثل بالنظر في أصول الأشياء وتركيبها على أسس و مبادئ علمية وبدأ تطبيقها في في التصميم والتنفيذ سواء في المنشآت او الهياكل أو الآلات والاختراعات والأدوات والأنظمة والعمليات وجميع العناصر المطلوبة للوصول إلى هدف معين من الإنجاز او الإضافة او الإبداع ، ومنذ البدء بتسخير الموارد الطبيعية لخدمة الإنسان وتطبيق المبادئ العلمية والتجارب الحياتية لتحسين الأشياء التي نستعملها أو المنشآت التي نعيش فيها ، وهو المعنى التقريبي للهندسة التي لايمكن أن يحدها تعريف موجز ،
أقول منذ ذلك الوقت -تاريخيا- والى اليوم المهندس هو صاحب الدور الأبرز والأهم في الحياة الدنيوية وإن غفلنا عنه لسبب غريب وهو إننا أساسا نعيش معه وفيه ،فبيوتنا التي نسكن انشأها المهندس ، والمعلم الذي بدانا به قد تطور من معلم بسيط يكتب لتلاميذه على الطين ويجمعهم في العراء الى معلم عظيم التأثير بمساعدة الوسائل التي اخترعها المهندس وصنعتها الهندسة والبنايات والخدمات اللوجستية التي هيأتها فبفضل المهندس كبرت المدارس وتوسعت الجامعات ولولا ذلك ماوصلنا الى مانحن فيه من العلم ،
والطبيب تحول من رجل دوار يجمع صنعتين احدهما الحلاقة والاخرى الطب او احدهما الشعوذة والاخرى الطب ، ثم من رجل يكتب في الطب قراطيسا ويشخص الامراض والعلل ولايعرف كيف يصل الى جراحتها او مداواتها الى طبيب منقذ لحياة الانسان في أصعب امراضها وذاك بفضل المهندس الذي صنع له ادوات الجراحة والأجهزة التقنية والأبنية الصحية وبنى له المختبرات التجريبية والكليات الطبية فصار باحسن هيئة وافضل اداء ،
ومثل ذلك المحاسب الذي يدير اقتصاد الناس فإن المهندس هيأ له اجهزة الحساب واخترع له الحاسبات وسبل الإحصاء ثم الكومبيوترات وتطبيق الرياضيات ،
وعالم الفلك مثل ذلك فلولا المهندس لبقي يتأمل في النجوم ولايحلم برؤيتها فضلا عن الوصول اليها ، لكن المهندس صنع له التلسكوبات والصواريخ والمركبات ، وكذلك الصيدلاني والمزارع والبناء والصناعي وحتى الفنانين والمبدعين بنسبة ما ،
الكل يدين للمهندس بتطويره ودعمه وتسهيل مهمته وإعلاء شان مهنته وتطوير مناحي الحياة ، فالمهندس إذن هو الرجل الحقيقي الذي يمكن ان نطلق عليه صانع الحياة .
فكل عام والمهندسون بخير لمناسبة يومهم 5/25