تحوم حول التيار الصدري أو أتباع مقتدى بمعنى أدق الكثير من التساؤلات الموضوعية التي تكشف عن ثمة تناقض وشبهات تكتنف هذا التيار وزعيمه، ولعل من أبرز تلك التساؤلات هو أنه كيف تسنى لشاب مثل مقتدى أن يقود هذا الجموع المليونية وهو لا يمتلك مؤهلات القيادة الشرعية وفقاً لأدبيات الشيعة الذين يعتقدون أن القيادة وطاعة الأمر منحصرة فقط بالمرجع ومقتدى ليس بمجتهد ولا مرجع فما الذي يمتلكه حتى يستقطب هذا الكم الجماهيري وبالصورة التي نشاهدها، فهو لا يمتلك عصا موسى ولا الفانوس السحري ، ولربما يقول قائل أن مقتدى ورث هذه الجماهير من تركة أبيه، وهذا الكلام وإن كان فيه نوع من الصحة إلا أنه لا يصمد أمام تركة والده العلمية التي تنص على أن المرجع هو من ينبغي أن تكون له القيادة ، وعلى هذا القول يقع مقتدى وتياره في مواجهة صارخة ومخالفة واضحة لأدبيات والده ، أضف إلى ذلك أنه توجد لدينا نماذج أخرى ورثت من أبائها تركة جماهيرية إلا أنها سرعان ما تلاشت ، إذن يبقى السؤال قائماً، لكن الإجابة عليه ليست مستحيلة بعد الدخول قي مقدمة ، وهي أن ثمة أيدولوجيا تسيطر على تفكير التيار الصدري ومقتدى نفسه كانت قد نشأت وترعرعت في زمن والده (الصدر الأب) تدور حول قضية المهدي وشخصيته وغيبته وحركته وظهوره وفق المنظور الشيعي ، والتي تناولها محمد الصدر في موسوعته ، ومنها بدأت الأطروحات تطبق على بعض الشخصيات وأولها هو نفس والد مقتدى حيث اعتقد به الكثير من أتباعه وخاصة المقربين منه أصحاب السلوك والعرفان المنحرف حسب ما صرح به الصدر الأب في خطبة الجمعة ، يعتقدون على أنه المهدي الموعود لكن وفاته كانت كفيلة في إبطال تلك الأطروحة ، وبعدها بدأ مكتب الصدر بقيادة مقتدى يتصدر الفتاوى والأفكار التي تنبثق بصورة مبطنة من الفكرة المهدوية ذاتها وإن المهدي ممكن أن يكون قائد شعبي يتحرك بشخصية ثانوية وهو ما يسمى عندهم بأطروحة خفاء العنوان وفقاً لموسوعة الصدر الأب، تزامنت معها شبهة أن تقليد الصدر باقي لمدة أربعين سنة وهذه أولى المخدرات التي تم تسويقها وهي أيضا تمثل ضربة قاصمة لفكرة تقليد المرجع وان القيادة للمرجع ، لأنه لا حاجة إلى المرجع مع جواز وبقاء تقليد الصدر الأب لأربعين سنة ، بل أن مقتدى ذهب إلى أبعد من ذلك حينما قال وفي جوابه على استفتاء مرفوع إليه أن تقليد الوالد سار المفعول إلى الظهور ، وهذا أيضا كان الممهد الرئيسي لقبول فكرة أن مقتدى هو المهدي، ثم بدأ التركيز على قضية المهدي واستغلال بعض الروايات لتطبيقها على القائد مقتدى ومنها كونه شاباً وليس له بيعة في عنقه في إشارة إلى أن مقتدى كونه لم يحصل على وكالة من أي مرجع لأنه لا يحتاج لها على اعتبار أنه هو المهدي في عقلية أتباعه الذين صرحوا بها جهاراً ثم جاء تأسيس جيش المهدي الذي يقوده مقتدى ليكون حلقة من حلقات ترسيخ مهدوية مقتدى في الأذهان، ومما يصب في نفس القضية هو أنك حين تأتي على ذكر مواقف مقتدى التي لا تنسجم مع الدين يأتيك التبرير أن المهدي يأتي بدين جديد ، وهذه هي أخطر ذريعة يستخدمونها لتبرير مواقف مقتدى فهي تمنحهم العقيدة التامة للتسليم له والإنقياد الأعمى الذي نشاهده ، وأختتم بجواب له على استفتاء يتعلق إتخاذ المهدي جانب العزلة تجاه مطاردة الحكومات الكافرة حيث كان جوابه بالإثبات، وهو نفس التكليف الذي تقمصه مقتدى لكي يوحي إلى أتباعه أنه المهدي ، وغيرها من الأطروحات والقضايا التي يطول المقام بذكرها…