تلقى محافظ البصرة ” ماجد النصراوي ” تهديداً بالغ الخطورة، اذ هُدّد بالقتل …
وهنا يثور سؤالان :
الأول : من الذي هدّده ؟
والثاني : ماهو سبب التهديد ؟
وقد أجاب النصراوي عن السؤالين
أما الذي هدّده بالقتل فهو (احد المسؤولين الكبار في الدولة العراقية)
وقال :
(ولا أريد الاشارة الى أسمه)
وأما عن السبب ، فهو :
( الكشف عن فسادٍ في أحد المشاريع)
لقد جاء التهديد بصيغة حادّةٍ جادة :
( سأقطع رأسك اذا كشفت الفساد )
يقول النصراوي :
( أنني أجبتُه برفض التهديد ،
ولم أخَفْ من ذلك ،
وسأستمر في كشف جميع المفسدين ، وفي أي مكان كان المسؤول)
اننا اليوم أمام منعطف خطير في ملّف كشف الفساد والمفسدين :
حيث لم يسبق ان تصدّى مسؤول كبير في الدولة لحماية الفساد والمفسدين بهذه الدرجة من الوقاحة، والتجاوز لكل الخطوط الحمراء، الشرعية منها والقانونية ، ناهيك عن المفارقة الأخلاقية ، الكبرى التي يندى لها الجبين ..!!
والخطورة البالغة تتجلّى في أنَّ المسؤول الكبير، الذي يجب ان يستفرغ وسعه في كشف الفساد والفاسدين، يتحوّل الى زعيم من زعماء عصابات التهديد بقطع الرؤوس ، وارتكاب الفظاعات المنكرة….
ان التحول من منعطف (الدولة) الى منطق (الغابة) يعتبر الأسوء بكل المعايير السماوية والأرضية …
ان هذا الخبر المثير ، حين يُنشر في الصحافة ،ويتم تداوله بكثافة ، بين ابناء الوطن في الداخل ، والمعنيين بالشأن العراقي في الداخل والخارج ، تتجه الأنظار نحو الخطوات والاجراءات التي ستتخذها الحكومة ازاء هذا التحدي الخطير السافر .
واذا كان لابُدَّ من تذكير ، فاننا نذّكر بوجوب التصدي السريع لمثل هذا التحدي الفظيع ، بكل ما ينطوي عليه من دلالات مرعبة
ومؤشرات شديدة السلبية، على كل الصعد والمستويات …
انّ التهديد لم يصدر من مجرم محترف، ينتمي الى احدى (المافيات)، وانما صدر على حد تعبير محافظ البصرة من (أحد المسؤولين الكبار في الدولة العراقية)
فكيف يبقى هذا المسؤول بتحدياته الغريبة ، وتصرفاته المريبة، في موقع المسؤولية العليا عن البلد ، وحماية النظام فيه ؟!!
ان الخبر يحمل في طياته كمّاً هائلاً من الشجون …
فالمهّدِّد (وهو احد المسؤولين الكبار في الدولة) يعترف ضمناً بوجود الفساد الكبير ، والاّ فما معنى التهديد بكشفه ؟
وان علمه بالفساد وسكوته عنه، يعتبر خيانة وطنية كبرى، فكيف يكون الحال اذن مع رفضه المطلق لكشف هذا الفساد وازالة آثاره؟!!
ومن الخطأ بمكان ان تحجّم القضية ، وتُوضع باطار مشكلة خاصة حصلت بين محافظ البصرة واحد كبار المسؤولين في الدولة ..
انها ليست قضية شخصية ، وإنْ تضمنت بُعداً شخصياً تمثل بتهديد المحافظ بالقتل …
انها نكبة ومصيبة، تنسحب آثارها على المواطنين جميعاً ، فَمِثْلُ هذا المسؤول المنتهك للحُرمات – حرمة المال العام ، وحرمة الحرص على الصالح العام ، وحرية الحفاظ على الحقوق والكرامات ،
لايسوغ ان يبقى بعيداً عن المساءلة الصارمة ، التي لاتكون باقالته من المنصب فقط ، بل باحالته الى القضاء لينال جزاءه دون هواده ، وبلا إبطاء .