9 أبريل، 2024 1:53 ص
Search
Close this search box.

المنظومة الدفاعية وبعد النظر

Facebook
Twitter
LinkedIn

منذ بدء الحراك الفعلي في العراق بعد سقوط صدام والحكومات المتعاقبه تحاول بناء منظومة دفاعية تعيد بعض الهيبة للعراق الذي اصبح مستباحا من كل دول جواره الاقليمي, هذه المنظومة – بناء على فلسفة الدستور العراقي الجديد – يجب ان تكون كافية لردع اي عدوان محتمل وفي نفس الوقت لا تشكل تهديدا لدول الجوار التي عانى معضمها من مغامرات صدام الطائشة اي كما تجري المقولة الشهيره “تكلم بنعومة واحمل عصا غليضة”.
كما يعلم جميع المراقبين للشأن العراقي فإن هذه المحاولات الخجوله تاثرت جدا بنقطتين مهمتين :
أولا. الجهل المطبق الذي يعشعش في وزارة الدفاع ولا اقول هذا انتقاصا من القادة الذين يتولون المسؤلية حاليا في الوزارة ولكن وللاسف هذا واقع الحال, وإلا فقل لي بربك في هذا العصر الذي يحكمه الكمبيوتر كيف يكون اكثر من 85-90% من القادة الحاليين جاهلين بابسط استعمالاته. وعلى فرض انهم خبراء في مجالات اختصاصهم مثل الاتصالات او منظومات الدفاع الجوي او الصواريخ وما الى ذلك فإن اخر مرة قاموا باستعمال او الاشراف على تطوير احدى هذه المنظومات كانت قبل 1990 فمن منا يتذكر كتابا قرأه او عملا قام به قبل اكثر من عشرين عاما ولايزل يعتبر “خبيرا” فيه من دون الاستمرارية والممارسة والاطلاع على ما توصل اليه العلم الحديث في ذلك المجال.
ثانيا. الفساد المستشري في الوزارة وكافة مفاصل الدولة العراقية, وهناك شواهد عدة على هذا الفساد لا تتسع لها هذه المقالة.
ان من اهم العوامل التي ستساعد على عودة الاستقرار للعراق هي العمل على اعادة التوازن الاستراتيجي للمنطقة من خلال بناء منظومة دفاعية متكاملة تجعل الجميع يفكر طويلا في العواقب قبل ان يتدخل في الشأن العراقي, ولكن بناء مثل هذه المنظومة يتطلب رجالا اذكياء ومطلعين على طرق بناء مثل هذه المنظومات بالاضافة مبلغ طائلة و زمن طويل. ان العراق لو باشر بهذه العملية اليوم وبطرق علمية فان الزمن المتوقع لبوادر او ثمار مثل هذا البناء لا يقل عن 7-10 سنوات.
ومع كل ما سبق لاينكر ان هناك خطوات اولية جيدة – من اهمها القرار بالاعتماد على F-16 كعمود فقري للقوة الجوية – ولكن مثل هذه القرارات تتطلب وقتا لتدريب الطيارين وفنيي الصيانة وما الى ذلك, ومن نظرة الى بداية الحديث عن هذه الطائرات عام 2008 الى ان تدخل اولى الطائرات في الخدمة – متوقعة عام 2014-  يعطينا فكرة عن الزمن الذي يستغرقه بناء مثل هذه القدرات.
ولكن وللاسف قرأت مقالا اليوم عن سفر وزير الدفاع الى روسيا لمدة ثلاث اسابيع “للتعاقد على منظومة دفاع جوي!”  وكذلك فإن “الوفد سيشترط سرعة تسليم الاسلحة مقابل الاسعار العالية التي قدمتها موسكو”, لا اريد ان اكون متسرعا في حكمي ولكن من معلوماتي المتواضعه فإن منظومة الدفاع الجوي تعتبر من اعقد المنظومات التي تجمع بين الاتصالات والرادارات – الطويلة والقصيرة المدى-  والصواريخ الثابته والمتحركة والمضادات الارضية في تجانس وتناغم يغطي الطبيعة الجغرافية والجيوبوليتيكة لبلد معين.
ان اعداد التصاميم لبناء مثل هذه المنظومة من الصفر يتطلب فريقا من الخبراء في المجالات السابقة ومسوحات جغرافية وقرارات سياسية شائكة لكي يتم بنائها بطريقة صحيحة لتحقيق “سيادة العراق على سمائه”, وعلى فرض ان الروس لديهم كل هذه المعلومات وان الوفد العراقي ذهب الى روسيا متسلحا باجابات لكل الاسئلة التي قد يطرحها الخبراء المختصين بمثل هذه المنظومة وان العراق اشترى هذه المنظومة في ثلاثة اسابيع وتم ارسالها ونشرها في العراق خلال شهرين اخرين فمن سيقوم بتشغيل وادارة وصيانة مثل هذه المنظومة المعقدة؟
وان كان الوفد العراقي الموقر سيشتري نفس المنظومات التي كانت لدى صدام وان “لدينا ضباط ومراتب على خبرة كبيرة بادارة و صيانة مثل هذه المنظومات” فقل لي بربك هل نفعت هذه المنظومات صدام في حروبه السابقة؟ ان ما سيحدث هو شراء منظومات متهالكة اكل الدهر عليها وشرب ولن توفر اية ضمانات لامن البلد والغرض الوحيد من مثل هذه الصفقات هو صرف مبالغ طائلة – ولا اريد ان اقول قبض عمولات لاني لا اعلم عن هذا – والنتيجة النهائية ستكون فضائح مثل سابقاتها من بولندا وصربيا واوكرانيا.
يا قادة العراق اتقو الله في اموال هذا الشعب فإنكم مؤتمنون عليها, ولا تتخذو قراراتكم الطويلة الامد بناء على معطيات انية قد تتغير سريعا. 
مع فائق تقديري واحترامي للجميع
[email protected]

مقالات اخري للكاتب

أخر الاخبار

كتابات الثقافية

عطر الكتب