26 نوفمبر، 2024 12:29 م
Search
Close this search box.

المنظور الدعوي للمراجعة والتقييم/1

المنظور الدعوي للمراجعة والتقييم/1

ليس من قبيل المصادفة أن يكون إهتمام الباحثين والمثقفين الإسلاميين في هذه المرحلة منصباً وبشكل واضح على المراجعة والتقييم كركيزة منطقية بالغة الإهمية لعميلة التحديث العقلاني للأساليب والأفكار والرؤى التي تخص المنهاج العملي الدعوي الذي يعتمد الصراحة والمراجعة والدقة والموضوعيّة (قـُل هذا سبيلي أدعُو إلى الله على بَصيرةٍ أنا ومن اتـَّبعني ) فالدعوة إلى الله تتسامى في نزاهتها وديموميتها وتتجاوز المنافع والمطامع الشخصية ومضت على طريق الحق والعدل والعمل من أجل الناس وفي سبيل الله تعالى , مما يحمـِّـل الدعاة مسؤولية أكبر في ملاحقة ومتابعة التقييم والمراجعة , بعد هذا التطور المهول والمذهل في عالم الإتصالات والتواصل الذي اختصر العالم كله في جغرافية المكان والزمان , ومضافاً إليه سقوط الطاغية في 2003 وأجواء التحولات والتغييرات في المنطقة العربية والاسلامية , كل هذه التطورات تستوجب أن يكون المنظور الدعوي لمفهوم التغيير والمراجعة جديداً واستراتيجيا لضمان التناسب عمودياً وافقياً مع المنحنى التصاعدي لقيمة المراجعة والتقيم وبشكلهما التام والكامل , ما دامت هذا العملية تجري ضمن نطاق وسياق المناقشات والحورات وما يدور من حراك ثقافي في مجتمعنا العراقي الجديد , على الرغم مما يحيط به وببلدنا من مخاطر ومؤامراتٍ وإرهابٍ أسود , فالعراق الجديد لا يمكن أن يستسلم للذل ولا يرضى بالهوان ولا يستكين لليأس .

سمات المرحلة ودور المراجعة والتقييم :

لايمكن الحديث عن سمات المرحلة الحالية دون المرور وبشكل خاطف وسريع على الفترة الماضية وما حملته من تناقضات وفساد استشرى في كل اتجاه وعلى كافة الأصعدة, مما كان له تأثيراته السلبية الواضحة على المرحلة الحالية على الرغم من الجهود الكبيرة المبذولة والسعي الحكومي الحالي في مكافحة الفساد والترهل المستشري في ادارات الدولة , والكشف عن الصفقات الوهمية و التلاعب و المتلاعبين في قوت الشعب , كل هذه الاجراءات تعتبر من أهم سمات المرحلة الحالية وما كان لها أن تكون لولا الدور الفعال والايجابي للمراجعة والتقييم , على الرغم من المعوقات الكثير التي تواجهها الحكومة الحالية , ومع كل هذا فأن الدعوة الاسلامية المباركة ومنذ سقوط الصنم وما قبل وما بعد 2003 تعمل وبشكل كبير مع كافة القوى الخيرة العراقية على ان يكون نظام الحكم في العراق نطاماً برلمانيا تعدديا واتحاديا لامركزيا حيث اُتيحت الفرصة كاملة لكافة المحافظات العراقية للإنتخاب مجالسها المحليه والقادرة على ادارة شؤونها العامة وأنشأوا دساتيرهم المحلية المعتبرة , وهذا النموذج الإدري كما اعتقد فإن له الدوره الفعال في تهيأت الذهنية العراقية لقبول الأفكار التي ينطوي تحت جناحها تطور المفاهيم والأراء والأفكار حول الدولة والمجتمع والإنسان , والإبتعاد كلياً عن الدكتاتورية وحكم الفرد والحزب الحاكم , وكم كانت الخطى حثيثة على أن يكون ذلك كله من خلال المشاركة والتعاون والتوافق بين كل المكونات العراقية , وهذا يعتبر بديلا عمليا وثقافيا تتسع فيه مساحة الحرية والتعايش وتضيق فيه اساليب التعسف والظلم والاضطهاد , ويُعطي فيه الدور الفعال لمؤسسات المجتمع المدني لتمارس دورها الحقيقي في المراقبة والمحاسبة لكل ما يجري في الدولة والحكومة , وتجدر الاشارة هنا إلى ان هذه العملية ما زالت في مراحلها الابتدائية وتقع تحت مؤثرات العادات الاجتماعية والتراكمات السلوكية وتخضع الى النسبية في الفهم و الوعي , والدعاة الاسلاميون العاملون ضمن تركيبة مجتمعنا العراقي يسيرون في جميع خطواتهم وآمالهم وأعمالهم على هدى الاسلام الحنيف , وأن جلَّ ما يسعون إليه صيرورة الكفاءة

والثقافة كقوتين دافعتين بإتجاه حركة تطور المجتمع العراقي من خلال آليات المراجعة والتقييم , لضمان كل التطلعات التي يسعى ويكدح اليها مجتمعنا العراقي , من أجل العزة والكرامة والخير والعدل ورضى الله تعالى .

وللموضوع تكملة في الحلقة القادمة أن شاء الله

وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين .

أحدث المقالات