عندما تتشكل المنظمات المختلفة من الطبيعي ان يكون من اهم اهدافها هو التنظيم والتنمية والتعاون على اختلاف أشكاله بين الأعضاء وتوطيد الصلات بينها و تشجيع تبادل وجهات النظر والأفكار والخبرات والدراسات والبحوث في ميدان الرقابية بين الأجهزة الأعضاء والعمل على رفع مستوى التقارب بين الاعضاء او المنتمين لهذه المنظمة او تلك والتطابق مع رؤية وأهداف المنظمة بالمشاركة الفعالة والتواصل الجيد ، بتوفير المستلزمات الضرورية لتوثيق الترابط الجمعي وتعزيزها، بتوفير الدعم الأساسي والحماية للاعضاء، والدعوة لتغيير السياسات بقيام القيادات العليا في مراكز هذه المنظمات على تحقيق الأهداف المطلوبة ، وتوجيه الانشطة وتقويم الجهود ، والعمل على استحكام الهيكل التنظيمي للمنظمة بما يحقق الأهداف المطلوبة وإعداد القوى البشرية لخدمتها في تحقيق أهداف استراتيجيتها.
بعد زوال نظام صدام حسين الشمولي في عام 2003 والحرية النسبية والديمقراطية في الأجواء التي تسود العراق الحالي انبثقت وتأسست الكثير من تلك المنظمات و هي ساهمت في فسح المجال لنشاطات متنوعة منها الإنسانية والاجتماعية والثقافية والسياسية وهكذا من المنظمات حكومية وغير الحكومية في جميع أنحاء العراق بمسميات مختلفة ولأسباب مختلفة ، ولعبت المنظمات الدولية والدول المختلفة حسب سياستها دورا محوريا في مؤازرة وتمويل لتلك المنظمات حسب مصالحها، ولا يخفى على أحد هذا الدور المساعدة لإعداد كبيرة من المنظمات تمثلت بالتدريب وإعداد كوادر المنظمات في دورات داخل وخارج البلد وتمويل البرامج والأنشطة التي ساهمت بشكل ملحوظ في وقوف هذه المنظمات على اقدامها وساهم بشكل كبير في نموها وانتشارها. ومن ثم، استطاعت البعض من هذه المنظمات غير الحكومية أن تقدم خدمات مهمة للبلاد تضمنت تقديم المساعدات لضحايا الحرب وأعمال العنف وتوفير الدعم القانوني للفئات المهمشة ونشر ودعم مبادئ السلام والتعايش السلمي والدفاع عن حقوق الإنسان ومكافحة الفساد ومراقبة الانتخابات وغيرها من القضايا المهمة الكثيرة و بشكل أساسي كان عليها في تعزيز جهود الحوكمة بالنسبة للمنظمات الحكومية والدعم المجتمعي بتخصص صندوق يخصص من ميزانية الدولة لدعم مشاريع المجتمع المدني التي تتماشى مع خطط التنمية في البلد بآليات دعم شفافة وعادلة تعتمد على المنافسة والتي في الواقع فشلت في اداء تلك المهمة واصبحت جلها عبئ كبير على ميزانية الدولة دون تقديم اي جهود وسادها الفساد .
وهيمنت على تلك المنظمات الأفراد الطامعة و الباحثة عن المال وتابعين الى حياتها أيا كان مصدره ولايهمّ من ايّ مصدرٍ مموّل بالأهمية في قدَره ومقدارهِ وكمّهِ ومجموعة من الانتهازيين الذين جلّ دأبهم الوصول الى المال والجاه والحظوة من المتصيدين للمناصب وتبوّؤا مراكز مرموقة في منظمات المجتمع المدني طمعا في الاكتناز على حساب الفقراء والمعوزين والمقعدين والمرضى والمصابين بعاهات مستديمة ليملأوا جيوبهم و أرصدتهم من مساعدات الدول والأنظمة التي تكن لتاريخ للعراق واهله العداء، وللحقيقة لم تكن ولادة منظمات المجتمع المدني ولادة طبيعية وسهلة رغم تاريخ نشأة هذه المنظمات الذي يعود لبدايات القرن الماضي فقد شهدت الفترة التي أعقبت احداث عام 2003 تأسيس المئات من منظمات المجتمع المدني في عموم العراق مع عدم فعالية بعضها ومتعثرة نظرا لتعثر التوجه الديمقراطي في بلادنا باعتبارها وليدة قبل أوانها تماما كما نقول عنها انها غير كاملة القوام لم تَنمُ بعد وتحتاج الى رعاية خاصة وعناية مشددة لتنمو وتزدهر .
لا ننكر ايضا لقد استطاعت العديد تلك المنظمات في تقديم خدمات جيدة وخلال فترة زمنية قصيرة و لعب أدوارا مهمة وأساسية شملت تقديم المساعدات الإنسانية لضحايا الحرب واعمال العنف وتوفير الدعم القانوني للفئات المهمشة و المستضعفة ونشر وترسيخ مبادئ السلام والتعايش السلمي وثقافة حقوق الإنسان والمساواة في النوع الاجتماعي ومكافحة الفساد ومراقبة عمل مجلس النواب وانتخاباتها ومجالس المحافظات وغيرها من الامور ، لكن رغم هذه الأدوار المهمة واجهت العديد من منظمات المجتمع المدني العراقي الكثير من المشاكل والتحديات والمصاعب والمحاربة نتيجة للوضع السياسي والأمني الذي مر بالبلاد وانحسار مصادر التمويل النزيه الذي يشكل عصب الحياة لهذه المنظمات والفساد المالي الذي نخر مصداقية بعضها مما عطل الكثير منهم العمل او وقعت في احضان خبيثة كانت جادة في خراب الأوضاع الامنية والمجتمعية واحداث الشروخ بين الاطياف والمكونات العراقية ،وساهمت العديد منها في تميع الشباب وإغرائهم للوقوع في أحضان الرذيلة عن طريق منظمات تابعة و منقادة لجهات أجنبية تثير الريبة تتحرك كقطيع الاغنام وفق اهواء ورغبات اسيادها من خارج الحدود والشباب الذين نعوّل عليهم اليوم وقبل فوات الأوان في اتخاذ خطوات ولو بطيئة للابتعاد نسبيا عن مستنقع الفساد لكي لا يثير فينا اليأس والقنوط