23 ديسمبر، 2024 4:49 ص

المنظمات المهنية … بديل الأحزاب السياسية … في إدارة الدولة العراقية

المنظمات المهنية … بديل الأحزاب السياسية … في إدارة الدولة العراقية

القسم الأول
تدفع بي مرارة الألم والمعاناة لما أجد من المنغصات متسائلا ، هل قرأ المتنطعون ما صدر من التشريعات العراقية وما رافقها منذ تأسيس الدولة سنة 1921 ولغاية الآن ؟، ليستخلصوا بديل أدوات الفشل والفساد المؤطر بمزايدات الوطنية والنزاهة للأحزاب ، أم هم المتمسكون بكل ما أنتجته الأحزاب من وسائل وأساليب الخراب والدمار الفكري المهني ، تشبثا بأبسط وأسهل الطرق المؤدية إلى الإستحواذ على السلطة وإتخاذ القرار ، التي لا يسعى إليها ولا بها أصحاب العقول والمرؤة والإستقامة ، لعدم إنسجامها إلا مع سطحية أفكار ومصالح مجموعات الخليط غير المتجانس ، التي كان نصيبها الحرص على تفشي كل مظاهر الفشل والفساد ، بزعامة حثالة من ذوي الرؤية قصيرة المدى ، الذين لا يعنيهم الوطن ولا المواطن في شيء ، وربما يظنون أنهم لا يسألون نيابة عن أحزابهم ( الوطنية والنزيهة ) التي إليها ينتمون ويمثلون ، وإن أتت نهاية حياتهم على يد نظرائهم قتلا لا رحمة فيه ، قبل إنتهاء ما زعموا من سراب معتقدات الآفلين للناظرين ، ولو كان بعض المتشدقين برفضهم صادقين ، لتسابقوا إلى معرفة حقيقة إرتباطاتهم الدنيئة وتجنبوا الخوض فيما يجهلون ، ناهيك عن عدم الكف عن ترديد الأكاذيب والإفتراءات المتعلقة بتأريخ نضال الزيف ، أو الإعتراف بسواد صفحات تأريخهم المليء ، بجرائم تلطخ أيدي مؤيدي وأنصار وأعضاء تشكيلاتهم السرية والعلنية وميليشياتهم المسلحة ، بدماء بعضهم البعض الآخر إضافة إلى الأبرياء من ذوي الرأي المستقل من أبناء الشعب المسكين ، البائس والجريح ظلما وقهرا على مدى ما مضى من السنين ؟!، ومن ثم قيامهم بنهب وسلب مال الوطن الذي جعلوه سائبا ، وغنيمة يتقاسمونها فيما بينهم بدون حياء أو خجل من الله على أقل تقدير ؟!.

ففي مجموعة المبادئ العامة والأساسية المنظمة لسلطات الدولة ، المبينة لحقوق كل من الحكام والمحكومين ، تدعوا الدولة لرعاية الكثير من النشاطات بما يتناسب مع تأريخ العراق الحضاري والثقافي ، وتحرص على إعتماد توجهات ثقافية عراقية أصيلة . لا تطالها يد العابثين الملوثين بقاذورات التحزب والكيانات والكتل السياسية ذات النشوء المريض ، ولطالما أستعملت الثقافة للدلالة على الرقي الفكري في جميع المجالات الخاصة بالأفراد أو الجماعات ، ولكنها نظرية في السلوك المساعد على رسم طريق الحياة العامة ، بما يتمثل فيها الوجود المميز لمقومات الأمة عن غيرها من الجماعات ، بفعل ما تقوم به العقائد والقيم واللغة والمبادئ من تطبيع للسلوك ، وبذلك فهي التعبير عن مجموعة من الإتجاهات المشتركة والقيم والأهداف والممارسات التي تميز أي مؤسسة أو منظمة أو جماعة . ولا ندري أي من ذلك تحقق بعد الإحتلال ، غير الفعل المعاكس والمخالف ، المتمثل في إشاعة ثقافات القتل والإقصاء وإستصغار المقابل الآخر وإعدام كيانه من الوجود ، بإعتبارها الإستراتيجية الثقافية المعتمدة في زمن التهلكة الإنسانية ، حيث لم تمتلك الأحزاب الحاكمة ولا المجاميع المعارضة بكل صنوفها ، برنامجا ثقافيا جديدا يواكب حركة التطور الثقافي والسياسي ؟!، المنبثق من مراجعة المسلمات القديمة البالية التي يمكن إعتماد نتائجها كحل وحيد لضرورات التقدم والتطور ، ولإنتاج عقليات مفكرة تبني مشروع الدولة على أسس إدارية مدنية ، مهنية صحيحة وسليمة ، تزيل أنقاض التشكيلات السياسية البائسة ، التي أضحت عبئا كبيرا على حياة المواطن ومستقبله ، وبما لا يتناسب مع تأريخ العراق الحضاري والثقافي المعروف منذ الأزل ، وقد تعاقبت على حكمه إمبراطوريات مختلفة ، حتى أصبح العراق محكوما بإنتداب الإمبراطورية البريطانية لغاية عقد إتفاقية الإستقلال عام 1930 ، ثم تأسست جمهورية العراق في عام 1958 ، حيث سيطر على مقاليد الحكم فيه عدد من الإنقلابيين الحزبيين بشكل مباشر أو غير مباشر ، إلى حين غزو وإحتلال العراق سنة 2003 ، عندها تدهور وضع الدولة والمجتمع إلى حد ساد فيه من أساء إلى العراق أرضا وشعبا وتاريخا وحضارة وهوية عربية ، حكام مستبدون وطغاة ، سراق للمال العام ، وقائمة الوصف السيء لم ولن تنتهي عند حد معين ، ولا ندري كيف ترعى الدولة ما يتناسب مع تأريخ العراق الحضاري والثقافي ، وقد تميز حاضره بالفوضى والأرتباك الإجتماعي والإقتصادي والثقافي والسياسي ، وتقلبت آراء وأهواء شعبه في وصف حكامه ، مثلما هي عند المعارضة الجوفاء في تقييم الأشخاص أو تقويم الأداء ، وتلك من السمات البارزة للشعب في كل تفاصيلها ، المستندة إلى قول متناقل ومأثور ( لكل زمان دولة ورجال ) .