23 ديسمبر، 2024 1:08 ص

المنطقة العربية: خواتم حروب الفوضى

المنطقة العربية: خواتم حروب الفوضى

انتهت السنة الاخيرة من العقد الثاني من القرن الواحد والعشرين؛ لتفتح الطريق لسنة جديدة، بداية لعقد جديد، العقد الثالث من هذا القرن الذي سيحمل لنا الكثير من التغييرات الحازمة على جميع الصعد سواء ما كان منها محليا او اقليميا او دوليا. هذه التغييرات وبكل تأكيد؛ ستضع فصل الختام لجميع ما جرى ويجري حتى هذه اللحظة في منطقتنا العربية من خراب ودمار للأوطان والشعوب وضياع بوصلة الطريق، بعد ان اختلط حابلها بنابلها بتعدد مراكز صناعة القرار التي تعتمد على القوة العسكرية ذات الارتباط الاقليمي والدولي، على حساب الرابط الوطني الذي تراجع واختفى من مفردات الخطاب السياسي لهذه المراكز.. ففي اليمن مراكز عديده، تمتلك القوة العسكرية الضاربة والفاعلة على الارض التي تمسك بها؛ وكل منها تتدعي تمثيلها للشعب اليمني؛ في الشمال الحوثيون، المدعمون ايرانيا؛ الذين تقريبا يسيطرون على جميع اراضي جمهورية اليمن بحدودها التي كانت قائمة قبل الوحدة. وفي الجنوب قوات الانتقالي المدعمون اماراتيا، والذين يسيطرون على قسم كبير من اراضي الجنوب، بالإضافة الى قوات الرئيس هادي والتي تحظى بالدعم والاسناد السعودي. أما في سوريا فلم يكن الوضع فيها افضل من غيرها من الدول العربية التي كانت مسرحا للقوى الدولية والاقليمية، بعد التغييرات الدراماتيكية التي احدثها فيها ما سمي زورا وبهتانا بالربيع العربي وهو في حقيقته، ومن حيث، اتجاه حركته وليس خط الشروع الاول لانطلاقه؛ خراب عربي بكل ماتعني هذه الكلمة من معاني. دول (الربيع العربي) وخلال العقد الذي ودعناه قبل ايام، ليبيا، سوريا، اليمن؛ كل منها ترزح تحت ثقل القتال بين الاخوة الاعداء، وهو قتال عبثي لا يفضي وباي شكل كان الى نتيجة جدية وواضحة وبينة في الحفاظ على وحدة الوطن والشعب، وحقن دماء ابناءه بل ان العكس هو الصحيح في هذه المعادلة التي لا تمت باي صلة الى هموم الشعب وتوقه الى الحرية والانعتاق من ربقة الظلم ومصادرة العقل بتطويق حريته في التأمل والقراءة التي يتولد منها رأي وموقف بجدران الحديد، وبلواقط رجال الامن غير المرئية، بل ان ما جرى ويجري الى الان هو بالضد من هذا التوق الوطني والانساني والاخلاقي، المشروع. ان الادهى والامر في كل الذي جرى خلال العقد الذي ختمنا نهايته قبل ايام؛ هو الدمار وسفك الدماء بلا ادنى بارقة آمل ولو بضوء شحيح يزيح قليلا من ظلام هذا العقد الذي انقضى، والذي هو وفي جميع المقاييس اشد عتمة من عتمة عقود استبداد الانظمة العربية التي تم طي صحائفها من حركة التاريخ العربي، المستمر بدونها، انما المشهد السياسي في تلك الدول تتوزع تحريكه، القوى الدولية والاقليمية والبعض من الدول العربية، الامارات مثلا في ليبيا واليمن.. لصالح مشاريعها بتجنيد القوى المحلية ومدها بالمال والسلاح والاعلام وما يتصل بهذا كله في تغيب كامل لإرادة الشعب الحقيقية من خلال الاعلام وطمس الحقائق عنه، بذبح جسد الحقيقة وبعث الحياة في جسد من وهم وخديعة. بكل تأكيد ان السنوات المقبلة من هذا العقد الذي بدأ من ايام قليلة؛ سيشهد حلحلة هذه المعضلات او تسوية خنادق وانهار الدماء التي لم تزل تسيل على وجه الارض العربية في الاوطان العربية سابقة الذكر. لكن الاسئلة هنا؛ كيف يكون الحل وعلى اي طريق يكون ولمصلحة من؛ الشعوب العربية او اعداء الشعوب من عرابو هذه الحلول القادمة بلا ادنى شك خلال سنوات هذه العقد، وما هو رد الشعوب ان كان الحل بالضد من إرادتها؛ وكيف تكون توافقات القوى الدولية والاقليمية والعربية ونقصد هنا بالأخيرة؛ الدول العربية التي قبلت ان تلعب دور الوكيل عن امريكا والكيان الصهيوني، وما هو حجم المقايضات والمنافع والمصالح للقوى الاقليمية والدولية. وما دور الدول العربية المطبعة مع الكيان الصهيوني، اضافة الى الدول العربية التي تقف في طابور التطبيع بانتظار الوقت المناسب بتغيير البيئة السياسية في الاوطان العربية. بالإضافة الى ما تقدم؛ يقع العراق والقضية الفلسطينية في الصدارة لهذه الحلول التي سوف لا محال تتحول الى واقع، يتم تثبيته على ركائز متينة تمتد الى عمق الارض. العراق الذي يقف الان على حافة الهاوية في الاقتصاد والجغرافية السياسية وفعل قوى السلطة (والعملية السياسية) على ارض الواقع؛ وعلى اي الطريق سوف يسلك للخروج من هذه الغمة وما هو دور الشعب العراقي في رسم هذا الطريق الذي سينطلق من مفترق الطريق لساحة تعلب فيها القوى الدولية والقوى الاقليمية والعربية دورها في رسم طرق متعددة تنطلق من هذه الساحة، تلبية لمصالحها ومنافعها وفضاءاتها الجيو سياسية خارج جغرافية حدودها؛ هنا يكون لهذا الشعب العريق والشجاع والمغوار والغيور، الذي عرقته التجارب والاوجاع التي ساهمت مساهمة فعالة في تصليب عوده وتقوية إرادته وحسه الوطني ومجساته الكاشفة لما يخطط في الخفاء من مؤامرة يجري تدبيرها وراء الابواب المغلقه؛ على كيانه كدولة واحدة وعلى حاضره ومستقبله؛ باجتراح الطريق الوطني الخاص به، من خارج ميدان الملعب للقوى الدولية والاقليمية والعربية (وفي الأخيرة؛ المقصود انظمة الحكم العربي وليس الشعوب العربية) الذي يضمن له كوطن وكشعب؛ الخروج من هذه الحرائق التي اتت على كل جميل فيه.. انما هذا الطريق بحاجة الى الاعتماد على الناس اولا وعلى التضحيات ثانيا وعلى شجاعة الرفض لكل ما هو قبيح وشرير ثالثا وعلى وضع خارطة واضحة كل الوضوح لهذا الطريق ولجميع الناس مهما كان وعيهم وقدرتهم على الفحص والتأمل؛ لينتج عن هذا الفهم؛ رؤية معالم هذا الطريق ومحطاته النهائية.. والتحشيد الهادف؛ لانتزاع السيادة من فم الغول الامريكي.. أما في الذي يخص فلسطين الشعب، فالوضع اكثر تعقيدا واشتباكا؛ بفعل توزع المواقف بين الجهادي المناضل وبين السلطة الفلسطينية، مما اثر تأثيرا بالغا على القضية الفلسطينية. ان الولايات المتحدة الامريكية والاحتلال الاسرائيلي؛ تخططان لأبدال السلطة الفلسطينية الحالية بأخرى غيرها بحجة ان دورها قد انتهى بفعل ان الزمن وتغييراته، التي بها، قد تجاوزها. مما يستدعي احلال سلطة شابة غيرها؛ تستجيب للتغييرات والتي هي وبكل تأكيد بالضد من إرادة شعب فلسطين المجاهد والمناضل بكل ما يتيسرله من اسلحة المواجهة او يقوم هو بتخليقها بقدراته الذاتية. ان السنوات المقبلة هي من ستتلوى تقديم الاجابة لنا، سواء في الذي يخص العراق او في الذي يخص فلسطين. أما في اليمن؛ فالسؤال هنا، هل يستطيع الشعب اليمني التصدي لما يخطط له، من العودة الى تقسيمه الى دولتين، والمحافظة على وحدته. يظل هذا السؤال والاجابة عليه معلقة على متون القادمات من السنوات.. وذات الامر ينطبق بالكامل على سوريا وليبيا ولو بشكل وطريق مختلفين.. أما مصر والسودان، فالربيع فيهما، تم رسم محيط حركته على الارض، وبوابة الخروج فيه، حتى قبل بداية هذه الحركة؛ بقلم رسام ملم وخبير بتضاريس وجغرافية هذه الارض باستثمار تنوع هذه التضاريس وثراءها وعطشها لمياه الحرية وتنمية هذا الثراء وتوسع دائرته لصالحه.. بمعنى اكثر وضوحا ودقة؛ حرف مسارات هذا الربيع بما يخادم استراتيجيته..( المشروع الامريكي الصهيوني في المنطقة العربية..) الذي لا يحتاج في هذا العقد، في الدولتين سابقتا الاشارة الا الى ترسيخه… في الختام نقول ان سنوات هذا العقد؛ سترسم الشكل النهائي للمنطقة العربية وحتى الدول المجاورة لها.. وهنا يكون من واجب الواجب على الشعوب العربية وعلى الشعوب الاسلامية المجاورة لها؛ ان يكون لها دورا حاسما في التغيير، يحفظ لها حقها في الحياة الامنة والمستقرة والمحافظة على وحدة اوطانها، وعلى حقها في الحرية والتنمية والسلام.. وحيازة عوامل القوة والقدرة لصناعة قواعد سلام راسخ..