المَنْصِبُ، هو المَقَام وما يتولاه المرءُ من عمل، في المعنى التداولي للكلمة، ويعد واحداً من تصريفات لغوية، حققت صدى وراء مكتب فاره ينتصب أمام كرسي وثير.. إنه لفظ متأتٍ من مكان نَصب الخيام، الذي تفترض به الجودة والخضرة والقرب من مصادر الماء والقوة والمنعة.
بلوغ المنصب في الحاضر العراقي المأزوم، لا يأتي عن تدرج وظيفي ولا خبرة متراكمة او إستحقاق كفاءة، إنما… ولاءات تؤدي الى مواقع واسعة على من يرتقيها فيلاص في سد شواغرها.. تحف به ثغرات تكفي لتحطيمه لو لا أن حزبه يصد عنه كي يديم الفائدة، و… يظل المنصب شاغراً أما شاغله فلا يؤدي فعلاً يمت بصلة للمسؤولية التي يحملها، إنما يتمتع بإمتيازات المنصب، ويوافق على أوامر حُماتِه الفاسدين، مثل شارب ماء البحر يزيده ظمأً؛ لأن إثنين لا يشبعان طالب المال و… طالب المال.
وبهذا تحقق في العراق “النَصَب” الذي حرمته الآية الثالثة من سورة المائدة في القرآن الكريم؛ بإعتباره ذبحاً يُهَلُ به لغير الله، كعادة البشر، الذين إتخذوا القيم المثلى ذريعة تدرأ فسادهم.
أما النصب والإحتيال، فواحدة من تصريفات المكانة الوظيفية.
الإرتقاء بالمنصب يمنح شاغله هدوءاً وراحةَ بالٍ، ومسؤوليةً جسيمةً، لا يبالى بها في العراق.. إذا أردت أن تعيش ملكاً؛ فكن ذا منصب في العراق، كيف تصل الى الوظيفة، وكيف تؤدي متطلباتها؟ ليس مهماً.. ليس مهماً أداء المسؤولية! إنما إلتزام أوامر الإرادات الفاسدة التي نصبتك.
المسؤولون يخالفون تعاليم القرآن عندما تتعارض آياته مع مصالحهم “كلكم راعٍ وكلكم مسؤول عن رعيته” بينما عالمياً المسؤول.. من منصبه.. خادم لشعبه ملتزم بقوانين دولته.. نزيه الى حد التمييز بين سيارته الشخصية في الحالات الخاصة وسيارة الوظيفة عند أداء مهمات عمله.. فهل نرتقي الى هذا الصفاء من النزاهة؟ أشك ويسخر من قولي المسؤولين؛ لأن المنصب في العراق مكافأة للرفاه ومتعة وسعادة ووجاهة وفلوس وبطالة مقنعة.